أدانت الجبهة المصرية لحقوق الإنسان إحالة عشرات المحامين والمدافعين عن حقوق الإنسان إلى محاكم الجنايات بتهم تتعلق بالإرهاب، وذلك على خلفية ممارستهم لعملهم المهني والحقوقي.
ويواجه المحامون العاملون بالقضايا التي تتولى نيابة أمن الدولة العليا التحقيق فيها منذ يناير أزمة كبيرة على خلفية إحالة النيابة لمئات القضايا التي تضم آلاف المتهمين إلى المحاكمة أمام دائرتين فقط بمحكمة استئناف القاهرة مخصصتين لنظر قضايا الإرهاب، وهو ما اعتبره ثلاثة منهم تحدثوا لـ المنصة في وقت سابق "ينذر بتراكم القضايا لسنوات ودخول المتهمين في دوامة حبس مطوّل".
وقالت الجبهة المصرية، في بيان أمس، إنها رصدت إحالة ما لا يقل عن 92 محاميًا وحقوقيًا، بينهم خمس محاميات، إلى محاكم جنايات الإرهاب على ذمة 25 قضية أمن دولة عليا، مؤكدةً أن هذه الإحالات تعد "دليلًا دامغًا على استمرار سياسة الدولة في تجريم العمل الحقوقي والحق في الدفاع، وتهديدًا صريحًا لاستقلال مهنة المحاماة".
وأوضحت أن الاتهامات الموجهة لهم، أبرزها "الانضمام إلى جماعة إرهابية وتمويلها"، جاءت متطابقة مع تهم موكليهم المحبوسين على خلفية ممارسة حقهم في التجمع السلمي وحرية التعبير.
وأشار التقرير إلى أن محاضر التحريات الأمنية في عدد من القضايا "استندت صراحةً إلى قيام المحامين بواجبهم في الدفاع عن المتهمين، واعتبرت ذلك قرينةً على انتمائهم لجماعات إرهابية أو ما وصفته بمحاور حقوقية لتلك الجماعات".
وأوردت الجبهة نماذج لتلك القضايا، منها قضية المحامي والمدافع عن حقوق الإنسان إبراهيم متولي، الذي يواجه اتهامات بـ"الانضمام إلى جماعة إرهابية وتمويلها" في إطار القضية رقم 900 لسنة 2017 أمن دولة، حيث بدأت قصته بالبحث عن ابنه المختفي قسريًا، ونسبت إليه تحريات القضية أنه "يتولى مسؤولية ملف المختفين قسريًا داخل التنظيم، ويقوم بإعداد تقارير وبيانات بهدف التشهير بمؤسسات الدولة، والتواصل مع منظمات حقوقية دولية لتدويل الملف وتشويه صورة الدولة".
وأشارت الجبهة إلى إحالة تسعة محامين آخرين للمحاكمة ضمن المتهمين في القضية رقم 540 لسنة 2023 أمن دولة عليا، وذلك بسبب توليهم الدفاع عن المتهمين الأصليين فيها "إذ وُجّهت إليهم اتهامات صريحة في محاضر التحريات باعتبارهم يدافعون عن عناصر إخوانية".
كما استشهدت الجبهة بالقضية رقم 2976 لسنة 2021 المعروفة إعلاميًا بـ"قضية مجموعة مطبخنا" وهي مجموعة كانت مسؤولة عن إعداد طعام لمعتقلين سياسيين، لافتة إلى أن التحريات "عمدت" إلى وصف المحامين المتهمين بأنهم يعملون ضمن "محور حقوقي" يتولى الدفاع عن عناصر متهمة في قضايا سياسية.
تُضاف إلى هذه القائمة أيضًا، حسب الجبهة، القضية رقم 1233 لسنة 2023، التي يُحاكم فيها المحاميان الحقوقيان محمد عيسى ومحمود عادل، على خلفية عملهما في تقديم الدعم القانوني وتوثيق الانتهاكات في الجبهة المصرية لحقوق الإنسان، واعتبر عدد من المقررين الخاصين في الأمم المتحدة هذه الملاحقة "عملًا انتقاميًا مباشرًا بسبب عملهم الحقوقي وتعاونهم مع الآليات الأممية".
وحذرت الجبهة من أن هذه الممارسات تمثل "اعتداءً صارخًا" على مهنة المحاماة، وتهدف إلى "ترهيب المجتمع القانوني والحقوقي"، وتجريدهم من استقلاليتهم، خاصة في القضايا السياسية، مؤكدةً أن هذه الإحالات تأتي رغم الوعود التي حملتها "الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان" و"الحوار الوطني"، مما يؤكد استمرار الدولة في استهداف أي نشاط تفسره كمعارضة.
وطالبت الجبهة السلطات المصرية بالرفع الفوري لأسماء المحامين والحقوقيين من أوامر الإحالة، والإفراج عن المقبوض عليهم منهم، ووقف استخدام قوانين مكافحة الإرهاب في ملاحقتهم، مع فتح تحقيق مستقل في ممارسات نيابة أمن الدولة العليا.