وجّه 65 معتقلًا سياسيًا رسالة استغاثة مسرّبة إلى "الشبكة المصرية لحقوق الإنسان"، أبدوا فيها رفضهم القاطع للترحيل القسري إلى سجن الوادي الجديد، واصفين إياه بـ"سجن الموت" و"المنفى الصحراوي"، في صرخة مدوية تكشف ما يصفه حقوقيون بأنه "جانب مظلم من سجون عبدالفتاح السيسي
وفي واحدة من أجرأ العبارات التي وردت في الرسالة، قال المعتقلون: "أطلقوا النار علينا هنا، فالموت أرحم من الترحيل"، في إشارة إلى المعاناة التي تنتظرهم في سجن الوادي الجديد، والذي يُعد، بحسب شهاداتهم، نموذجًا للتنكيل الممنهج وانتهاك الكرامة الإنسانية.
ترحيل قسري رغم الاستغاثة
وبحسب الرسالة، تقدّم المعتقلون بطلب مباشر إلى ضابط الأمن الوطني في سجن "أبو زعبل 2"، مطالبين بإيقاف عملية الترحيل، ومفضلين الموت على الانتقال إلى "الوادي الجديد"، لكنهم قوبلوا برد صارم: "هذا قرار مصلحة السجون، وسيُنفذ رغماً عنكم".
وفعلًا، نُقل المعتقلون تحت إجراءات أمنية مشددة، وسط صدمة نفسية وخوف من مصيرهم القادم.
سجن الوادي الجديد.. بؤرة لانتهاك الكرامة
يقع سجن الوادي الجديد في قلب الصحراء الغربية، ويُعرف بسمعته القاتمة في أوساط السجناء والحقوقيين. ويصفه المعتقلون بأنه "منفى صحراوي غير صالح للبشر".
وبحسب الرسالة، تبدأ رحلة العذاب فور الوصول، عبر ما يُعرف بـ"التشريفة"، وهي عملية استقبال تقوم على الاعتداء الجسدي الجماعي والضرب المبرح، في انتهاك ممنهج ومتعمد لإذلال المعتقلين.
يتبع ذلك سلسلة من الانتهاكات تشمل:
- حلق الشعر والذقن قسرًا.
- تجريد المعتقلين من ملابسهم، باستثناء الداخلية.
- قضاء الحاجة في العراء أمام الزملاء وتحت أنظار الشرطة.
- منع الصلاة والوضوء داخل الزنازين.
- تخصيص زجاجة مياه واحدة يوميًا للشرب والتنظيف.
“المصفحة”.. اختناق في الزنزانة
أبرز ما ورد في الرسالة هو توصيفهم لزنزانة تُعرف بـ"المصفحة"، التي يُزج فيها بـ60 إلى 70 معتقلًا رغم أنها لا تتسع لأكثر من 20 شخصًا.
الزنزانة تفتقر لأبسط مقومات الحياة:
- لا تهوية.
- لا إضاءة.
- لا مياه صالحة.
- انتشار للحشرات والقوارض.
- طعام لا يسدّ رمقًا وغالبًا يكون فاسدًا.
عنابر الجحيم
ويُقسَّم المعتقلون لاحقًا إلى ثلاثة عنابر:
- عنبر 3: خليط من معتقلين سياسيين وجنائيين.
- عنبر 4: خاص بالسياسيين، ويوصف بأنه الأكثر قسوة، حيث تُمنع زيارات التريض والشراء من الكافتيريا، ويُحرم النزلاء من إدخال الملابس أو استخدام السخانات.
- عنبر 8: يُسمح فيه بالتريض، لكن بطريقة عقابية، حيث يُخرج المعتقلون في ذروة حرارة الصيف فرادى، دون تواصل أو تفاعل.
“الدواعي” و”عنبر التأديب”.. الموت البطيء
تشير الرسالة إلى أن من يخرج من “المصفحة” لا ينجو، بل يُودَع في “الدواعي”، وهي زنزانة لا تقل قسوة. وفي حالة العقاب الشديد، يُرسل المعتقل إلى عنبر التأديب، والذي يُعد "محرقة صامتة".
وفيه:
- يحتجز السجين شبه عارٍ طوال العام.
- يُجبر على الوقوف القسري يوميًا.
- يُلقى له طعام غير صالح على الأرض.
- يُمنع من الاستحمام أو النوم الكافي.
وفيات وانتحار بسبب اليأس
وثّق المعتقلون في رسالتهم عددًا من الوفيات داخل السجن، بينهم:
- محمد زكي.
- طارق أبوالعزم.
- حسام أبوالعباس.
كما تحدّثوا عن مئات محاولات الانتحار، نتيجة الظروف اللا إنسانية وانعدام الأمل، في ظل غياب أي رقابة حقيقية أو مساءلة للمسؤولين عن هذه الانتهاكات.
مصادرة الكرامة.. حتى المصاحف تُمنع
تشير الرسالة إلى حملات تفتيش دورية من قبل القوات الخاصة، يتم خلالها:
- تقييد المعتقلين من الخلف.
- تغطية أعينهم وإجبارهم على الوقوف باتجاه الحائط.
- مصادرة متعلقاتهم من كتب ومصاحف وطعام وملابس.
- إتلاف الممتلكات الخاصة عمدًا، دون سبب.
مطالب المعتقلين: "نحن بشر.. لا ترحلونا إلى المقصلة"
في ختام الرسالة، يناشد المعتقلون السياسيون الجهات المعنية بوقف عمليات الترحيل القسري إلى سجن الوادي الجديد، والمطالبة بنقلهم إلى سجون أقرب لأسرهم، تتوفر فيها الحد الأدنى من المعايير الآدمية.
ووجّهوا نداءً عاجلًا إلى منظمات حقوق الإنسان المحلية والدولية، للتحقيق في هذه الانتهاكات التي ترقى إلى جرائم تعذيب ممنهج وانتهاك للدستور والقانون الدولي لحقوق الإنسان.