بينما لا يزال دخان الكراهية يتصاعد من مسجد في ضواحي باريس، إثر هجوم عنصري جديد استهدف تمزيق المصاحف وتدنيس أماكن العبادة، تتجه أصابع الاتهام لا إلى اليمين المتطرف الفرنسي فحسب، بل إلى مموليه والمحرضين عليه من خلف الكواليس. الحادثة الأخيرة ليست "عملاً فردياً" معزولاً، بل هي ثمرة سامة لشجرة خبيثة زرعها وسقاها بمال النفط نظام عربي يُفترض به حماية الإسلام، لكنه اختار أن يكون "رأس الحربة" في الحرب عليه. إنها الإمارات العربية المتحدة، التي باتت تلعب دور "المقاول" الأول لتصدير الإسلاموفوبيا إلى أوروبا، محولةً مساجد المسلمين في الغرب إلى أهداف مشروعة لمتطرفين يتغذون على دعاية "أبوظبي" السوداء.

 

تدنيس المصاحف: رسالة كراهية بتمويل مشبوه

 

الهجوم الأخير على مسجد وجمعية تابعة للمسلمين في فرنسا، وتمزيق المصاحف بداخله، يمثل تصعيداً خطيراً في حرب الرموز. لم يعد العداء موجهاً لأشخاص، بل للمقدسات ذاتها. وبينما يكتفي وزير الداخلية الفرنسي بتغريدات "قلق" روتينية، يتجاهل الجميع المحرك الأساسي لهذه الموجة. التقارير الاستقصائية كشفت عن ضلوع الإمارات في تمويل شبكات ومراكز أبحاث أوروبية متخصصة في شيطنة المسلمين، وربط كل ما هو إسلامي بالإرهاب. هذا الخطاب الذي مولته الإمارات بملايين الدولارات هو الذي منح الشرعية الأخلاقية والسياسية للمتطرفين الفرنسيين ليقتحموا المساجد ويدنسوا القرآن، وهم يشعرون بأنهم "يحمون أوروبا" من "الخطر الإسلامي" الذي حذرت منه الإمارات نفسها!.

 

أبوظبي واليمين المتطرف: تحالف الشيطان

 

لم يعد سراً أن الإمارات نسجت شبكة علاقات معقدة مع أحزاب اليمين المتطرف في أوروبا، بما في ذلك حزب "التجمع الوطني" الفرنسي. الهدف المعلن هو "محاربة الإسلام السياسي"، لكن النتيجة الحقيقية هي محاربة الوجود الإسلامي برمته. من خلال تمويل حملات إعلامية ولوجستية، ساهمت الإمارات في صعود تيارات سياسية ترى في المسلم الأوروبي "عدواً داخلياً". المال الإماراتي لم يكتفِ بشراء نفوذ سياسي، بل اشترى "أقلاماً" و"أصواتاً" تروج ليل نهار بأن الإسلام لا يتوافق مع قيم الجمهورية، مما خلق بيئة حاضنة للعنف ضد كل ما يمت للإسلام بصلة.

 

الحرب النفسية: صناعة "الخوف" من المسلم

 

الإمارات لا تحارب المسلمين بالسلاح في أوروبا، بل تحاربهم بسلاح أخطر: "الهندسة النفسية". عبر تمويل دراسات ومؤتمرات مشبوهة، نجحت أبوظبي في ترسيخ صورة نمطية للمسلم كـ "إرهابي محتمل". هذه الصورة هي التي تدفع المواطن الفرنسي العادي للنظر بريبة إلى جاره المسلم، وتدفع المتطرف لحرق المسجد. إنها استراتيجية خبيثة تهدف إلى عزل المسلمين مجتمعياً، ودفعهم إما للتخلي عن هويتهم أو الانعزال في "غيتوهات" تسهل استهدافهم لاحقاً. الإمارات، بهذا الدور، تمارس عملية "تهجير روحي" للمسلمين، تجعلهم غرباء في أوطانهم.

 

صمت أوروبا وتواطؤ المصالح

 

المثير للسخرية والمرارة هو الصمت الأوروبي الرسمي على هذا الدور التخريبي. فرنسا التي تتشدق بالعلمانية وحقوق الإنسان، تغض الطرف عن التدخل الإماراتي في شؤونها الداخلية، طالما أن هذا التدخل يأتي مصحوباً بصفقات سلاح واستثمارات مليارية. الحكومات الأوروبية، وعلى رأسها باريس، باتت شريكة في الجريمة بصمتها عن "الممول"، واكتفائها بملاحقة "المنفذ" الصغير. إن دماء المسلمين وكرامتهم باتت العملة التي تدفع بها أوروبا ثمن علاقاتها الاقتصادية مع أبوظبي.

 

خلاصة: العدو يأتي من "الداخل" العربي

 

إن ما يحدث لمساجد فرنسا اليوم هو جرس إنذار مدوٍ: الخطر على مسلمي الغرب لا يأتي فقط من العنصرية البيضاء، بل يأتي مدعوماً وممولاً من "ذوي القربى". الإمارات التي تقدم نفسها كواحة للتسامح في الشرق، تمارس أبشع أنواع التحريض الديني في الغرب. المسلمون في أوروبا اليوم يواجهون تحالفاً غير مقدس بين "تطرف اليمين" و"مال النفط"، وهو تحالف يهدف إلى اقتلاع الإسلام من القارة العجوز. وإذا لم يستيقظ مسلمو أوروبا والعالم لهذا المخطط، فإن حرق المصاحف اليوم قد يكون مجرد مقدمة لحرق ما هو أغلى غداً.