أثار إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن خطته لإدارة قطاع غزة، والتي تتضمن تهجير أكثر من مليوني فلسطيني خلال عملية إعادة الإعمار، غضبًا واسعًا في العالم العربي، لا سيما في الأردن ومصر، اللتين تعهّد ترامب بأنهما ستستقبلان اللاجئين الفلسطينيين رغم رفضهما القاطع لهذه الفكرة.
الاحتلال الصهيوني يأخذ الفكرة على محمل الجد
أمر وزير الدفاع الصهيوني يوآف جالانت القوات المسلحة بالعمل على خطة "المغادرة الطوعية" لسكان غزة، وهو مصطلح يُستخدم لتبرير التهجير القسري.
من جانبه، أشاد رئيس وزراء الاحتلال الصهيوني بنيامين نتنياهو بالخطة، واصفًا إياها بأنها "فكرة رائعة".
لكن الباحث جلال الحسيني، من المعهد الفرنسي للشرق الأدنى في عمان، قال إن أي مخطط لنقل أعداد كبيرة من الفلسطينيين من غزة سيُواجه برفض عربي واسع النطاق.
وتابع الحسيني: "الدول العربية تعارض بشدة أي توطين للفلسطينيين خارج وطنهم، وهذه سياسة ثابتة منذ عام 1967".
وأشار إلى أن فكرة تهجير الفلسطينيين إلى الأردن ليست جديدة، حيث طالما دعا قادة حزب الليكود إلى جعل الأردن "الوطن البديل" للفلسطينيين، مما قد يدعم مزاعمهم التاريخية بأن "الأردن هو فلسطين".
أما مصر، فقد رفضت استقبال اللاجئين الفلسطينيين منذ بداية الحرب، حيث رفض رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي الضغوط الأمريكية لفتح الحدود عبر معبر رفح، بل ونظّمت الحكومة مظاهرات رسمية لرفض أي محاولات لإفراغ غزة من سكانها.
الأردن ومصر في مواجهة ضغوط أمريكية
على الرغم من الرفض القاطع من عمان والقاهرة، فإن البلدين يعتمدان بشكل كبير على المساعدات الأمريكية: الأردن يحصل على 1.45 مليار دولار سنويًا من المساعدات الأمريكية ومصر تتلقى 1.3 مليار دولار سنويًا كمساعدات عسكرية، بالإضافة إلى أكثر من 50 مليار دولار منذ اتفاقية السلام مع إسرائيل عام 1979.
ويرى الخبراء أن الولايات المتحدة قد تلجأ إلى استخدام نفوذها المالي للضغط على البلدين للموافقة على استقبال اللاجئين الفلسطينيين.
ورأى الحسيني أن "المساعدات الأمريكية هي إحدى الأدوات التي يمكن استخدامها لإقناع الأردن بقبول عدد معين من الغزاويين".
لكن كلا البلدين لديهما مخاوف أمنية واقتصادية كبيرة من أي موجة جديدة من اللاجئين الفلسطينيين، خاصة أن الأردن يستضيف أصلًا أكثر من مليون لاجئ فلسطيني، بينما تعاني مصر من أزمة اقتصادية خانقة مع ديون خارجية تجاوزت 152 مليار دولار.
هل يمكن أن ينجح ترامب في فرض خطته؟
رغم الضغوط الأمريكية المحتملة، فإن الموقف الرسمي لكل من مصر والأردن لا يزال رافضًا بشدة لأي تهجير قسري للفلسطينيين.
كما أن تنفيذ خطة ترامب قد يؤدي إلى تداعيات كارثية على الاستقرار الإقليمي، ويهدد بتصعيد الغضب الشعبي ضد الحكومات العربية التي قد تُجبر على التعاون مع واشنطن.
يظل السؤال مفتوحًا: هل ستتمكن مصر والأردن من الصمود أمام الضغوط الأمريكية، أم أن المصالح الاقتصادية والسياسية ستدفعهما إلى تقديم تنازلات؟