في وقت سابق من هذا الشهر قررت إدارة بايدن الموافقة على منح 320 مليون دولار من المساعدات العسكرية لمصر – وهي الحزمة التي كانت مشروطة في السابق بتحسين قضايا حقوق الإنسان في البلاد، لكن وحسب تقارير حقوقية، ما لم يتدخل الكونغرس، فإن هذه الحزمة سترفع المبلغ الإجمالي من واشنطن إلى القاهرة هذا العام إلى 1.3 مليار دولار، وبالتالي تمويل أكبر لنظام ينتهك حقوق الإنسان بلا هوادة. أخطرت الإدارة الكونغرس بهذه الخطوة يوم الأربعاء، بعد أن استخدم وزير الخارجية أنتوني بلينكن سلطته للموافقة على رفع الحظر عن هذه الأموال ومنحها للسيسي، وحسب مستندات حكومية، يشمل المبلغ جزءًا بقيمة 95 مليون دولار يتطلب شهادة خاصة لأنه كان مشروطًا بـ “تقدم واضح وثابت” فيما يتعلق بالإفراج عن السجناء السياسيين في مصر، ورغم أن واقع حقوق الإنسان في مصر لم يشهد أي تحسن، فإن المساعدات الأمريكية ستصل إلى السيسي دون أي نقصان. في بيان لها، وصف مركز ديمقراطية الشرق الأوسط، وهي مجموعة حقوقية مقرها واشنطن، القرار بأنه “خيانة” من جانب إدارة تعهدت بجعل حقوق الإنسان محورية للعلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة ومصر. وقال مركز ديمقراطية الشرق الأوسط، وهو مجموعة حقوقية مقرها واشنطن، “لذلك ندعو الكونجرس، كما فعل في العامين الماضيين، إلى الوفاء بواجبه الرقابي، وحجب المبلغ كله، والبالغ 320 مليون دولار، ما لم يقدم النظام أدلة على الالتزام بمعايير حقوق الإنسان”. وتابع “على الأقل، يجب على الكونغرس حجب 95 مليون دولار، والتي قررت الإدارة بلا أساس وبلا مبرر أن الحكومة المصرية أحرزت “تقدماً واضحاً ومتسقاً” في إطلاق سراح المعتقلين وتوفير الإجراءات القانونية الواجبة لهم”. سابقة في الكونغرس في مثل هذا الوقت من العام الماضي، حجب بن كاردين، رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، 235 مليون دولار من التمويل العسكري لمصر بسبب نفس المخاوف. وفي العام الذي سبقه، حجب السيناتور المتقاعد باتريك ليهي – مبتكر قانون ليهي الذي يجعل من غير القانوني تمويل الوحدات العسكرية المتهمة بانتهاكات حقوق الإنسان في الخارج – منح 75 مليون دولار لمصر. من جانبه، قال متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية لميدل إيست آي إن رفع الحظر عن الأموال “مهم لتعزيز السلام الإقليمي ومساهمات مصر المحددة والمستمرة في أولويات الأمن القومي الأمريكي، وخاصة لإتمام اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، وإعادة الرهائن إلى ديارهم، وزيادة المساعدات الإنسانية للفلسطينيين المحتاجين، والمساعدة في وضع نهاية دائمة للصراع بين إسرائيل وحماس”. وأضاف المتحدث أن القرار يعكس “الدور الحاسم” لمصر في تعزيز وقف إطلاق النار في السودان ومساعدتها الإنسانية للشعب السوداني. وعندما سُئل عن التغييرات في مصر التي دفعت إلى اتخاذ القرار، قال المتحدث لميدل إيست آي إن موافقة بلينكن تُعتبر “اعتراف بالخطوات التي اتخذها نظام السيسي بالفعل: تقديم مشروع قانون لإصلاح الاحتجاز السابق للمحاكمة وقانون العقوبات الأوسع نطاقًا لاعتماده من قبل البرلمان، والإفراج عن أكثر من 950 سجينًا سياسيًا منذ سبتمبر 2023، وإنهاء حظر السفر وتجميد الأصول المرتبطة بالتمويل الأجنبي للمنظمات غير الحكومية”. مصر “فشلت” في الاختبار في ذات السياق، قال اثنان من الديمقراطيين من حلفاء بايدن في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ إنهما قلقان بشأن التصديق على مبلغ 95 مليون دولار لمصر، وكتبا في بيان مشترك أن الحكومة المصرية “فشلت في هذا الاختبار”. وقال السناتوران كريس مورفي وكريس كونز: “خلال العام الماضي، مقابل سجين سياسي أفرجت عنه مصر، سجنت مصر اثنين آخرين… ومن بين الآلاف والآلاف من السجناء السياسيين الذين استمرت الحكومة في رفض إطلاق سراحهم اثنان من المقيمين الدائمين القانونيين في الولايات المتحدة، حسام خلف وصلاح سلطان”. وصفت جماعات حقوق الإنسان اعتقال خلف وسلطان بأنه “تعسفي” و”يشبه خطفه كرهينة”، ولطالما حثت عائلاتهم، المقيمة في الولايات المتحدة والتي يحمل بعض أفرادها الجنسية الأمريكية، البيت الأبيض على تناول قضيتهم. في تعليقه على هذا القرار، قال الباحث الحقوقي في منظمة الديموقراطية الآن للعالم العربي رائد جرار “إنه وهم كبير أن تصدق الولايات المتحدة أنها قادرة على استخدام مساعداتها العسكرية كوسيلة ضغط على الأنظمة الدكتاتورية والأنظمة المستبدة لتحسين نفسها… تصديق ذلك هو مجرد مزحة… ليس هناك طريقة أمام السيسي لإصلاح السيسي. وليس هناك طريقة أمام نتنياهو لإصلاح نتنياهو. هذه الأشياء لن تحدث”.