تواجه المنشآت الطبية في قطاع غزة المدمر والمحاصر بسبب الحرب خطر التوقف الكامل عن تقديم حتى الخدمات المحدودة التي لا تزال قادرة على توفيرها، نتيجة لانقطاع الكهرباء والنقص الحاد في الوقود اللازم لتشغيل المولدات الكهربائية. 
هذا الوضع يثير قلقاً إضافياً على حياة سكان القطاع البالغ عددهم 2.4 مليون نسمة، والذين يعانون بالفعل من أزمة إنسانية حادة، وأثار النزوح المتكرر والأمراض.
الظلام
يهيمن الظلام على أروقة مستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا بشمال قطاع غزة، ولا تخرقه سوى أضواء خافتة من هواتف نقالة أو أجهزة تعمل على ما تبقى من بطاريتها، في ظل نقص حاد في الوقود.
أخرجت الحرب الإجرامية لجيش الاحتلال الإسرائيلي المتواصلة منذ أكثر من عشرة أشهر على قطاع غزة، العديد من مستشفيات القطاع المحاصر عن العمل. أما تلك التي بقيت قيد الخدمة، فتقدّم خدمات محدودة في ظل النقص الحاد في مختلف حاجياتها.
وفي "كمال عدوان" فوجئ أيمن زقوت الذي نقل إلى المستشفى بعد معاناته المغص الكلوي، بأن الأطباء وأفراد الطاقم الطبي يضطرون إلى استخدام مصابيح هواتفهم النقالة لكتابة التقارير الطبية، أو حتى قراءة بيانات الأجهزة القليلة التي لا تزال تعمل بما توفر من طاقة الشحن.
ومنذ بدء العدوان، أعلنت إسرائيل تشديد حصارها المفروض منذ أعوام على قطاع غزة، وقطعت إمدادات الكهرباء. كذلك توقفت محطة إنتاج الطاقة الكهربائية الوحيدة في غزة عن العمل. وتدخل شاحنات الوقود بكميات قليلة إلى القطاع، حالها كحال بقية المساعدات الإنسانية التي تؤكد المنظمات الدولية أنها تبقى دون حاجات السكان.
ويبقى مستشفى كمال عدوان ملجأً أخيراً على صعيد الطاقة، وإن كان محدوداً. ويوضح أبو عمشة: "لا نستطيع تشغيل الطاقة الشمسية إلا عند وقوع الإصابات والمجازر الحرجة جراء الاستهداف الصهيوني. الطاقة الشمسية لا تستطيع أن تكفي المرضى 24 ساعة في ظل هذا الانقطاع في الكهرباء". يضيف أن الأجهزة "متوقفة. البطارية لم يعد يتوافر فيها شحن. لدينا أطفال خدّج ورضّع، ما ينذر بوقوع كارثة"، مشيراً إلى أن "الأطفال الموجودين داخل هذه الحضانات مهددون بتوقف القلب ومفارقة الحياة. العناية المركزة أيضاً للأطفال فيها سبع حالات، هؤلاء سيموتون نتيجة توقف الوقود ونقصه".
وبحسب أرقام الأمم المتحدة، يعاني سكان القطاع من نقص حاد في الخدمات الطبية، إذ إنّ 16 مستشفى فقط لا يزال قادراً على العمل وبشكل جزئي حصراً. وتؤكد وزارة الصحة في غزة أنّ نقص الوقود يهدد أيضاً مهمة سيارات الإسعاف بالغة الأهمية خلال الحرب التي تسببت باستشهاد أكثر من 40 ألف شخص وإصابة 93 ألفاً، بحسب أرقام الوزارة.
استمرار القصف
وإضافة إلى نقص الموارد، تواجه المستشفيات ومرضاها والجرحى الذين يسقطون يومياً، مخاطر أخرى تتعلق خصوصاً بالقصف الإسرائيلي والمعارك.
وأطلقت وزارة الصحة في غزة هذا الأسبوع نداء بشأن «مئات المرضى» في مستشفى «شهداء الأقصى» في مدينة دير البلح وسط القطاع «في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة واقتراب عملياته العسكرية من محيط المستشفى». وناشدت «المؤسسات الدولية والأممية ذات العلاقة اتخاذ ما يلزم لحماية المستشفى والطواقم الطبية والمرضى الموجودين بداخله، في الوقت الذي لا يوجد أمام الوزارة أي خيارات أو بدائل أخرى».