أصدرت المحكمة الإدارية العليا حكمًا قضائيًا حديثًا، قضت فيه بوقف وتعليق دعوى أقامها مواطن لإثبات تغيير ديانته من المسيحية للإسلام ببطاقة رقمه القومي، لحين فصل المحكمة الدستورية العليا في دعوى متداولة أمامها منذ عام 2008 حول دستورية المادة التي تجيز تغيير الديانة بقانون الأحوال المدنية.

وتجيز المادة 47 من قانون الأحوال المدنية تغيير بيانات الأحوال المدنية المتعلقة بالزواج أو بطلانه أو التصادق أو الطلاق أو التطليق أو التفريق الجسماني أو إثبات النسب، بناءً على أحكام أو وثائق صادرة من جهة الاختصاص.

إلا أن المحكمة أكدت أن هذه المادة متداول بشأن مدى دستوريتها دعوى أمام المحكمة الدستورية العليا لم يتم الفصل فيها منذ عام 2008، موضحة أن الفصل في الدعوى الحالية يستلزم حسم المحكمة الدستورية العليا لمدى دستورية المادة المعروضة عليها.

ومن شأن ذلك الحكم، الذي أودعت المحكمة حيثياته في 15 يوليو الجاري، أن يعلق كل الطلبات الخاصة بإثبات تغيير الديانة في بطاقات الرقم القومي، انتظارًا لصدور حكم المحكمة الدستورية

حيث استندت المحكمة الإدارية في حيثياتها لقانون المرافعات المدنية والتجارية الذي يجيز لها وقف هذا النوع من الدعاوى تعليقيًا حتى يتم الفصل في مسألة أولية أخرى يتوقف عليها الحكم.

وحسب وقائع الحكم، التي نشرها موقع “المنصة” بدأت أزمة المواطن الصادر الحكم في دعواه، بعد رفض مصلحة الأحوال المدنية تغيير بيانات خانة الديانة ببطاقة رقمه القومي من مسيحي إلى مسلم، رغم تأكيده أنه اعتنق الإسلام في 21 يونيو 2021 وتقديمه شهادة بذلك من لجنة الفتوى بمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر.

وأقام المواطن المتضرر دعوى أمام محكمة القضاء الإداري، طالب فيها بإلزام مصلحة الأحوال المدنية بمنحه بطاقة جديدة ثابت بها تغيير الديانة، وفي 24 سبتمبر/أيلول 2023 استجابت المحكمة لطلبه وألزمت المصلحة بمنحه تلك البطاقة، استنادًا إلى أنه قدم شهادة من الجهة المختصة تفيد باعتناقه الإسلام، ومن ثم فقد صار مسلمًا، وهو ما لم تنكره مصلحة الأحوال المدنية، حسب حيثيات الحكم.

واعتبرت محكمة القضاء الإداري أن امتناع المصلحة عن إصدار البطاقة الجديدة قرار مخالف للقانون، مؤكدة أنه “كان يتعين عليها بعد أن ثبت لها من الوثائق صحة بيان تلك الديانة أن تقوم بقيده دون تقدير منها في ذلك، ما دامت قد توافرت موجبات ذلك”.

ويُظهر حكم الإدارية العليا أن وزارة الداخلية لم ترتضِ بحكم القضاء الإداري، وأقامت عبر هيئة قضايا الدولة طعنًا عليه، طالبت فيه بإلغائه والقضاء مجددًا بعدم قبول الدعوى، استنادًا إلى أنه لا يوجد قانون ما يلزمها بإثبات تغيير ديانة المدعي ببطاقة رقمه القومي.

وإزاء ذلك ارتأت المحكمة الإدارية العليا، أن الفصل في هذه المسألة متوقف على حسم المحكمة الدستورية العليا للطعن المنظور أمامها على دستورية ما ورد بالمادة 47 من قانون الأحوال المدنية من جواز تغيير الديانة دون ضابط أو قيد.

وكانت محكمة القضاء الإداري أصدرت حكمًا في 4 مارس/آذار 2008 بإحالة المادة 47 من قانون الأحوال المدنية للمحكمة الدستورية العليا، للفصل في مدى دستورية ما تضمنته من جواز تغيير الدين بلا ضابط أو قيد، التي ارتأت أنه يتصادم مع نص المادة الثانية من الدستور التي تقضي بأن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع.

وصدر ذلك الحكم الذي اطلعت عليه المنصة، في دعوى أقامها مواطن سبق له تغيير ديانته من المسيحية للإسلام ثم عاد بعدها وأراد تغيير ديانته للمسيحية مرة أخرى، وارتأت المحكمة وقتها أن “إجازة قانون الأحوال المدنية تغيير بيانات الديانة بشكل مطلق يخالف مبادئ الشريعة الإسلامية التي تحظر الارتداد عن الإسلام إلى دين سماوي آخر أو غيره من المعتقدات والأفكار”.