عن عمر يناهز 77 عاماً، توفي في 21 يوليو 2024، اللواء محمد أحمد فريد التهامي، رئيس المخابرات العامة، ورئيس هيئة الرقابة الإدارية، ورئيس المخابرات الحربية، بعد صراع مع المرض وكان يُنظر إلى تهامي بأنه المرشد والمُلهم للفريق عبد الفتاح السيسي.

وُلد التهامي عام 1947، وتخرج فريد التهامي من الأكاديمية العسكرية المصرية في القاهرة عام 1967. وحضر العديد من الدورات التدريبية بما في ذلك دورة القيادة العامة والأركان. وخلال مسيرته العسكرية خدم في مناصب قيادية في سلاح المشاة، حتى أصبح قائد تشكيل تكتيكي. ثم عُين مديراً للمخابرات الحربية والاستطلاع‏ بوزارة الدفاع.

وفي 2004 عينه محمد حسني مبارك، رئيساً هيئة الرقابة الادارية، وذلك بناءً على ترشيح المشير محمد حسين طنطاوي، وجرى التجديد له من قبل حسني مبارك 4 مرات، ومن المشير للمرة الخامسة.

فاسد متستر 

وعقب ثورة 25 يناير، خرجت دعوات من بعض القوى والحركات الثورية تطالب بضرورة تطهير الهيئة، متهمين التهامي بالتستر على جرائم مبارك ورجاله، كما أفادت تقارير بأنه كان يخفي أدلة تدين الرئيس السابق حسني مبارك. وأنه كان يسعى وحفاظًا على المنصب لأطول فترة ممكنة من خلال إقصاء وإبعاد الهيئة عن دورها الرئيسي في مكافحة الفساد والمفسدين.

لتبدأ بعدها نيابة الأموال العامة تحقيقاتها مع محمد فريد التهامي، بتهمة التستر على رموز النظام السابق، وواتهم بعدم تقديم التحريات اللازمة حول ممتلكات الرئيس المخلوع مبارك، وتعمد تقديم معلومات مغلوطة، وكذلك الإهمال والتباطؤ في التحقيق بوقائع الفساد، ما أدى إصدار الرئيس محمد مرسي قرار بإقالة التهامي وتعيين محمد عمر وهبي هيبة بدلأ منه.

وعقب انقلاب 30 يونيو، وفي 5 يوليو 2013 أصدر المؤقت عدلي منصور قرار بحل مجلس الشورى وإقالة مدير المخابرات محمد رأفت شحاتة وتعيينه مستشار أمني لرئيس الجمهورية، وتعيين اللواء محمد أحمد فريد مدير للمخابرات العامة.

وبعد تعينه اختفت تهم الفساد التي كانت قد انتشرت ضد فريد. وبحسب خبراء، فإن فريد التهامي كان معارضاً شرساً لأي مصالحة مع الإخوان المسلمون أو الإسلاميين، وأن عودته تشير إلى "استعادة" النظام القديم، والدولة العميقة، لزمام البلاد كما كان الأمر قبل ثورة 25 يناير. في ديسمبر 2014 أعفى عبد الفتاح السيسي رئيس جهاز المخابرات العامة اللواء محمد فريد التهامي من منصبه وكلف النائب الأول له، اللواء خالد فوزي، بالقيام بمهام رئيس الجهاز. وقال مسؤولون إن "إعفاء" اللواء التهامي من منصبه جاء لأسباب صحية.

الملف الأسود ل"التهامي"
ومنذ تأسيس جهاز المخابرات المصرية العامة على يد السي آي إيه في العام 1954 بقيادة زكريا محيي الدين رجل الملفات السوداء في عهد جمال عبد الناصر، وتعيين رؤساء الجهاز الذي يخضع مباشرة لسلطة رئيس الجمهورية يأتي من الخارج، وتحديدا من خريجي الكلية الحربية الأكثر ولاء للرئيس، لأسباب عديدة من أهمها أن طموحات ضباط الجهاز في أعلاها هي الوصول إلى مرتبة وكيل الجهاز وأن تبقى قبضة رئيس الجمهورية على الجهاز دائمة حتى لا يتمكن أي ضابط في الجهاز من صناعة لوبي داخل الجهاز يتحكم به.

لكن الرئيس محمد مرسي كان أول من كسر هذه الصيغة وعين للمرة الأولى رئيسا للجهاز من داخله هو اللواء رأفت شحاتة، لكن العجيب أن القرار الثاني أو الثالث من قرارات السيسي عبر رئيس المحكمة الدستورية الذي وضعه على رأس الانقلاب كان إقالة اللواء رأفت شحاتة وتعيين اللواء محمد فريد التهامي رئيسا للجهاز، ورغم أن هذا القرار كان في زحمة الانقلابات وقرارات أخرى كثيرة ومذابح وجرائم ارتكبها الانقلابيون بحق الشعب فلم يقف عنده كثير من الناس حتى فجرت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية الأمر بخبر رئيسي في 30 أكتوبر الماضي كان عنوانه السيسي وضع جنرالا فاسدا على رأس المخابرات العامة.

وقال التقرير إن التهامي هو أحد رموز الفساد والرجل المسؤول عن طمس أي دليل على الفساد الحكومي في نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك.

وأضافت انه بعد عام من سقوط نظام مبارك بدأ اللواء التهامي يواجه سيلا من الاتهامات بالتستر على وقائع فساد حكومي ومحسوبية لسنوات عديدة في ظل نظام مبارك مما دفع الرئيس محمد مرسي لفصله على الفور من منصبه كمدير لهيئة الرقابة الإدارية، وتم تحويله للنيابة حتى تبدأ التحقيق معه وبعد أن امتلأت الصحف والقنوات التليفزيونية بالأخبار عن فساده وظن الجميع أن حياة الرجل المهنية قد انتهت بفضيحة مخزية وأنه قد يقضي باقي حياته بين جدران السجون إذا بالجميع يفاجأ بأن التهامي يعود مرة أخرى إلى السلطة في منصب أكثر نفوذا وتأثيرا من ذي قبل حيث وضعه صديقه عبد الفتاح السيسي مديرا للمخابرات العامة أحد أخطر وأهم المناصب في البلاد.

ونقلت «نيويورك تايمز» في تقريرها نقلا عن مصادر داخل الحكومة المصرية أن التهامي كان من أوائل الداعمين للسيسي في حملة القمع التي استخدمها ضد الشعب، ونقلت الصحيفة عن دبلوماسي غربي أن اللواء التهامي تميز بأنه أبرز دعاة حملة القمع الأمنية التي جرت وأكثرهم تأثيرا وهو الأكثر تشددا ضد ثورة يناير 2011 وأنه لم يخضع لأي نوع من أنواع الاصلاح النفسي، والعجيب أنه بعد الإطاحة بمرسي تبخرت التهم الموجهة للواء التهامي وتبخرت تحقيقات النيابة وتربع الرجل على رأس أحد أهم الأجهزة في الدولة.