قال المتحدث العسكري، اليوم الاثنين، إن القوات المسلحة المصرية تجري تحقيقًا بواسطة الجهات المختصة حيال حادث إطلاق النيران في منطقة الشريط الحدودي في رفح، ما أدى إلى استشهاد أحد العناصر المكلفة بالتأمين، وفقًا لوسائل إعلام محلية.

البيان المقتضب للمتحدث العسكري جاء بعد أكثر من ساعتين، على حديث وسائل إعلام عبرية عن اشتباكات بين جنود مصريين وإسرائيليين في معبر رفح، أسفرت عن استشهاد جندي مصري.

وقالت وسائل إعلام عبرية اليوم إن حادثًا غير عادي سجل في الجانب الفلسطيني في معبر رفح، وإن اشتباكًا وقع بين الجنود المصريين والإسرائيليين “أسفر عن مقتل جندي مصري” بحسب هيئة البث الإسرائيلية، فيما تحدثت وسائل إعلام عبرية عن “مقتل جنديين مصريين وإصابة آخر”، وفقًا لصحيفة "القدس".

وفي وقت سابق اليوم، قال الجيش الإسرائيلي إنه يحقق في تقارير عن تبادل لإطلاق النار بين جنود إسرائيليين ومصريين قرب معبر رفح الحدودي مع غزة.

وأضاف الجيش في بيان “قبل ساعات قليلة (اليوم الاثنين)، وقع حادث إطلاق نار على الحدود المصرية. الحادث قيد المراجعة، وهناك مناقشات جارية مع المصريين”.

وادعت إذاعة الجيش الإسرائيلي عدم وقوع إصابات إسرائيلية في حادث تبادل إطلاق النار.

وبدورها، قالت هيئة البث العبرية الرسمية إن “تبادل إطلاق النار بين جنود الجيش الإسرائيلي والقوات المصرية على معبر رفح، أدى إلى مقتل جندي مصري”.

ومن جهتها، وصفت القناة 12 العبرية الحادثة عند معبر رفح اليوم أنها “غبر عادية”.

وأشارت أيضًا إلى أن تبادل إطلاق النار “أدى إلى مقتل جندي مصري، بينما لم تقع أي إصابات في صفوف جنود الجيش الإسرائيلي”.

وفي وقت سابق، قالت القناة الـ13 الإسرائيلية إن الرقابة العسكرية تفرض حظر النشر على حادثة معبر رفح، مؤكدة أن الجيش الإسرائيلي لا يزال متمركزًا في محور فيلادلفيا قرب الحدود المصرية.

سياق الحادث

يأتي هذا الحدث في سياق توتر في العلاقات بين القاهرة وتل أبيب، منذ اجتياح إسرائيل وسيطرتها على الجانب الفلسطيني من المعبر ما أدى إلى توقف حركة المساعدات في السابع من مايو الماضي، وبعد أيام من اتهامات ساقتها وسائل إعلام غربية لمصر بتحريف وثيقة التفاوض خلال الجلسات التي استضافتها مصر في بدية الشهر الجاري.

وقد حذّر قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي، اليوم، من مخاطر العملية الإسرائيلية في مدينة رفح أقصى جنوب قطاع غزة على الحدود مع بلاده.

جاء ذلك خلال استقباله وفدًا من أعضاء الكونجرس الأمريكي من الحزبين الديمقراطي والجمهوري، برئاسة السيناتور جيري موران عضو لجنة الاعتمادات بمجلس الشيوخ، وبحضور اللواء عباس كامل رئيس المخابرات، وفق بيان للرئاسة.

ويأتي تحذير السيسي، بعد ساعات من استشهاد 45 فلسطينيًا وإصابة العشرات، أغلبهم أطفال ونساء، في قصف استهدف خيام نازحين في منطقة تل السلطان شمال غرب رفح ومناطق مجاورة، رغم زعم الجيش الإسرائيلي أنها ضمن المناطق الآمنة ويمكن النزوح إليها.

 

احتقان وتصعيد

ويرى الخبير العسكري والإستراتيجي اللواء فايز الدويري، أن الاشتباك الذي حصل بين الجيشين المصري والإسرائيلي بمعبر رفح، يكتسي أهميته من كونه جاء في فترة احتقان وتصعيد.

ويعد هذا أول اشتباك بين جنود مصريين وإسرائيليين منذ عام 1973، ولكن وقعت عدة أحداث منذ توقيع اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية المعروفة إعلاميًا بـ”كامب ديفيد”، إلا أن جميعها نفذها جندي بمفرده، منها حادثة سلمان خاطر الذي قتل مجموعة من الإسرائيليين، وحادثة مماثلة في الإسكندرية قُتل خلالها إسرائيليان اثنان من قِبل شرطي، وكان آخرها العملية التي نفذها الجندي محمد صلاح في يونيو 2023 التي عرفت وقتها بحادث معبر العوجا وأسفرت عن مقتل 3 من جنود الاحتلال، وفقًا لـ"الجزيرة".

وانطلاقا من الرواية الإسرائيلية التي تقول إن المصريين هم من بدؤوا بإطلاق النار، تساءل الدويري عما إذا كان هناك استفزاز من الجانب الإسرائيلي، وبالتالي استوجب ردًا من الجندي المصري بإطلاق النار، أم إن الحادث جاء ردة فعل طبيعية إنسانية من الجندي المصري بناء على المجاز الإسرائيلية في قطاع غزة وآخرها في مخيم للنازحين برفح جنوبي القطاع؟

وذكّر الدويري باتفاقية كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل وبملحق عام 1979، والتعديلات الأمنية عام 2005، مشيرًا إلى أن الجانب المصري سمح للطيران الإسرائيلي أن يقصف داخل سيناء من أجل محاربة الإرهاب.

وتحدث عن الدور المصري في ظل المتغيرات التي حصلت لاحقًا، فقد كانت غزة تحت الاحتلال الإسرائيلي، ثم تولت السلطة الفلسطينية مسؤولية القطاع، وبعدها حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، فهل تغيّر الموقف المصري إزاء عودة جيش الاحتلال؟

وأضاف متسائلًا: كيف سمحت مصر على المستوى السياسي لجيش الاحتلال أن يتواجد في محور فيلادلفيا؟ مؤكدًا أن جيش الاحتلال مسموح له أن يتواجد في المنطقة "د" بـ4 كتائب مشاة وبأسلحة خفيفة و180 مركبة عادية.

ورأى الخبير العسكري والإستراتيجي أن خللا حدث بعد 7 أكتوبر الماضي.

مفاجأة في قواعد الاشتباك

ومن جهته قال الخبير العسكري والإستراتيجي العميد سمير راغب - في تصريح لقناة الجزيرة- إن إسرائيل تروج لاحتلالها محور فيلادلفيا، لكنها في الواقع لا تنشر قوات هناك بل في الجزء الشمالي داخل السور الفلسطيني من الحدود.

ووفقًا لقواعد الاشتباك، فإنه لو تجاوز الجندي الإسرائيلي محور فيلادلفيا الذي هو أراضٍ محتلة يحق للجندي المصري أن يطلق الرصاص عليه، بحسب الخبير الذي كان يعلق على ما أوردته القناة الـ14 الإسرائيلية من أن جنودًا مصريين أطلقوا النار على جنود إسرائيليين داخل معبر رفح. وهو ما أدى لوقوع تبادل لإطلاق الرصاص بين الطرفين أسفر عن مقتل جندي مصري وفقًا للمصدر الإسرائيلي.

وأوضح العميد راغب أن الاحتلال يسعى إلى التسويق لمصر فكرة أنه احتل ممر فيلادليفا ولم يحدث نزوح، ومن جهة أخرى يحاول أن يجس نبض المصريين بالقول إنه احتل ثلثي فيلادلفيا وينتظر ماذا يحصل، حتى يصل لمرحلة يعلن فيها احتلاله للممر بالكامل.

وعن الإجراءات التي يمكن أن تتخذها القاهرة في حال تأكدت من وجود مخالفة في فيلادلفيا أو لمعاهدة السلام المصرية الإسرائيلية، أكد أن هناك لجنة تجتمع وتحل المشكلة، والجندي الذي يرتكب المخالفة يدفع غرامة، مشيرًا إلى أن دخول رفح جنوبي قطاع غزة هو مخالفة طبقًا للمنحى الأمني.

وشدد الخبير على أن مصر معنية بكل ما يحصل في الأراضي الفلسطينية المحتلة حتى لو كان في الضفة الغربية، وقال إن الرأي العام في مصر (120 مليونًا) لو تحرك فسيتحول إلى بركان، وإن الحكومة لا تضمن صبره.

واحتفى مواطنون على مواقع التواصل الاجتماعي بالحادث واعتبروا أن اشتباك القوة المصرية مع الإسرائيلية، جاء ردًا على المجازر الصهيونية في قطاع غزة منذ شهر أكتوبر الماضي، وآخرها ليلة الأحد التي عرفت بمجزرة الخيام.

وتصدرت وسوم “الجنود المصريون” و”شهيد مصري” و”رفح”، قائمة أعلى الوسوم تداولاً على موقع “إكس”.