لم يكن هناك في مصر أسعد من المواقع الإلكترونية القبطية ومنصات التواصل المحسوبة عليهم، بقرار محكمة جنايات شمال القاهرة العادية الخميس، 6 يوليو ، ببراءة وزير مالية المخلوع مبارك يوسف بطرس غالي من اتهامه بالإضرار العمدي بالمال العام، في القضية المعروفة إعلاميا بـ"فساد الجمارك"، في حين اثارت القضية موجة من الغضب على مواقع التواصل الاجتماعي.

وسبق لمحكمة جنايات القاهرة أن أصدرت (حكم أول درجة) ضد غالي، غيابيا بالسجن المشدد 15 عاما وعزله من وظيفته، وإلزامه برد 35 مليونا و791 ألف جنيه (1.15 مليون دولار)، وغرامة مساوية لقيمة هذا المبلغ، لاتهامه بالإضرار العمدي بأموال الجهة التي يعمل بها.

وكان غالي يحاكم على قراراته الصادرة في الفترة بين 2004 حتى 2011 بدائرة قسم مدينة نصر ثان (شرقي القاهرة)، والتي تم بموجبها تجميع نوعيات معينة من السيارات المنتقاة المتحفظ عليها على ذمة مالكيها لدى مصلحة الجمارك بداخل ساحة جمركية ملحقة بوزارة المالية، والتصرف في هذه السيارات دون موافقة مالكيها، بتخصيص 6 سيارات منها لموكبه الشخصي و96 سيارة لجهات أخرى.

ومنذ وقت مبكر يمتدح يوسف بطرس غالي قرارات السيسي الاقتصادية فضلا عن مدح إجراءاته القمعية بحق المعارضين ورافضي الانقلاب، ففي مارس 2017 وبعد التعويم الأول للجنيه في سبتمبر 2016، استضافت قنوات محلية منها (الفاهرة والناس) ليمتدح قرارات السيسي وكان هذات أول ظهور إعلامى له بعد "25 يناير"، وقال إن :"قرار تعويم سعر الصرف صائب بنسبة  100% لكنه جاء متأخراً"، مشيراً إلى أنه لو فى حال اتخاذ قرار التعويم منذ 3 سنوات لما وجدت مشاكل ومعاناة مثل اليوم، قائلاً "الطبقة الفقيرة ومحدودة الدخل لم تكن لتعانى معاناة شديدة كما يحدث اليوم، ولكن للأسف جرس الإنذار كان قد رن منذ 3 سنوات".


قضية كوبونات الغاز
ومن القضايا الأخرى التي كان متورطا فيها يوسف بطرس غالي قضية كوبونات الغاز وفي أبريل 2021، حصل على براءة مماثلة لما حصل عليه في قضية فساد الجمارك، وسجلت برقم 6 لسنة 2013 جنايات ثان مدينة نصر، والمعروفة بقضية "كوبونات الغاز".
وكانت محكمة جنايات القاهرة، قضت في 23 أبريل 2013، بمعاقبة يوسف بطرس غالي بالسجن المؤبد غيابيًا في القضية، وتقدم دفاعه بطلب لإعادة إجراءات المحاكمة، ونسبت النيابة لـ"بطرس" تهمة ارتكاب جرائم العدوان على المال العام، والإضرار العمدي به بما قيمته نحو 20 مليون جنيه، والتزوير في محررات رسمية.
وكشفت تحقيقات نيابة الأموال العامة العليا وقتها عن قيام يوسف بطرس غالي باستصدار موافقة الدكتور أحمد نظيف، رئيس الوزراء الأسبق على التعاقد مع شركة "ثري إم إيجيبت ترادينج ليمتد"، بوكالة شركة "إكسيل للنظم" على صفقة توريد عدد 45 مليون دفتر كوبونات مؤمنة، ضمن مشروع تطوير أسلوب توزيع أسطوانات البوتاجاز من خلال كوبونات مطبوعة بإجمالي مبلغ 28 مليونًا و536 ألف جنيه.
  

اللوحات المعدنية
وكان يوسف بطرس غالى، وزير المالية الأسبق، يواجه عدة اتهامات بعد نجاح الإنتربول الدولى فى القبض عليه لدى وصوله إلى فرنسا عقب مغادرته من المملكة المتحدة، وذلك تنفيذاً لأمر الضبط والإحضار الصادر بحقه من قبل السلطات القضائية فى مصر، وصدور أحكام ضده فى قضايا إهدار مال عام وكسب غير مشروع واستغلال نفوذ أبرزها قضية اللوحات المعدنية إلا أنه لم يحدث أن فعل الانتربول المطلوب منه حياله بإيعاز من حكومة السيسي.

وقضية "اللوحات المعدنية" أحد أبرز القضايا التى كان يواجهها بطرس غالى وحصل فيها على "براءة" ثالثة، رغم أنه صدر ضده حكم بالحبس 10 سنوات فى تلك القضية، إثر إدانته وأحمد نظيف رئيس الوزراء الأسبق وحبيب العادلى وزير الداخلية الأسبق بإهدار 92 مليون جنيه من أموال الدولة، بإسناد إنتاج اللوحات المعدنية للسيارات لشركة الألمانية بالأمر المباشر، وبأسعار تزيد على السعر السوقى، وذلك بغرض تربيحها على نحو يمثل مخالفة للقانون، كما صدر ضده حكم آخر بالتحفظ على أمواله فى قضية هدايا الأهرام، وثالث بالمؤبد فى قضية كوبونات الغاز.


أموال المعاشات
ووجه العاملون بالتأمينات ومحامون، عدة بلاغات وجهت ليوسف بطرس غالى اتهامات بالاستيلاء على مبلغ 435 مليار جنيه من أموال المعاشات لسد عجز الموازنة العامة ودعم البورصة، كما أنه أخذ مبلغ 200 مليون جنيه من أموال التأمينات الاجتماعية فى بنك الاستثمار القومى، ومبلغ 300 مليون جنيه أخرى من صناديق تأمينات القطاع الخاص، والمضاربة بها فى البورصة، مما أسفر عن وقوع خسائر فادحة بتلك الأموال بلغت 60% من أصولها، الأمر جعله يتحايل على هذا العجز باقتراح رفع سن التقاعد (المعاش) إلى 65 بدلا من 60 عاما.

واستعرضت المحاكم شهادات لرفاق يوسف بطرس ومنهم الوزيرة السابقة للتأمينات ميرفت التلاوي التي قالت في 1999، إن "يوسف بطرس غالي احضر رئيس سيتي بنك، للاجتماع بي بدون سابق تحضير،. وكان عرضهم ان يحصلوا علي 200 مليار ج من اموال التأمينات ما يعادل 60 مليار دولار لاستثمارها بالخارج ، رفضت وانهيت الاجتماع وبعدها خرجت من الوزارة"!
وقبل أن تمنحه محاكم السيسي البراءة، أصدرت محكمة الجنايات قرارا فى يونيو 2011 بالسجن المشدد 30 عاماً غيابياً على يوسف بطرس غالى، مع عزله عن منصبه ورد المبالغ المستولى عليها والغرامة وذلك لقيامه بصرف 36 مليون جنيه من الأموال المخصصة لاحتياطات السلع والخدمات الاستراتيجية.

 

الوزير المزور
وفي قضايا أخرى لاحقة ثبت ان يوسف بطرس غالي حفيد ارتكب جريمة تزوير فى محررين رسميين هما مذكرتان تقدم بهما للعرض على مجلس الوزراء مؤرختين فى 18فبراير 2010 و12 مايو2010 المتضمنتين تعقيبه على مذكرة وزير التضامن الاجتماعى، التى قدمت له فى 1فبراير 2010 الخاصة بطلب التعاقد مع مطبعة مجلس الدفاع الوطنى، حيث زور ما يفيد قيام وزارة المالية بإجراءات المفاضلة بين مجموعة من العروض بالرغم من عدم وجود أى عروض سوى الشركة التى طلب منها المتهم قبول الصفقة وتم إسنادها لها بالأمر المباشر".

وأكد أن قيام المتهم باستعمال المحررين المزورين حيث قدمهما لرئيس مجلس الوزراء آنذاك الدكتور أحمد نظيف، زاعماً أنه باشر إجراءات المفاضلة بين عدد من العروض مما مكنه من خداع الحكومة واستصدار قرار الموافقة من رئيس الوزراء على طلب الشركة الأجنبية بالتعاقد المباشر، وأحالته النيابة العامة للمحاكمة الجنائية لارتكابه الجناية المؤثمة قانوناً بالمواد 115 و116 مكرر، و118 و118 مكرر، و119/أ، و119 مكرر، والمواد 213 و214 من قانون العقوبات
فى 23 مارس 2011، أعلن النائب العام السابق عبدالمجيد محمود، إحالة يوسف بطرس غالي وزير المالية الأسبق إلى محكمة جنايات القاهرة بتهمة الإضرار العمدي بالمال العام، حيث إن تحقيقات النيابة العامة كشفت أن وزير الإعلام السابق طلب مبلغ 36 مليون جنيه من وزارة المالية للاتفاق على التغطية الإعلامية لانتخابات مجلسي الشعب والشورى وتمويل الحملة الإعلامية الخاصة بتغطية الأحداث السياسية الهامة والإنجازات التي تحققت خلال الفترة من عام 1981 إلى 2010 التي تولى فيها النظام الحاكم السابق إدارة البلاد.

 

قالوا للحرامي احلف..

وكما المثل الشهير (قالوا للحرامي احلف..)، علق يوسف بطرس غالي على براءته قائلا: "أخيرًا ظهر الحق.. وسأعود إلى مصر قريبا"! وذلك في تعليق له نشرته (القاهرة 24) عب اتصال هاتفي من مقر إقامته بلندن، وهرب يوسف بطرس من مصر في 2012، وزعم أنه "سيعود إلى مصر كمواطن عادي خاص  ليس له علاقة بالعمل العام" إلا أنه استدرك قائلا: "لن أتأخر عن مصر إذا طلب مني ذلك"!
ولكن المثير أن أحكام البراءة حصل عليها وزير مالية حسني مبارك رغم أنه سبق وتقدم بطلبات تصالح فقال: "تقدمت بطلبات التصالح منذ فترة طويلة، وتابعت اللجان من خلال المحامي الخاص بي في القضية، وتم التأجيل عدة مرات بعضها للفحص والاطلاع وأخري لتغير اللجان، وفي النهاية تم البت في الحكم".
وسبق أن عرض غالي، التصالح في عنصر واحد من عناصر ثروته، التي حصل عليها بطريق غير مشروع، بأن يرد 4 ملايين و600 ألف جنيه وغرامة مماثلة بإجمالي 9 ملايين و200 ألف جنيه، إلا أن غالي كان مطالباً بسداد أكثر من مليار جنيه، وبناء عليه رفض الطلب وأخطر بذلك، فقام بالهرب الى بريطانيا التي يحمل جنسيتها.

ويوسف بطرس غالي وزير المالية بحكومة أحمد نظيف قبل سقوطها، ابن شقيق بطرس بطرس غالي الأمين العام السابق للأمم المتحدة، وحفيد بطرس غالي الذي اغتاله إبراهيم ناصف في 1912.
ولد يوسف بطرس غالي في 20 أغسطس 1952 بالقاهرة، وفي سنة 1974  حصل على بكالوريوس كلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة، في عام 1981 نال دكتوراه في الاقتصاد من معهد ماساتشوستس للتقنية بالولايات المتحدة الأمريكية.

وتولى منصب وزير المالية منذ يوليو 2004، قبلها تولى منصب وزير التجارة الخارجية منذ نوفمبر 2001 وحتى يوليو 2004، وشغل منصب وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية منذ أكتوبر 1999.

وفي الفترة من يوليو 1997 إلى سبتمبر 1999 شغل منصب وزير الاقتصاد، وفى الفترة من يناير 1996 إلى يونيه 1997 كان وزيرا للدولة للشئون الاقتصادية.

وفى الفترة من أبريل 1993 إلى ديسمبر 1995 كان وزيرا للدولة للتعاون الدولي ووزير الدولة لشئون مجلس الوزراء.

وخلال الفترة من 1986 إلى 1993 عمل مستشارا اقتصاديا لكل من رئيس مجلس الوزراء ومحافظ البنك المركزي المصري.

وقبل أن يتولى هذه المناصب عمل خبيرا اقتصاديا لمدة ست سنوات في صندوق النقد الدولي في الفترة من 1981 إلى 1986.

وهو حاصل على درجة البكالوريوس في الاقتصاد من جامعة القاهرة وفى عام 1981 حصل على درجة الدكتوراه في الاقتصاد من معهد ماساتشوستس للتقنية.