تمكنت المخابرات التركية من تفكيك خلية للموساد التي تتجسس على مصريين معارضين للنظام في مصر، حيث أعلنت الاستخبارات التركية القبض على 7 جواسيس يعملون لصالح الموساد الإسرائيل، من بينهم أتراك وعرب (سوريون ولبنانيون).
وتتبعت الاستخبارات التركية أحد الجواسيس وهو يتعقب معارضين مصريين في إسطنبول، والمواطنون المصريون في قائمة المُستهدفين، كان بينهم صحفي معارض وطبيب مصري يعمل في أحد المراكز الطبية بمنطقة الفاتح وموظف بشركة صرافة تقع في أق سراي على الجانب الأوروبي من إسطنبول.

وكشفت الاستخبارات التركية أن خلية الجواسيس كانت لتعقب أجانب بتركيا عوضا عن المصريين وتلقت تدريباً احترافياً.

وفي يوليو 2020، رصد الألمان جاسوسا مصريا في المكتب الإعلامي للمستشارة الالمانية ميركل قبل مغادرتها، واعتقل جاسوس مصري في أمريكا 2022، وبات تعقب الجواسيس للمصريين المعارضين في الخارج والداخل مهمة لنظام السيسي.

وقال مراقبون إنه انتهى زمن التجسس على الأعداء لصالح مصر، ونعيش زمن التجسس على المصريين لصالح الحُكام"، وعلقت شرين عرفة "نظام يتمرغ في سلام دافيء مع إسرائيل، ويرى في شعبه العدو الأوحد!".

 

تزامن كاشف

وقبل أيام، وتحديدا الأحد 2 يوليو، قال موقع استخباراتي فرنسي إن جهاز المخابرات المصري تعاون مع شركة صهيونية استخباراتية في شراء منصة استخبارات مفتوحة تابعة لشركة Bler الصهيونية للاستخبارات مفتوحة المصدر (OSINT) واسم منصة Webint Center وأن البيع تم عبر وسطاء في سنغافورة، وأن المنصة وصلت لقسم البحوث التقنية (TRD) بجهاز المخابرات العامة المصرية.

موقع "انتلجنس أونلاين" قال إن العقد بين الجانبين كان في عام 2020، لتجميع المحتوى المتاح للجمهور معًا، مثل صور الأقمار الصناعية، ومقاطع الفيديو للهواتف المحمولة، ومنشورات وسائل التواصل الاجتماعي.

وأضاف أنه "مع انخفاض الثقة في وسائل الإعلام والمؤسسات الحكومية على نطاق واسع، تصير المعلومات الاستخباراتية مفتوحة المصدر فعالة بشكل خاص، لأنه غالباً ما يثق بها الجمهور كمصدر موضوعي للمعلومات. ويمكن للحكومات استخدام هذه التقنية ضد حكومات أخرى.

 

تحديد الموقع الجغرافي
ووفقا للتقرير، فإن منصة Webint Center الصهيونية التي تم بيعها للمخابرات المصرية، تتمتع بقدرات كبيرة تتجاوز مجرد مراقبة الشبكات الاجتماعية، حيث تسمح بتحديد الموقع الجغرافي للهدف باستخدام البيانات من الشبكات الاجتماعية، فضلاً عن نظام إدارة الصور الرمزية.
وزودت الشركة الصهيونية؛ قسم البحوث التقنية (TRD) بالمخابرات المصرية بطرق لمراقبة مواقع الإنترنت المظلم “دارك ويب، وفق الموقع الفرنسي.

 

رصد لشهور

وبالعودة لخلية اسطنبول التي ضمن أيضا أتراك، تمكنت المخابرات التركية التي يرأسها حاليا إبراهيم قالن، المتحدث السابق باسم الرئاسة، من رصد الخلية قبل شهور، وجمع معلومات استخباراتية عنهم وتعقبتهم لفترة من الزمن، كما صورتهم في لقاءات، بتوجيه من جهاز الاستخبارات التابع للاحتلال "الإسرائيلي"، حيث كانت مهمتهم أيضا التجسس على الصناعات الدفاعية التركية، وعلى المعارضين العرب في تركيا.
التفاصيل نشرتها جريدة صباح التركية، ولفتت إلى أن عدد المقبوض عليهم 7 جواسيس من ضمن 56 يعملون في 9 خلايا.

وأوكل الموساد لجواسيسه مهام التجسس على الصناعات الدفاعية والمعارضين العرب في تركيا، حيث استطاعت الاستخبارات التركية تتبع أحد الجواسيس وهو يتعقب معارضين مصريين في منطقة الفاتح بإسطنبول. 
وقد حصل الجواسيس على تدريبات مكثفة ومتقدمة خارج تركيا وكانوا على درجة عالية من الاحترافية من أجل عدم الوقوع في قبضة الاستخبارات التركية، التي كانت تتعقب جميع تحركاتهم منذ فترة طويلة.

العملاء الـ7 اعترفوا بأنهم تلقوا تدريبات مباشرة من ضباط في الموساد، وأنهم كانوا يتتبعون الأهداف عن طريق التوجيه عن بعد وسرقة كلمات المرور وقرصنة أجهزة المُستهدفين وتصوير اجتماعاتهم ومتابعتهم جسدياً، بل وحتى سرقة أجهزتهم في حال تعسّر عليهم قرصنتها عن بعد.

العملية نفذتها 10 فرق مختلفة من وحدات مكافحة التجسس لدى الاستخبارات التركية، وتبيّن أن عملاء الموساد كانوا يهدفون إلى التجسس على مواطنين عرب وجمع المعلومات حولهم.

واعتمد عملاء الموساد على إطلاق العديد من المواقع الناطقة بالعربية ولغات أخرى على شبكة الانترنت، وذلك بهدف جمع السير الذاتية والمعلومات الأخرى، إضافة إلى قرصنة أجهزة المستهدفين بمجرد نقرهم على رابط الموقع.

حيث كانت جميع الاتصالات مع الجواسيس في تركيا قد أجريت من الخارج عبر مئات من خطوط  الإنترنت المؤقتة، والمسجلة بهويات مزيفة لأشخاص من إسبانيا وإنجلترا وألمانيا والسويد وماليزيا وإندونيسيا وبلجيكا.

وبحسب "صباح" فإن مواطنين مصريين في قائمة المُستهدفين منهم صحفي معارض وطبيب مصري يعمل في أحد المراكز الطبية بمنطقة الفاتح وموظف بشركة صرافة تقع في أق سراي على الجانب الأوروبي من إسطنبول.

الإثنين 3 يوليو 2023، كان موعد الكشف عن تفاصيل كشف الاستخبارات التركية لخلية التجسس التي عملت لصالح "الموساد"، وأشارت إلى أن عناصر من وحدة "مكافحة التجسس" التابعة للاستخبارات التركية المعنية بدول الشرق الأوسط، هم الذين تولوا مهمة الكشف عن خلية التجسس، التي مارست عملها بتوجيه عن بُعد عبر شبكة الإنترنت. 

جمعت الخلية معلومات عن الأشخاص الأجانب الذين استهدفتهم، وتعقبت مركباتهم باستخدام أجهزة تحديد الموقع "جي بي إس" GPS، كما راقبت أجهزة الاتصال اللاسلكي "الواي فاي" الخاصة بهم، واخترقت أرقامها السرية، وحددت عناوين إقامتهم.

وبحسب صحيفة صباح، اخترقت خلية "الموساد" مكتب هشام يونس يحيى قفيشة، مالك شركة "تريند جيو"  Trend GYO في منطقة كاغدخانة، وأن اثنين من جواسيس خلية "الموساد" واسمهما محمد فيلي وعبد الله فلاحة، كانا وراء التخطيط لسرقة هاتف يستخدمه قفيشة، وسرقة  جهاز كمبيوتر ووثائق من مسكنه بمنطقة باشاك شهير.

تعقب فيلي وفلاحة أيضاً صحفياً مصرياً معارضاً في إسطنبول، وطبيباً مصرياً يعمل بمركزٍ طبي في منطقة الفاتح، وموظفاً مصرياً في مكتب صرافة يعمل في أق سراي، وتجسَّسا على جمعية تُدعى "بياز إيلر" أو الأيادي البيضاء.

وتوصلت الاستخبارات التركية كذلك إلى أن خلية التجسس تعقبت سليمان إغبارية القيادي بالحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني (عرب 48)، أثناء رحلته من إسرائيل إلى تركيا، وكُلفوا بمراقبة جميع اللقاءات التي يعقدها في إسطنبول.

وقالت الصحيفة التركية إن أحد عناصر الخلية (يحمل اسماً رمزياً مزيفاً هو شريف عليان)، أنشأ عدة صفحات إلكترونية منها؛ موقع najarland.com.
وموقع almeshar.com
وموقع nasrin-news.com
وموقع hresource.co.uk
 للإيقاع بفلسطيني يُدعى "خالد نجم" وجذب انتباهه، ثم التواصل معه عبر خط تليفوني ألماني.
وكانت هواتف الشخص المستهدف تعرضت لاختراق بمجرد نقره على روابط المواقع الإلكترونية المفخخة.
وبريانشي باتيل كولهاري المولود في 8 أكتوبر 1999، مدير شركة برامج للتجسس التي يقع مقرها في تل أبيب، قدم تدريباً سيبرانياً عن بُعد، وخدمات الدعم الفني لعملاء التجسس التابعين لإسرائيل.
وعمل كولهاري مع "الموساد"، وكان على اتصال دائم بالجواسيس في إسطنبول، وأشرف على تحديد الوسائل اللازمة لاختراق هواتف الأشخاص المستهدفين ببرامج التجسس، وإعداد روابط الأخبار التي تُخترق حسابات المستهدفين بالنقر عليها.
رحلات لبلدان عربية

وبحكم أن الخلية ضمت جواسيس من أصول عربية، أرسل الموساد معظم الأعضاء إلى لبنان وسوريا لجمع المعلومات الاستخبارية، وتحديد مواقع للاستهداف بالطائرات المسيَّرة. 
وبدأت المهام الموكلة إلى العملاء بتصوير الأماكن السياحية المعروفة والمسموح بتصويرها قانونياً -مثل المساجد والكنائس والبازار الكبير والبازار المصري في إسطنبول- وهي ملاحقات وهمية لاختبار مهارة العملاء الميدانيين والتزامهم، ثم نقلهم بناء على أدائهم فيها إلى المستوى التالي.

 

تجسس خارج تركيا
وكان تدريب العملاء من 5 مراحل مختلفة، ويجري الإشراف عليه عن بُعد خطوة بخطوة، وقد أرسل العملاء الذين اجتازوا المراحل الخمس إلى دول أجنبية، ودُربوا للعمل جواسيس محترفين. 
وتوصلت الاستخبارات التركية إلى أن بعض اللبنانيين والسوريين الذين جندهم الموساد في إسطنبول أُرسلوا إلى منطقة "حارة حريك" في بيروت لجمع المعلومات الاستخبارية والتجسس. 
عمليات التجسس خارج تركيا، كان منها رصد إحداثيات دقيقة لمبنى تابع لـ"حزب الله" اللبناني، وتحديد الشخصيات العسكرية والسياسية رفيعة المستوى التابعة للحزب في الطابق الثالث من المبنى المستهدف.

وكشفت الاستخبارات عن عميل تابع لـ"الموساد" يقيم في إسرائيل ويُعرف بالاسم الرمزي "عبد الله قاسم"، وهو أحد المشرفين على 9 خلايا تجسس مختلفة، ويُعرف نفسه بأنه عربي أردني يعيش في السويد، ويتواصل مع جواسيس الموساد عبر الإنترنت. 
وكلف عبدالله قاسم؛ زيد سعد الدين بمراقبة ضاحية قدسيا المهمة في دمشق، والتقاط الصور التفصيلية للمنطقة وتحليلها.
وأرسل الموساد الإسرائيلي عملاءه -ومنهم أتراك- إلى صربيا في الخطوة الأولى، وبعدها إلى دبي، ثم إلى العاصمة التايلاندية بانكوك في الخطوة الثالثة، وقد اعتمدوا في ذلك على أساليب الإخفاء الاستخباراتية المكونة من ثلاث خطوات.
وقالت الصحيفة إن "السمة المشتركة للدول الثلاث أنها لا تطلب تأشيرات دخول للمواطنين الأتراك، وبذلك آلت رحلة الجواسيس الذين جُندوا في إسطنبول إلى التدريب الاستخباراتي في بانكوك".

مركز بتايلاند
"الموساد" دشن مركزاً سرياً لتدريب العملاء في تايلاند، وهناك تدرب "أوكان البيرق"، أحد الجواسيس الهاربين، على كتابة تقارير التجسس، وأنشطة التعقب، والهروب من الاستخبارات التركية وغيرها من وحدات مكافحة التجسس، وتوثيق الصور، والمراقبة والتحليل الاستخباراتي، وتركيب أجهزة "جي بي إس" على المركبات لمراقبتها بالأقمار الاصطناعية، علاوة على التدريبات على أساليب التجسس واستخدام أدواتها وسبل تحركاتها.

ورصدت الاستخبارات التركية سعي "الموساد" التقدم بخطواته في أنشطة التجسس بتركيا، وأنه قد طور أساليب معقدة للغاية لتفادي الوقوع في قبضة الاستخبارات التركية، وتنفيذ بعض العمليات في إسطنبول.

وتعد العملية التي توسع بها الموساد الصهيوني الرابعة أو الخامسة من نوعها والتي ترصدها المخابرات التركية وأغلبها تم مع رئيس الجهاز هاكان فيدان وزير الخارجية الحالي، واعتقل العديد من جواسيس الموساد، كإجراء أمني وتؤجل تركيا على ما يبدو التعامل الدبلوماسي مثل طرد سفراء "اسرائيل" أو إنهاء التعامل الدبلوماسي طريقا لحل هذا الاختراق.