أكد مراقبون أن إطلاق التحالف الليبرالي الجديد فيما يسمى "التيار الحر" بعد أشهر من المشاورات، حجر في بركة السياسة الآسنة قبل 10 سنوات بسبب الانقلاب العسكري على الحكم المدني وتهميش دور الأحزاب والتحكم في منطلقاتها.
وفي أول تصريح للمتحدث الرسمي باسم التيار الحر وهو الحقوقي والناشر هشام قاسم (له آراء معارضة للنظام عبر حساب على تويتر) زاد على منطلقات إنشاء التيار الحر والمتمثلة مبدئيا بـ"هدف تقديم توصيات سياسية واقتصادية للدولة، من دون أن يطرح نفسه تيارًا معارضًا لها"!
قال "قاسم": إن التحالف "فكري" في الأساس، إلا أنه أكد إمكانية تطويره لاحقًا إلى تحالف حزبي لخوض الانتخابات البرلمانية. ويهدف التحالف إلى “تقديم أداء سياسي ليبرالي حقيقي، من دون أن يشكل تهديدًا للحركة المدنية الديمقراطية، أو يؤدي إلى تفكيكها".
وأطلق رؤساء ثلاثة أحزاب شاركت في فسحة 30 ونيو، الأحد 25 يونيو الجاري، هي (المحافظين والإصلاح والتنمية والدستور)، وبعض الشخصيات العامة، ما أسموه ب"التيار الحر".
وقال صاحب منصة "حكايات" على يوتيوب د. حمزة زوبع إن "التيار الحر" هو تحرك سياسي ضمن موجة تيارات منها "التيار الإصلاحي الحر" و"التيار الشعبي" معتبرا أن أي حراك في ظل الوضع القائم والانغلاق السياسي العام في مصر جهد مشكور وخطوة جيدة.
وقال : إن الغباء يحكم تحركات النظام السياسية والاقصادية والاجتماعية وعلى كافة الأوضاع في وضع غير مشهود وغير مسبوق"، مضيفا ان "أي تحرك في بلد مقفولة زي مصر تحرك محمود".
ولكنه في تفرقة بين "المحمود" و"المثمر" أكد أن أي تحرك مثمر لازم يكون شامل للجميع بعكس تحركات الغباء التي يتميز بها الجنرال (السيسي) الذي يضع نفسه مسؤولا عن كل شئ بما في ذلك الحياو والدين والموت ويشمل على كل شئ".
وأشار إلى أن المحدد في ذلك الأمر ليس أن تكون إسلامي أو ليبرالي او اشتراكي أو علماني في طرحك ولكن الشعب يبقى هو الفيصل فيما تعرضه من بضاعة (رؤي وأفكار) "فمن يحكم عليها هو الشعب"، على حد قوله.
وقال إن التفويض يجب أن يكون شعبيا، بمعنى أن "يفترض أن يحكم سعي أي سياسي (بما في ذلك الاخوان أو أحد آخر) بانشاء تيار هو خدمة الشعب، محذرا من ما يعيب الجنرال هو "إخراج الشعب من حساباته".



تشكيل المشهد الحزبي
وقال الكاتب الصحفي قطب العربي، إن إعلان تدشين "التيار الحر"، "جاءت متزامنة مع حوار وطني شكلي، ظهرت من داخله كتلة ليبرالية أخرى تسمى “كتلة الحوار” تضم بضع شخصيات أقرب إلى السلطة بل هي صنيعتها، ولم تعلن برنامجا واضحا لكنها احتمت وتدثرت فقط بمظلة ومسمى الحوار، وتستعد لإشهار نفسها حزبا جديدا".

وأشار "العربي" في مقال بعنوان (“التيار الحر”.. هل يعيد تشكيل المشهد الحزبي في مصر؟)، إلى توخي مطلقي التيار المسموح والممنوع فقال "لوحظ أنه برنامج منقوص حيث اقتصر على القضايا الاقتصادية دون السياسية، وربما كان الأمر مقصودا من مؤسسيه تجنبا لبعض الألغام".

وأضاف في المقال الذي نشرته "الجزيرة مباشر"، أن "المؤتمر الصحفي للتيار الحر، يظهر أقصى اليمين طلعت خليل عضو البرلمان السابق والقيادي بحزب المحافظين، وإيهاب الخولي عضو مجلس النواب السابق، ثم جميلة إسماعيل رئيس حزب الدستور، وفي أقصى اليسار محمد أنور السادات رئيس حزب الإصلاح والتنمية"، موضحا أن التيار استضاف أيضا "شخصيات محرومة من الظهور في ذلك الإعلام قالت كلاما لم يعتد المصريون سماعه طيلة السنوات العشر الماضية".
وخلص قطب العربي، الأمين العام المساعد للمجلس الأعلى للصحافة قبل إلغائه، إلى أنه "من الجيد أن تُشكّل أحزاب ليبرالية تيارا يميزها عن غيرها من الأحزاب، ومن المهم أن تحذو الأحزاب اليسارية والناصرية وما تبقى من الأحزاب الإسلامية حذوها، فتُشكّل مظلات نوعية خاصة بها".
ويختم برؤية تفترض أن يكون يسمح السيسي والعسكر للشعب بدور في الاختيار مجددا (لاسيما على المستوى السياسي) كما كان قبل 12 عاما، فقال: إن ذلك "ليتمكن الشعب من تمييز بعضها عن بعض، وليحدد موقفه تجاهها، وحتى يتم إنهاء حالة العشوائية الحزبية، وبدء حياة حزبية حقيقية لا تكتمل إلا برحيل الحكم العسكري، وفتح المنافسة السياسية الحرة، والتداول السلمي الحقيقي للسلطة، وإعادة الأحزاب الإسلامية المحظورة أو المجمَّدة".
 

الحياة الحزبية

ومنذ انقلاب 3 يوليو 2013، أُغلق السيسي وعصابة العسكر؛ أحزاب كبرى مثل حزب "الحرية والعدالة"، وحزب "البناء والتنمية"، وحزب "الاستقلال"، وجُمدت أحزاب مثل "مصر القوية"، و"الوسط"، واختفت الأحزاب السلفية باستثناء حزب النور، كما انكمشت الأحزاب الليبرالية واليسارية والاشتراكية داخل مقراتها، وتراجع تمثيلها البرلماني إلى حد التلاشي، رغم أنها كانت جزءا من سهرة 30 يونيو.

أما حزب الأغلبية البرلمانية (مستقبل وطن) فتأسس في غرف المخابرات والأمن الوطني، وأثببت انتخابات نقابة المهندسين الأخيرة أنه استنساخ للحزب الوطني المنحل، هش يلتف على المنافسة الحرة وقرار الصندوق، ولا يجد أمامه طريقة سوى تكسير الصناديق وبعثرة الاختيارات الشعبية.
 

الوضع خطير جدا ولا يحتمل الانتظار

أبرز ما قاله رئيس حزب الإصلاح والتنمية في مصر محمد أنور السادات، العضو السابق ببرلمان العسكر، في حفل تدشين "التيار الحر" هو نصيحته للنظام "أن الوضع بات خطيرا جدًا، ولا يحتمل الانتظار"، صارفا أنظار متابعيه على "الجزيرة مباشر" إلى الوضع الاقتصادي!
وقال لبرنامج (المسائية): "هدفنا بكل بساطة أن نعيد هيكلة الأوضاع الاقتصادية لتحسين حياة المواطنين حيث تأثر الجميع أغنياء وفقراء بالغلاء والسياسات الاقتصادية الحالية، وآن الأوان للدولة المصرية أن تستمع إلى آراء وأفكار مختلفة من خارج دولاب الدولة".
واستدرك يتوضيح أنه جزء من هذه المنظومة القائمة فقال: "لسنا تيارًا يمينيًا ولا متوحشًا ولا متطرفًا، نحن تيار وطني ليس موجها ضد أحد ونرحب بكل التيارات المدنية، فلسنا منشقين عنها بل مكملين لها، ونتوقع انضمام كثيرين إلى التيار لأنه مفتوح للجميع ولكل من يؤمن بآليات واقتصاديات السوق مع المسؤولية المجتمعية".
واستبعد "السادات" أن يكون إعلان تدشين "التيار الحر" تم بإذن أو تلميح أو اتصال من الأجهزة المسؤولة أو الضباط أو الرتب أو المقربين عن الأحزاب المشهرة، فقال: "لم يتم التشاور مع أي من أجهزة الدولة، لأن التيار يضم أحزابًا رسمية ليست بحاجة إلى ذلك"، مستدركا "لكن ربما تكون هناك قنوات اتصال لاحقًا لتسهيل عمل التيار".

وزعم "السادات" أن هناك مساحة تفاؤل بخصوص العمل السياسي مع قرب الانتخابات الرئاسية. وأضاف أنه “ربما يقدم التيار مرشحا من داخله، التيار وإن لم يتوفر فسننظر في أمر المترشحين وندعم من نراه مناسبًا” شريطة أن يكون هناك ضمانات لعملية انتخابية نزيهة وشفافة تضمن منافسة شريفة من أجل تغيير حقيقي وإلا سيحجم كثيرون عن المشاركة سواء أحزاب أو أشخاص.

وفي محاولة لتخطي رقاب تضحيات التيارات المخالفة له فكريا على الأٌقل، أضاف "أنه في 2013 كانت هناك ظروف استثنائية من المفترض أنها انتهت الآن بعد 10 سنوات، وآن الأوان للحديث عن المستقبل وطرح أفكار وحلول بعضها طُرح في الحوا الوطني والمؤتمر الاقتصادي لكن المهم هو أن "تستمع الدولة".