يتصدر يوم عرفة محركات البحث على "جوجل"، لما له من فضل، حيث يقف خلاله الحاج على جبل الرحمة، الذي يقع على بعد نحو 20 كيلومترًا شرق مكة المكرمة في المملكة العربية السعودية، ويبلغ نحو ميلين طولاً ومثلهما عرضًا.

ولقد شرف الله تعالى هذا اليوم وفضله بفضائل كثيرة نذكر منها:

 

1- أفضل الأيام

لحديث جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أفضل الأيام يوم عرفة" (رواه ابن حبان). وروى ابن حبان – أيضًا - من حديث جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مَا مِنْ يَوْمٍ أَفْضَلُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، يَنْزِلُ اللَّهُ تَعَالَى إلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا فَيُبَاهِي بِأَهْلِ الْأَرْضِ أَهْلَ السَّمَاءِ" وفي رواية: "إنَّ اللَّهَ يُبَاهِي بِأَهْلِ عَرَفَةَ مَلَائِكَتَهُ، فَيَقُولُ: يَا مَلَائِكَتِي، اُنْظُرُوا إلَى عِبَادِي، قَدْ أَتَوْنِي شُعْثا غُبْرا ضَاحِينَ".

 

2 – أقسم الله به في القرآن

والعظيم لا يقسم إلا بعظيم، فهو اليوم المشهود في قوله تعالى: "وشاهدٍ ومشهود" (البروج: 3). فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: "اليوم الموعود يوم القيامة، واليوم المشهود يوم عرفة، والشاهد يوم الجمعة.." (رواه الترمذي وحسنه الألباني).

قال الله تعالى "والفجر وليال عشر" (الفجر: 1 – 2). وأكثر المفسرين على أن الفجر فجر يوم عرفة، وقال السيوطي: هو فجر كل يوم. وقيل هو فجر أول يوم من المحرم أو فجر يوم النحر أو فجر أول يوم من ذي الحجة. وأما الليالي العشر: فأكثر المفسرين على أنها عشر ذي الحجة. وقيل هي العشر الأواخر من رمضـان. وقيل هي العشــر الأوائل من المحرم.

قال ابن عباس رضي الله عنهما: إنها عشر ذي الحجة. قال ابن كثير: وهو الصحيح.

وهو الوتر الذي أقسم الله تعالى به في قوله: "والشفع والوتر" (الفجر: 3)، قال ابن عباس: الشفع يوم الأضحى، والوتر يوم عرفة. وهو قول عكرمة والضحاك.

 

3 – أحد الأيام المعلومات

وردت الإشارة إلى فضل هذه الأيام العشرة في بعض آيات القرآن الكريم، ومنها قوله تعالى: "وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ. لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ" (الحج: 27 -28). وقد أورد ابن كثير في تفسير هذه الآية: عن ابن عباس رضي الله عنهما: "الأيام المعلومات أيام العشر".

 

 

4 - يوم إكمال الدين وإتمام النعمة

روى البخاري بسنده: قالت اليهود لعمر إنكم تقرأون آية لو نزلت فينا لاتخذناها عيدًا فقال عمر: إني لأعلم حيث أنزلت، وأين أنزلت وأين كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أنزلت: نزلت يوم عرفة إنا والله بعرفة قال سفيان: وأشك كان يوم الجمعة أم لا: "الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينا" (المائدة: 3).

وإكمال الدين في ذلك اليوم حصل لأن المسلمين لم يكونوا حجوا حجة الإسلام من قبل فكمل بذلك دينهم لاستكمالهم عمل أركان الإسلام كلها، ولأن الله أعاد الحج على قواعد إبراهيم عليه السلام، ونفى الشرك وأهله فلم يختلط بالمسلمين في ذلك الموقف منهم أحد.

وأمام إتمام النعمة فإنما حصل بالمغفرة فلا تتم النعمة بدونها كما قال الله تعالى لنبيه "لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ" (الفتح: 2).

 

5 - يوم عيد لأهل الموقف

فعن أبي أمامة أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال "يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام وهي أيام أكل وشرب" (رواه أهل السنن).

وقد روي عن عمر بن الخطاب أنه قال: "نزلت – أي آية "اليوم أكملت" – في يوم الجمعة ويوم عرفة، وكلاهما بحمد الله لنا عيد".

 

6 - صيامه يكفر سنتين

قال النبي صلى الله عليه وسلم "صيام يوم عرفه أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده" (رواه مسلم). فيستحب صيامه لغير الحاج، أما الحاج فلا ينبغي أن يصومه حتى يتقوى على الوقوف وذكر الله تعالى، وقد ترك النبي صومه في الحج، وروي عنه أنه نهى عن صوم يوم عرفة بعرفة.

 

7 – يوم مغفرة الذنوب

ويوم عرفة أعظم أيام الله، لأنه يوم غسل الذنوب، ففي مصنف عبد الرزاق، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، في حديث الرجلين اللذين جاءا رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألانه عن أمر دينهم، وكان من جوابه لهما عن يوم عرفة: "فلو كان عليك مثل رمل عالج أو مثل أيام الدنيا، أو مثل قطر السماء ذنوبا، غسلها الله عنك".

 

8 - يوم العتق من النار

عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدًا من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو، ثم يباهي بهم الملائكة فيقول ما أراد هؤلاء" (رواه مسلم).

قال ابن عبد البر: وهو يدل على أنهم مغفور لهم لأنه لا يباهي بأهل الخطايا والذنوب إلا بعد التوبة والغفران.

وعن ابن عمر أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: "إن الله تعالى يُباهي ملائكته عشية عرفة، بأهل عرفة، فيقول: انظروا إلى عبادي، أتوني شعثًا غبرًا" (رواه أحمد وصححه الألباني).

 

9 - يوم خير الله:

روى ابن عبد البر، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: وقف النبي (صلى الله عليه وسلم) بعرفات وكادت الشمس أن تئوب، فقال: "يا بلال أنصت لي الناس"، فقام بلال، فقال: أنصتوا لرسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فنصت الناس، فقال: "معاشر الناس، أتاني جبريل آنفًا فأقرأني من ربي السلام، وقال: إن الله غفر لأهل عرفات وأهل المشعر، وضمن عنهم التبعات". فقام عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقال: يا رسول الله، هذا لنا خاص؟ فقال: "هذا لكم ولمن أتى بعدكم إلى يوم القيامة". فقال عمر رضي الله عنه: كَثُرَ خير الله وطاب.

 

10 - اليوم الذي أخذ الله فيه الميثاق على ذرية آدم

فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله أخذ الميثاق من ظهر آدم بنعمان – يعني عرفة – وأخرج من صُلبه كل ذرية ذرأها، فنثرهم بين يديه كالذّر، ثم كلمهم قبلاً، قال: "ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين. أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من يعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون" (الأعراف: 172-173) (رواه أحمد وصححه الألباني)؛ فما أعظمه من يوم، وما أعظمه من ميثاق.

 

11 - يوم السباق

خطب عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه بعرفة، فقال: "إنكم قد جئتم من القريب والبعيد، وأنضيتم الظهر - أي: أتعبتم رواحلكم - وأخلقتم الثياب - أي: أبليتم ثيابكم – وليس السابق اليوم من سبقت دابته وراحلته، وإنما السابق اليوم من غُفر له"، فأين السابقون السابقون؟ هذا يومكم الموعود، وهذا نهاركم المنتظر.

 

12 - الدعاء يوم عرفة عظيم

فعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "خيرُ الدعاء، دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير" (رواه الترمذي). قال ابن عبد البر رحمه الله: وفي ذلك دليل على فضل يوم عرفة على غيره.

 

13 – يوم التكبير

فقد ذكر العلماء أن التكبير ينقسم إلى قسمين: تكبير مطلق، يكون في كل أيام العشر من ذي الحجة، وفي عموم الأوقات، ويبدأ من أول ذي الحجة، حيث كان ابن عمر وأبو هريرة رضي الله عنهم يخرجان إلى السوق، يكبران ويكبر الناس بتكبيرهما. رواه البخاري تعليقًا وغيره موصولاً. والمقصود تذكير الناس ليكبروا فرادى، لا جماعة.

وتكبير مقيد: يكون عقب الصلوات المفروضة، ويبدأ من فجر يوم عرفة. قال ابن حجر رحمه الله: ولم يثبت في شيء من ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث، وأصح ما ورد عن الصحابة قول الإمام علي وابن مسعود رضي الله عنهم: أنه من صبح يوم عرفة، إلى آخر أيام منى.

 

 14 - يوم عرفة ركن من أركان الحج

بل هو ركن الحج الأعظم، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "الحج عرفة" (متفق عليه).