الأضحية سنة مؤكدة في الإسلام، يذبحها المسلم القادر تقربًا إلى الله سبحانه وتعالى وطلبًا لرضاه، ومع اقتراب عيد الأضحى المبارك وذبح الأضاحي، هناك عدد من الآداب التي يجب مراعاتها عند ذبح الأضاحي كما ورد في الشرع رفقًا بها وللحصول على ثوابها كاملًا.

وكان النبي (صلى الله عليه وسلم) حريصًا على أن يضحي بخير الأنعام ويكرمها كذلك عند الذبح أشد إكرام.

 

سنن وآداب عند ذبح الأضحية

أولًا - النية

أن ينوي عند شراء البهيمة أنها أضحية، وهذه النية تكفي إن شاء الله. ولا بدَّ من النية، لأن الأضحية عبادة، والعبادة لا تصح إلا بالنية، لقول الرسول (صلى الله عليه وسلم): "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى" (متفق عليه).

والنية لا بد منها حتى نميز العمل الذي هو لله تعالى عن غيره ومن ذلك الأضحية. وقد نص الفقهاء على اشتراط النية في الأضحية. قال الكاساني: "فمنها نية الأضحية لا تجزئ بدونها لأن الذبح قد يكون للحم وقد يكون للقربة، والفعل لا يقع قربة بدون النية.. فلا تتعين الأضحية إلا بالنية" (بدائع الصنائع 4/208).

وتكفي النية بالقلب ولا يشترط التلفظ باللسان، قال الكاساني: "ويكفيه أن ينوي بقلبه، ولا يشترط أن يقول بلسانه ما نوى بقلبه، كما في الصلاة؛ لأن النية عمل القلب والذكر باللسان دليل عليها" (بدائع الصنائع 4/208)، والصحيح أن التلفظ بالنية بدعة مخالفة لهدي المصطفى – صلى الله عليه وسلم -.

ولو ذبحها غير صاحبها فلا يشترط أن يتلفظ بالنية عن صاحبها. قال الشيخ ابن قدامة معلقًا على قول الخرقي: "وليس عليه أن يقول عند الذبح "عمَّن" لأن النية تجزئ. لا أعلم خلافًا في أن النية تجزئ، وإن ذكر من يضحي عنه فحسن" (المغني 9/456-457).

وقال الشيخ القرافي: "لو نوى الوكيل عن نفسه أجزأت صاحبها، وقد اشترى ابن عمر رضي الله عنه شاة من راع فأنزلها من الجبل، وأمره بذبحها فذبحها الراعي، وقال: اللهم تقبل مني. فقال ابن عمر: ربك أعلم بمن أنزلها من الجبل" (الذخيرة 4/156).

 

ثانيًا - ربط الأضحية قبل الذبح

استحب بعض الفقهاء أن تربط الأضحية قبل أيام النحر، لما فيه من الاستعداد للقربة وإظهار الرغبة فيها، فيكون له فيها أجر وثواب؛ لأن ذلك يشعر بتعظيم هذه الشعيرة قال الله تعالى: "ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ" (الحج: 32).

 

ثالثًا - سحب الأضحية برفق

عن الفاروق عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) أنه رأى رجلًا يجر شاة ليذبحها، فضربه وقال "سقها لا أمّ لك إلى الموت سوقًا جميلًا" (رواه البيهقي سنن الكبرى 9/281، وذكره الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة 1/36).

 

رابعًا - سن السكين

عن ابن عباس (رضي الله عنهما) أن رجلا أضجع شاة وهو يحد شفرته فقال النبي (صلى الله عليه وسلم): "أتريد أن تميتها موتتين هلّا أحددت شفرتك قبل أن تضجعها" (أخرجه الحاكم في المستدرك).

وقال أيضًا: "إن الله كتب الإحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته" (رواه مسلم).

 

خامسًا - أن لا يحد السكين أمام الحيوان الذي يريد ذبحه

لأن ذلك من الإحسان المأمور به كما جاء في الحديث السابق. وعن عاصم بن عبيد الله بن عاصم بن عمر بن الخطاب أن رجلًا حدَّ شفرته وأخذ الشاة ليذبحها فضربه عمر بالدرة وقال: "أتعذب الروح؟! ألا فعلت هذا قبل أن تأخذها" (رواه البيهقي).

 

سادسًا - عدم ذبح أضحية أمام أخرى

حتى لا يكون في ذلك ألم نفسي للأضحية أو الذبيحة، فكان النبي يخبئ السكين ويسترها بحيث لا تراها الذبيحة، ولا يظهرها إلا عند الذبح، ومن رحمته (صلى الله عليه وسلم) ومما استحبه الفقهاء عند ذبح الأضحية وغيرها أن يعرض على الذبيحة الماء قبل الذبح لتشرب.

 

سابعًا - وضع الأضحية في اتجاه القبلة

يستحب أن يستقبل الذابح القبلة وأن يوجه مذبح الحيوان إلى القبلة. قال الإمام النووي: "استقبال الذابح القبلة وتوجيه الذبيحة إليها، وهذا مستحب في كل ذبيحة، لكنه في الهدي والأضحية أشد استحبابًا، لأن الاستقبال في العبادات مستحب وفي بعضها واجب" (المجموع 8/408).

قال أنس بن مالك: "لقد رأيت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يذبح أضحيته بيده واضعًا قدمه على صفاحها"، وكذلك حديث جابر (رضي الله عنه) قال: "كان النبي (صلى الله عليه وسلم) إذا أراد أن يذبح ذبيحته وجهها إلى القبلة"، وكان ابن عمر وغيره يكرهون أكل الذبائح المذبوحة لغير القبلة.

 

ثامنًا - أن يتولى ذبحها بنفسه إن كان يحسن الذبح، وإلا شهد ذبحها

ومما يدل على استحباب تولي الإنسان أضحيته بنفسه، ما جاء في حديث أنس (رضي الله عنه): أن النبي (صلى الله عليه وسلم) "ضحى بكبشين أقرنين أملحين وكان يسمي ويكبر، ولقد رأيته يذبحهما بيده واضعًا رجله على صفاحهما" (رواه البخاري ومسلم).

قال الإمام البخاري في صحيحه "باب من ذبح الأضاحي بيده" ثم ذكر فيه حديث أنس (رضي الله عنه) السابق، ثم ذكر في الباب الذي يليه "وأمرَ أبو موسى بناته أن يضحين بأيديهن".

ويجوز لمن أراد الأضحية أن ينيب غيره في ذبحها، وينبغي أن يوكل في ذبحها صاحب دين له معرفة بالذبح وأحكامه. فإن أناب عنه فيستحب له أن يشهد ذبحها لما ورد في حديث أبي سعيد (رضي الله عنه) أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) قال لفاطمة (رضي الله عنها): "قومي لأضحيتك فاشهديها فإنه بأول قطرة من دمها يغفر لك ما سلف من ذنبك" (رواه البيهقي والحاكم).

 

تاسعًا - ذكر اسم الله عند الذبح

ثبت أن النبي (صلى الله عليه وسلم) كان إذا ذبح قال: "باسم الله والله أكبر". كما جاء ذلك في رواية لحديث أنس (رضي الله عنه) عند مسلم: قال: "ويقول باسم الله والله أكبر".

وثبت في رواية أخرى من حديث أنس قال: "ضحى النبي (صلى الله عليه وسلم) بكبشين أملحين أقرنين ذبحهما بيده وسمَّى وكبر.." (رواه البخاري ومسلم).

 

عاشرًا - الدعاء بعد التسمية والتكبير

والدعاء كأن يقول: اللهم تقبل مني، أو يقول اللهم تقبل من فلان، فهذا مشروع ومستحب، لما ثبت في الحديث عن عائشة (رضي الله عنها)، أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أمر بكبش يطأ في سواد ويبرك في سواد وينظر في سواد فأتي به ليضحي به فقال لها: يا عائشة هلمي المدية، ثم قال: اشحذيها بحجر. ففعلت ثم أخذها وأخذ الكبش فأضجعه ثم ذبحه ثم قال: باسم الله اللهم تقبل من محمد وآل محمد ومن أمة محمد ثم ضحى به" (رواه مسلم).

ومن الآداب والسنن أيضًا؛ ألا تترك مخلفات أضحيتك في الشارع، وأن تتأكد من زهوق روحها قبل الشروع في سلخها.