* "لا أمل من الحوار الوطني".. السيسي يحاول مواجهة أزماته باستغلال ما تبقى من المعارضة
* تقديم الانتخابات الرئاسية لنهاية العام يرجع إلى الخوف من انخفاض شعبية السيسي بشكلٍ أكبر

 

قالت صحيفة نيويورك تايمز إنه على الرغم من وجود أمل ضئيل في إجراء انتخابات حرة ونزيهة حقًا ، إلا أن السيسي والجهاز العسكري والأمني ​​الذي يمثله يهتمون بالمظاهر.

ونسبت الصحيفة الامريكية في تقريرها إلى آراء محللين ودبلوماسيين يرون أن الإقبال الكبير على التصويت سيشجع السيسي على المطالبة بالدعم الشعبي قبل إجراء إصلاحات اقتصادية مؤلمة.

ونشرت صحيفة “نيويورك تايمز” مقالت لمراسلة الصيحفة بالقاهرة قالت إن عبد الفتاح السيسي يواجه أزمة ومخرجه منها هو الحوار مع المعارضة. فالحوار المقيد والنادر هو إشارة عن الضغط الذي يواجه السيسي وشعوره بوجود سخط واقتصاد يغرق.
 

وأضافت نيويورك تايمز أنه خلال الانتخابات الرئاسية الأخيرة في 2018، تم سجن كل المنافسين الجادين للسيسي بحلول يوم الانتخابات.

وعن حالة مماثلة أشارت إلى اعتقال أقارب (أحمد الطنطاوي)، المنافس الوحيد للسيسي والذي لا يحظى إلا بدعم 20 شخصا، بحسب الصحيفة.

وعلق "الطنطاوي"، "لا يحتاج الإصلاح السياسي إلى حوار وطني” “بل يحتاج إلى إرادة سياسية.. المواطن العادي يستطيع رؤية فشل الدولة والحفاظ على وعودها خلال السنوات التسع الماضية في المجال الاقتصادي اليومي وغياب الحريات".

وأضاف "عندما وعد السيسي بالاستقرار والازدهار الاقتصادي اعتبره الكثيرون "منقذا".



كلام بلا فعل

وعن مقارنة تصريحات طنطاوي مع ما يتحدث به السيسي دائما عن البدء بمسار سياسي واقتصادي جديد وسط ارتفاع معدلات التضخم وخسارة الجنيه المصري نصف قيمته في العام الماضي، ما دفع الطبقة الوسطى نحو الفقر علقت الصحيفة "ولكن الإصلاح الاقتصادي الذي وعدت به الحكومة هو مجرد كلام بدون فعل".
 

ولفتت في هذا الإطار إلى انتقادات سبق ووجهها وزير الخارجية السابق عمرو موسى بقوله: "الحقيقة هي أن المصريين يشعرون بالقلق الكبير ويتساءلون عن السياسات وإلى أين هم ذاهبون".

وأضاف "لطالما حذر الاقتصاديون أن الاقتصاد المصري ضعيف وراكد، فالجيش يهيمن عليه إلى جانب النفقات الكبيرة على الأسلحة والمشاريع الإنشائية الكبيرة التي جلبت طفرة قصيرة الأمد بالنمو وغير سليمة".
 

واعتبرت الصحيفة أن مظاهر الضعف بدا الكشف عنها بعد الغزو الروسي لأوكرانيا العام الماضي، عندما ارتفعت أسعار المواد الغذائية الرئيسية وتراجعت الموارد من السياحة وسحب المستثمرون الأجانب أموالهم من مصر.

وأضافت الصحيفة أن السخط على الأوضاع واضح رغم محاولات الحكومة تصوير الأزمة بأنها نتاج من حرب لا يمكن تجنبها، وهو سخط عال بمعايير بلد يعني فيه النقد المفتوح للسلطات السجن.
 

تراجع شعبية

ونقلت عن محللين أن المحادثات مع المعارضة هي نتاج لشعور السيسي بالضغط، إلى جانب ضغط آخر نابع من دعوة النواب في البرلمان لتقديم الانتخابات الرئيسية المقررة العام المقبل لنهاية هذا العام.
 

وأضافت عن دبلوماسيين ومحللين أن وراء تقديم الانتخابات مخاوف المؤسسة الحاكمة من تراجع شعبية السيسي أكثر قبل انتخابات 2024. لكن وفي ظل غياب الانتخابات الحرة والنزيهة، إلا أن السيسي والجهاز الأمني الذي يمثله، تهمه المظاهر، فمشاركة شعبية واسعة في الانتخابات ستجرئ السيسي على الزعم بوجود تفويض شعبي واسع له، قبل أن يمضي في تطبيق الإصلاحات الاقتصادية المؤلمة.
 

ولفتت إلى أن الرهانات بالنسبة إلى مصر مستمرة، فأكبر بلد عربي تعدادا للسكان واجه في الماضي فترات من عدم الاستقرار خلال الـ 12 عاما الماضية ومنذ الربيع العربي عام 2011، حيث شهد فترة ديمقراطية مضطربة قبل سيطرة الجيش على الحكم في عام 2013.


وأستدركت أنه مع انتشار الفقر والمعاناة لـ 105 مليون نسمة، لا يمكن استبعاد السخط والاضطرابات، حسب المحللين. ثم إن الاضطرابات ضد التدهور الاقتصادي قد تنتشر إلى مناطق أخرى في الشرق الأوسط وتدفع بموجات هجرة إلى أوروبا. وستواجه مصر في الأشهر المقبلة خيارا بين الوفاء وسداد ديونها أو إطعام المصريين الذي يعتمدون على الدعم الحكومي.

حوار وطني
 

وعن لافتة الحوار الوطني التي رفعها السيسي قالت الصحيفة "قرر عبد الفتاح السيسي الذي يواجه أزمة اقتصادية مدمرة أن الوقت قد حان لعقد حوارات مع ما تبقى من المعارضة السياسية المصرية ومنحها عددا من المقاعد على الطاولة بعد عقد من القمع والسجن والمنفى” و “بالنسبة إلى قادة ديكتاتوريين مثل السيسي، فالمصالحة تذهب إلى حد ما".

واعتبرت أن إجراءات تالية لإطلاق الحوار كانت بمثابة تقليل توقعات وردية بشأتدن "الحوار" قائلة "لم يمض وقت طويل على إعلان الحوار الوطني حتى بدأت الحكومة بالتقليل من التوقعات، في إشارة على تردد السيسي لطي صفحة الماضي، بعد سنوات من القمع السياسي وسيطرة الجيش على اقتصاد البلد.".

وأضافت للتوقعات المتردية "مُنع الإسلاميون من الحوار ولم توجه دعوى إلى معظم المعارضة الليبرالية. ولا يشمل الحوار الموضوعات غير واضحة المعالم، فمثل موضوعات الأمن القومي ليست مطروحة على الطاولة".
 

وتابعت أن إفراج السيسي عن 1000 معتقل سياسي في العام الماضي تزامن معه اعتقالات جديدة للصحافيين والمعارضين والباحثين وحتى لاعبي كرة القدم تفوق عدد الذين أُفرج عنهم.

وعليه رأت أنه "لا يعول الكثيرون على الحوار الوطني وتحقيقه أي نتائج، باستثناء رزم من الأوراق ومجموعة من الصور الجماعية".

وفي سياق هذه الرزم والصور أوردت تعليق من ضياء رشوان منسق الحوار الوطني في الشهر الماضي، الذي قال إن على المصريين التفريق بين اعتقالات “معزولة” و”ظاهرة عامة”.

وزعم أن السيسي لا يمكنه التدخل في العملية القضائية.

وقال إن خالد داوود عضو تحالف الحركة المدنية الديمقراطية (وهي تحالف من أحزاب المعارضة) برر الموافقة مع التردد، بالمشاركة نظرا إلى غياب أي مساحة لإسماع صوتها بعد اعتقال عدد من أفرادها.
 

أزمة اقتصادية وموقع مصر

وقالت الصحيفة إنه في الماضي تغلبت مصر على النقد لها من الولايات المتحدة والدول الأوروبية بذريعة موقعها الإستراتيجي وأهميتها في الحرب على الإرهاب ومنع الهجرة. ففي وقت طالب فيه نواب بالكونغرس معاقبة مصر بسبب سجل حقوق الإنسان، أكد كل من البيت الأبيض والاتحاد الأوروبي على أهميتها الأمنية.

وأضافت "في الوقت نفسه ظلت دول الخليج الثرية تدعم النظام وتسارع لإنقاذه. ولكن الداعمين هؤلاء يطالبون الآن بإصلاحات عميقة كجزء من حزمة إنقاذ بـ 3 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي، بما في ذلك تخفيف هيمنة الجيش على الاقتصاد".
 

وتوقعت الصحيفة "أن تصل 20 مليار دولار بحلول 30 يونيو من خلال بيع أصول ومصادر مصرية، إلا أن جيران مصر الغنية لم يعودوا مستعدين لمساعدة السيسي إلا بالحصول على مقابل، ويرى المحللون أن الجيش أبطأ عمليات خصخصة أصول الدولة من أجل السيطرة على الأرباح، فلكل هذا، لم تصل الأموال".
 

وأكدت الصحيفة أنه بظل ذلك "تتدهور حالة المصريين وتزداد فقرا. وقد رفعت الحكومة الدعم عن الوقود والطعام بحيث جعلت حياة الملايين صعبة، أما الدعم من الدولة لأبناء الطبقة المتوسطة فلا يتناسب مع حالة الارتفاع المستمر لمعدلات التضخم. ولم يعد الفقراء وأبناء الطبقة المتوسطة قادرين على شراء المواد الأساسية. أما نخبة القاهرة، فهي ترى توفيرها يتلاشى وتجارتها تترنح".

https://www.nytimes.com/2023/06/13/world/middleeast/egypt-opposition-talks.html?smtyp=cur&smid=tw-nytimesworld