توقعت البنوك والمؤسسات الدولية هبوطًا جديدًا للجنيه على المدى القريب، وانضم اليوم بنك كريدي سويس وبنك أوف أمريكا إلى قائمة البنوك التي اتفقت على حدوث تراجعات جديدة بالجنيه أمام العملات الأجنبية.

وكانت البنوك الكبيرة في أوروبا قد توقعت أن يكون شهر مارس الجاري شهرًا حاسمًا للاقتصاد الوطني، وأن يعاني الجنيه فيه من هبوط أكبر قد يصل إلى 35 جنيهًا للدولار الواحد.

 

الجنيه الآن

وصل سعر الجنيه وفقًا لبيانات البنك المركزي أمام الدولار إلى 30.57 للشراء، و30.68 للبيع.

وسجل سعر الدولار أمام الجنيه في البنوك الخاصة إلى مستويات الـ 30.68 للبيع. ومستويات الـ 30.63 للشراء، وهي المستويات المسجلة خلال ما يقرب من أسبوع.

وفي البنوك الوطنية استقر سعر الجنيه عند 30.58 للشراء، وللبيع 30.48.

 

مفاجأة الجنيه في العقود الآجلة

شهدت العقود الآجلة للجنيه أجل 12 شهر، ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الجنيه إلى 36.699 جنيه، وهو الأعلى على الإطلاق، وفقًا لـ"بلومبرج".

يأتي هذا التراجع بعدما تراجعت تكلفة التأمين على الديون إلى أدنى مستوياتها خلال العام الحالي، وسط مخاوف من المخاطر المحيطة بالاقتصاد، وسياسات التشديد النقدي من جانب البنوك المركزية الرئيسة في العالم لمكافحة التضخم. حيث ارتفعت تكلفة التأمين على الديون السيادية المصرية بنحو 55 نقطة إلى 1047 نقطة، وهو الأعلى خلال 2023، وفقًا لـ"Investing".

كما سجلت السندات المصرية الدولية، أسوأ أداء بين سندات الأسواق الناشئة، خلال تعاملات أمس الثلاثاء، بعدما تراجعت بين 2 إلى 3%.

 

كريدي سويس.. الجنيه نحو الـ 35

توقّع بنك "كريدي سويس" أن يتجه الجنيه المصري إلى مزيد من الهبوط، ليصل إلى 35 جنيهًا مقابل الدولار، خلال الربع الثاني من العام الحالي.

وأشار البنك في تقرير عن توقعاته الفصلية عن الاستثمار في مصر، إلى أن سوء إدارة الحكومة لمرونة سعر الصرف سيؤدي إلى مزيد من التراجع في قيمة الجنيه خلال الفترة المقبلة، وفقًا لـ"العربي الجديد".

وأشار خبراء الاستثمار في البنك إلى أن الاستثمار في مصر ما زال محفوفا بالمخاطر، ومناسبا للمستثمرين الراغبين والقادرين على تحمّل مخاطر عالية.

وتوقع "كريدي سويس" تراجع العائد على الأسهم المحلية، مع حدوث مزيد من التراجع في الأرباح المحققة من عوائد الاستثمار، مع المخاطر المرتبطة بتراجع قيمة الجنيه، واحتمال ارتفاع أسعار الفائدة في البنك المركزي، لمواجهة التضخم المتصاعد بشدة.

ويرى البنك السويسري أيضًا أن تنفيذ برنامج صندوق النقد يعتبر مناسبًا لتحسين الوضع الاقتصادي الحالي حتى وإن تم تنفيذه بشكل جزئي أو متأخر من قبل الحكومة، وتوقع تعويمًا جديدًا للجنيه في مارس.

 

بنك أوف أمريكا.. تراجع كبير بالجنيه

بينما لم يحدد بنك أوف أمريكا سعرًا متوقعًا للدولار، لكنه يرى أن تراجع الجنيه هو الحل العملي لسد فجوة التمويل الخارجية التي تعاني منها مصر في الآونة الأخيرة، حيث توقع تراجعًا كبيرًا دون تحديد نسبة التراجع.

وأفادت وكالة "بلومبيرج" أن دول الخليج تترقب وضوح الرؤية على نحو أكبر بشأن الجنيه، وإثبات أن مصر تجري إصلاحات اقتصادية عميقة قبل ضخ استثمارات بمليارات الدولارات.

وأكدت الوكالة أن دول الخليج تريد أيضًا اتخاذ البلاد خطوات جادة بشأن الإصلاحات التي وعدت بها صندوق النقد الدولي، لتأمين الحصول على حزمة إنقاذ بقيمة 3 مليارات دولار. مشيرةً إلى مخاوف المستثمرين الخليجيين من عدم التزام الحكومة بالضوابط المشروطة من قبل صندوق النقد.

وفي هذا الشأن، يعتقد بنك أوف أميركا أن الشركاء الإستراتيجيين، ومن بينهم دول مجلس التعاون الخليجي، يحتاجون إلى ضمان توازن دقيق بين منع الاقتصاد المصري من الفشل، والسيطرة على معدلات الانكشاف عليه، وفي نفس الوقت توفير حافز كاف للسلطات لمتابعة الإصلاح.

بيد أن البنك يرى أن برنامج صندوق النقد هو السيناريو الأفضل للاقتصاد المصري إذ يرسم صورة جيدة للنشاط الاقتصادي، ويتضمن خفضًا متوقعًا لعجز الحساب الجاري، وانتعاش السياحة، والاستثمار الأجنبي المباشر واحتياطيات النقد الأجنبي، وتحسين القدرة التنافسية.

 

"سوسيتيه جنرال" يتوقع تراجع الجنيه 10%

توقع بنك "سوسيتيه جنرال"، حدوث تراجع آخر في سعر صرف الجنيه خلال الربع الأول من العام الجاري، إلى متوسط 34 جنيها لكل دولار واحد.

وذكر البنك في مذكرة بحثية صادرة، الأحد، أن سعر الصرف الحالي للجنيه، أعلى من قيمته الحقيقية بنسبة 10%، مشيرًا أن سعر 34 جنيهًا قد يكون واقعًا بحلول نهاية مارس المقبل.

وبرر البنك ذلك، إلى حاجة مصر لعملة أرخص من الحالية وسط ارتفاع العجز في الحساب الجاري وميزان المدفوعات للعام الحالي، وفقًا لـ"الأناضول".

وزاد: "على الرغم من فقدان الجنيه 50% خلال العام الماضي، بعد خفض قيمته ثلاث مرات، فإن العملة لم تصل بعد إلى سعر صرف متوازن قصير الأجل".

ونفذ البنك المركزي ثلاث عمليات خفض لسعر صرف الجنيه منذ مارس 2022، من 15.7 جنيهًا، وصولًا إلى المستوى الحالي البالغ قرابة 30.5 جنيهًا.

وبحسب المذكرة، "نتمسك بتوقعاتنا للدولار الأمريكي مقابل الجنيه المصري، التي تُعبّر عن الاحتمالية المتزايدة لحدوث خفض حاد آخر في قيمة العملة في المدى القريب".

 

تشارتد يتوقع الهبوط إلى 35.. في هذه الحالة

ومن جهتها، ربطت كارلا سليم، اقتصادية تشارتد ستاندرد المختصة بالشؤون الاقتصادية في الشرق الأوسط، توقعاتها بعاملين الأول وهو إصدار صكوك لجمع الأموال الساخنة والثاني هو دخول الأموال الساخنة من مستثمرين الخليج إلى مصر.

وإلى الآن يبدو أن مصر تأخذ خطوات واسعة في إصدارها للصكوك، حيث أصدرت صكوك إسلامية بقيمة 1.5 مليار دولار بفائدة تجاوزت الـ 11% وبلغت قيمة الاكتتاب 6.1 مليار جنيه وهي ستة أضعاف القيمة المرصودة، وفقًا لـ"Investing".

وقالت كارلا إن التأخير في توفر الأموال الساخنة قد يدفع الجنيه للهبوط مقابل الدولار إلى مستويات الـ 33-35 لتحفيز الاستثمارات الخليجية للدخول وإعادة الأموال الساخنة من جديد للاقتصاد الوطني.

اقرأ أيضًا:

صعوبات داخلية وتوقعات بتراجع الجنيه.. الاقتصاد على المحك في مارس

 

أسباب تراجع الجنيه

ذكر تقرير بنك كريدي سويس أن الجنيه تعرّض الجنيه لثلاثة موجات من التراجع في قيمته، خلال 12 شهرا، أفقدته 50٪ من قيمته، ويرى أن أهم أسباب التراجع تتمثل في:

1 - عدم إحراز تقدّم في مسار الإصلاح الاقتصادي، أعاق الحكومة عن نقل الجنيه إلى سعر الصرف المرن الموعود، بينما زاد قرار البنك المركزي المفاجئ بالإبقاء على سعر الفائدة دون تغيير في يناير الماضي، أدى إلى خسارة الجنيه نحو 2.6% من قيمته.

2 - سعر الصرف الفعلي الحقيقي (REER) أقل من قيمته حاليا بنسبة 30%، منوهًا إلى أن هذا الضعف يمثل خطرًا على المدى القريب، مع إمكانية العودة إلى الانتعاش من وجهة نظر متوسط الأجل، تزيد عن 12 شهرًا، وفقًا لـ"العربي الجديد".

3 - التوقعات بتدهور الوضع الاقتصادي في مصر دفعت إلى توقع ارتفاع الدولار، مع وجود خطر ائتماني في مصر، واستبعاد قدرة الدول الدائنة على إعادة هيكلة طوعية للديون، تدفع الحكومة إلى التخلف عن سداد خدمات وأدوات الدين. 

4 - مخاوف المستثمرين من ارتفاع حالة الاضطراب الاجتماعي.

5 - زيادة معدلات التضخم وانخفاض قيمة العملة، إلى ما يزيد عن 50٪، خلال عام.

6 - منافسة مؤسسات الجيش للقطاع الخاص.

7 - تحوّل الغلاء إلى مرض مزمن، أعاد إلى الأذهان الأسباب المحفزة لحالة الفوران الاجتماعي التي شهدتها مصر منذ عام 2011، والتي زادت دوافعها حاليا، في ظل عدم وجود مؤسسات مدنية قادرة على العمل كبديل للنظام الحالي، المؤثر بشكل كبير على النشاط الاقتصادي.

8 - وجود فجوة كبيرة في ميزان المدفوعات تتطلب إصلاحًا كبيرًا، في ظل توقّع انخفاض تدفّق القروض وتدهور مصادر العملة الصعبة، مع تباطؤ النشاط الصناعي عالميًا.

9 - وجود مخاطر استمرار إعادة الهيكلة الطوعية للديون، ومخاوف التخلف عن السداد للقروض أو مستحقات الصكوك والسندات، واعتماد الحكومة بشكل قاطع على دعم مؤسسات التمويل ودول الخليج.

10 - على الرغم من أن مستويات الدين آخذة في الاستقرار، إلا أن مراكز خدمة الديون لا تزال ضعيفة، حيث تعادل مدفوعات الفائدة وحدها ما يقرب من نصف الإيرادات الحكومية العامة.

ويتوقع الخبراء أن تبلغ خدمة الديون ذروتها في العام المالي 2024-2025، حيث تصل إلى 29.7 مليار دولار، وفقا لتقديرات صندوق النقد الدولي.

وبلغ الدين الخارجي نحو 157 مليار دولار نهاية يونيو 2022، بزيادة 11 مليار دولار عن نفس الفترة من عام 2021، حيث وصل إلى 146 مليار دولار، تمثل 33% من الناتج الإجمالي المحلي.