أعلنت شركة الشحن "ليث إيجينسيس" على تويتر اليوم الاثنين، أن سفينة تدعى "غلوري" جنحت في قناة السويس أثناء عبورها مع القافلة المتجهة جنوبًا قرب مدينة القنطرة، مشيرة إلى أن بعض الزوارق تعمل على إعادة تعويمها.

وتابعت الشركة أن زوارق القطر التابعة لهيئة قناة السويس أعادت تعويم السفينة (غلوري) التي جنحت بالقناة في وقت سابق اليوم الاثنين.

وأوضح رئيس هيئة قناة السويس، الفريق أسامة ربيع، أنه تم الدفع بعدد 4 قاطرات تتقدمهم القاطرة بورسعيد بقوة شد 95 طن، للتعامل السريع مع الموقف وقطر السفينة بما يسمح باستئناف عبورها بالقناة مرة أخرى حتى توقفها في أقرب نقطة في منطقة البلاح لإصلاح العطل.

وأفاد موقعا فيسيل فايندر ومارين ترافيك لتتبع حركة السفن، بأن السفينة ناقلة بضائع تحمل علم جزر مارشال، ويبلغ طولها 225 مترًا، وعرضها 32 مترًا، بحمولة قدرها 41 ألف طن، وتتبع التوكيل الملاحي إنشكيب.

وكانت السفينة غلوري غادرت ميناء كورنومورسك في أوكرانيا يوم 25 ديسمبر متجهة نحو الصين وعلى متنها شحنة من حبوب الذرة، بحسب مركز تنسيق صادرات الحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود في إسطنبول.

وأفاد مركز التنسيق في إسطنبول، والذي يضم ممثلين من الأمم المتحدة وتركيا وأوكرانيا وروسيا، بأن السفينة سُمح لها بالاستمرار في رحلتها من إسطنبول بعدما خضعت للفحص يوم الثالث من يناير الجاري.

مواقع رصد حركة السفن

 

حوادث مماثلة

لم تكن سفينة الشحن "غلوري" هي أول السفن التي تجنح في قناة السويس؛ فقد سبقتها عدة حوادث مشابهة، وتسبب بعضها في خسائر بعشرات المليارات من الدولارات.

وكانت الحادثة القريبة هي جنوح ناقلة نفط سنغافورية في القناة، وتسببت في توقف حركة الملاحة في القناة نحو 5 ساعات، في شهر سبتمبر 2022.

وأعلن الفريق أسامة ربيع عن نجاح وحدات الإنقاذ وقاطرات الهيئة في إنقاذ وتعويم ناقلة الوقود (أفينيتي) التي تبلغ حمولتها 64 ألف طن بعد أن جنحت عند الكيلومتر 141 بترقيم القناة، بسبب عطل فني في دفة السفينة.

وأوضحت الهيئة في بيان أن فريقًا من مراقبي الملاحة بالتنسيق مع مكتب تحركات بور توفيق اتخذ الإجراءات اللازمة وتم الدفع بـ5 قاطرات لتعويم ناقلة الوقود، ونجحوا في ذلك بعد مرور 5 ساعات كاملة.

 

إيفرغيفن تسدُّ مجرى القناة أسبوعًا

وأثار حادث الاثنين المخاوف من تكرار حادث جنوح كبير وقع في 23 مارس 2021 عندما سدّت حاملة الحاويات العملاقة إيفرغيفن التي يبلغ وزنها حوالي مئتي ألف طن، ويبلغ طولها 400 متر، مجرى القناة لمدة أسبوع، عندما علقت مقدمتها خلال عاصفة رملية في نقطة في الضفة الشرقية للسويس، وهو ما أوقع خسائر بمليارات الدولارات نتيجة تعطل حركة الملاحة.

وقدرت هيئة القناة خسائرها جراء جنوح السفينة إيفرغيفن بحوالي 12 إلى 15 مليون دولار في كل يوم من أيام الإغلاق. فيما قدّرت شركات التأمين خسائر تكبدها قطاع الملاح العالمي بالمليارات يوميًا.

ورجحت التقارير أن التجارة العالمية خسرت 400 مليون دولار في الساعة الواحدة، وقدرت الخسائر العالمية لإغلاق القناة بما بين 6 إلى 10 مليارات دولار أسبوعيًا، حسب تقرير لشركة التأمين الألمانية "أليانز" وقتها.

السفينة غلوري

 

ما جدوى التفريعة؟

أثارت هذه الحادثة والحوادث الأخرى قبلها تساؤلات كثيرة عن جدوى تفريعة قناة السويس التي كلفت مصر مليارات الدولارات، وفقًا لتقرير لصحيفة وول ستريت جورنال.

ففي عام 2015، افتتح قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي التفريعة الجديدة للقناة، ووصفها بأنها "ولادة جديدة لمصر"، أملًا في أن تعزز حركة الشحن وتزيد الإيرادات من القناة، من 5 مليارات دولار سنويًا إلى أكثر من 13 مليار دولار بحلول 2023.

حينها، أشارت الدراسات الداخلية لحكومة الانقلاب إلى أن العائد منها سيكون متواضعًا، بحسب وول ستريت جورنال، وتمثل عائدات القناة نحو 1.5% فقط من إجمالي الناتج الاقتصادي لمصر، لكنها مصدر مهم للعملة الأجنبية لبلد يعاني عجزًا تجاريًا كبيرًا.

وفي تصريحات صحافية سابقة، قال الخبير الاقتصادي ممدوح الولي، عن العلاقة بين حوادث جنوح السفن وتفريعة قناة السويس الجديدة: “أثبت الحادث أن ما قيل من قبل بشأن التفريعة الجديدة لقناة السويس لم يكن صحيحًا سواء ما يتعلق بأنها ستسمح بمرور السفن في الاتجاهين في الوقت نفسه حيث ما زالت هناك مسافات في القناة يتم المرور من الاتجاهين فيها عبر مسار واحد”.

وتابع “كذلك ما قيل أن إيرادات القناة ستبلغ 9.9 مليار دولار عام 2020 بينما لم تحقق القناة سوى 5.6 مليار دولار إيرادات في ذلك العام، وقيل إن عدد السفن التي ستعبر القناة سيبلغ 28 ألف سفينة بينما بلغ عدد السفن التي عبرت القناة في 2020 أقل من 19 ألف سفينة”، وفقًا لـ"الجزيرة".

وعن إن كان يجب إنفاق 8 مليار دولار على تفريعة قناة السويس الجديدة قال أستاذ التمويل والاستثمار هشام إبراهيم “التفريعة لم تكن مسارًا بديلًا وإنما للتعامل مع نقاط اختناق فعلية في مسار القناة”.

وتابع “قناة السويس عمرها 140 سنة وحجم الحوادث قليلة للغاية ومعامل المخاطر قليلة وأمر منطقي أن يكون هناك حوادث لأسباب متعددة وقد يكون هناك أسباب فنية خاصة بجنوح هذه السفن لم تتضح بعد”.

السفينة الجانحة في قناة السويس

 

جهل النظام المطبق

وعن المنتظر من عائدات القناة بعد شق التفريعة الجديدة، قال الدكتور علاء السيد، أستاذ الاقتصاد والتمويل الدولي، إن رئيس هيئة قناة السويس السابق صرح بأن عائد تفريعة قناة السويس سيكون 100 مليار دولار أمريكي سنويًا، وهو ما يؤكد جهل النظام المطبق ورجاله وكذبهم البواح وعشوائية خطابهم الإعلامي بما يؤكد أن الأمر قد توسد في مصر من رأس النظام إلى الوزراء ورؤساء الهيئات وقادة الجيوش حتى أصغر المناصب إلى غير أهله، فقد أثبت الواقع أن إيرادات قناة السويس قد تراجعت في السنوات الخمس التالية لافتتاح التفريعة الفاشلة.

ويواصل أستاذ الاقتصاد والتمويل الدولي، "أما الزيادة في إيرادات قناة السويس التي يتوقع أن تصل إلى نحو 7 مليارات دولار أمريكي فلا علاقة لها بكورونا بل تأتي ضمن إيجابيات الحرب الروسية الأوكرانية اقتصاديًا على مصر بعد اضطرار أوروبا إلى التركيز على استيراد البترول والغاز من دول الخليج العربي بدلا عن الغاز والبترول الروسي، وهو ما أدى إلى كثافة عبور ناقلات النفط عبر قناة السويس وارتفاع إيراداتها لهذا السبب.

ولا علاقة لتفريعة قناة السويس بهذا الأمر، ولا إضافة اقتصادية تذكر لها؛ فهي مشروع غير ذي جدوى اقتصادية أصلًا، وإن كان يسهم جزئيا في سرعة عبور السفن عبورًا طفيفًا لا عائد مالي ذا وزن من ورائه.

وتعد قناة السويس أحد أهم مصادر العملة الأجنبية لمصر، إذ تدرّ القناة على البلاد أكثر من سبعة مليارات دولار سنويًا، إلى جانب تحويلات المصريين بالخارج وإيرادات السياحة.

وتحظى قناة السويس بأهمية كبيرة بين الممرات المائية في العالم؛ إذ توفر ما يتراوح بين خمسة إلى 15 يومًا في المتوسط، من وقت الرحلة عبر الطرق الأخرى، ويمر حوالي 15% من التجارة العالمية عبر القناة التي يبلغ طولها 193 كيلومترًا وتربط البحر الأبيض المتوسط بالبحر الأحمر.