جريمة بشعة لا يتوقعها أحد بإقدام أب على قتل ابنه صاحب الستة أعوام في مشهد تخلى فيه الأب عن إنسانيته وأبويته لسبب ليس مقنعا لإقدامه على فعل تلك الجريمة النكراء ليفتح معها هذا المتجرد من إنسانيته كيف وصل هو وغيره على ارتكاب جرائم مثل تلك، ولعل السبب هو غياب الدور المجتمعي الذي يحاربه المنقلب عبد الفتاح السيسي من خلال الزج بالعلماء والدعاة داخل السجون المصرية.

 

تفاصيل  الجريمة البشعة

في جريمة يشيب لها الوليد أقدم مواطن مصري يقطن في حي المرج بمحافظة القاهرة على قتل طفله الذي لم يتجاوز السادسة من العمر، وذلك بعد أن كسبت طليقته دعوى الحضانة، وفقا لما ذكرت تقارير إعلامية.

وكشفت مروة، والدة الطفل بدر، في تصريحات لصحيفة "الفجر" المحلية أنها انفصلت عن زوجها منذ عامين لسوء سلوكه وتعديه عليها بالضرب والإهانة بشكل مستمر، لكن ظل طفلها الوحيد بدر يتردد بينهما حتى علمت بأن والده "يتعدى عليه بالضرب المبرح".

ونوهت  أنها ذات يوم رأت جسد طفلها مشوها من شدة تعذيبه، فقررت رفع دعوى ضم حضانة الطفل لجدته، والدة الأم.

ولفتت الأم إلى أنها كانت قد أنجبت ابنها بعد 16 عاما من الانتظار، لافتة إلى أن والده حينما علم بحكم المحكمة الصادر بأحقية أسرة الأم في ضم حضانة الطفل، فقرر أن "يشعل النيران في قلبي وينتقم مني ويحرمني من طفلي الوحيد للأبد".

وكانت التحقيقات قد كشفت أن الأب قد انهال على طفله بالضرب المبرح بعصا غليظة "الشومة" في جميع أنحاء جسده، وسط محاولات من الطفل للإفلات من بين يديه.

واعترف الأب القاتل بأنه كان يدهس صغيره تحت قدميه إلى أن لفظ أنفاسه الأخيرة، وعندها هرب إلى ابنه الأكبر من زواج آخر، والذي يقطن في حي الزواية الحمراء، رفض الأخير التستر عليه واشتبك مع أبيه قبل تسليمه إلى الشرطة.

وأشارت الأم إلى كثرة الخلافات بينها وبين طليقها وتعديه الدائم عليها بالضرب واحتجازها وتعاطيه المواد المخدرة وخيانته لها.

 

جريمة تلو الأخرى أكثر بشاعة

تأتي تلك الجريمة البشعة بعد أيام من أقدام شخص على قتل والديه وشقيقه في إحدى قرى محافظة كفر الشيخ، بعدما شرع بمقتل (ج. م) البالغ من العمر 80 عاماً، طعناً بجرحٍ قطعي بالرقبة، وزوجته (س. أ. 75 عاماً) ربة منزل، والتي وُجدت جثة هامدة مع كدمة واضحة خلف رأسها، بالإضافة لنجلهما (أ. ج) البالغ من العمر 45 عاماً ويعمل مدرساً، وشوهدت آثار طعنة بالرقبة وجرح قطعي بالوجه.

أدلى القاتل باعترافات تفصيلية، قائلاً إن السبب في ارتكابه الجريمة هو وجود خلاف كبير بينه وبين أسرته، بسبب عدم رغبتهم في مساعدته ماليًا من أجل الزواج، وأن والده كتب كل الممتلكات باسم شقيقه الأكبر الضحية الثالثة في هذه القضية، وحرّر له توكيلاً عاماً بالتصرف في الممتلكات.

وروى القاتل تفاصيل ما جرى يوم الجريمة المروعة، حيث حضر من محل إقامته بالإسكندرية، وتوجّه إلى محل إقامة أسرته، ونشبت بينهم مشاجرة تطورت إلى طعن شقيقه ووالدته.

عقب ذلك توجّه للشقة الأخرى المقيم بها والده، وسدّد له العديد من الطعنات، وتخلّص من السكين المستخدمة في ارتكاب الواقعة بإلقائها بأحد مصارف المياه، وعاد لمحلّ إقامته بمحافظة الإسكندرية.

زيادة معدلات الجريمة وسط الزج بالعلماء والدعاة في السجون

وزادت معدلات الجريمة بمصر بشكل مخيف خصوصا الجرائم الأسرية خلال الفترة الأخيرة، لتحتل المركز الرابع عربياً والـ 16 إفريقياً والـ 24 عالمياً في جرائم القتل، بحسب تصنيف “ناميبو” لقياس معدلات الجرائم بين الدول.

وأرجع خبراء أسباب ارتفاع معدلات الجرائم إلى اعتقال مئات العلماء والدعاة والقمع المجتمعي الذي يمارسه قائد الانقلاب بالإضافة للانفلات الأمني من انتشار الأسلحة النارية، والإفراج عن عدد كبير من العناصر الإجرامية، وشيوع ظاهرة العنف الاجتماعي، والتأثيرات الناجمة عن الأعمال الفنية من الأفلام والمسلسلات.

فاعتقال هؤلاء الدعاة أدى إلى زيادة المشاكل الاجتماعية وانعدام القيم الدينية التي أدت لتدهور مجتمعي شديد نتج عنه استباحة أفعال العنف، وفق لخبراء الذين توقعوا ارتفاعا مطردا في معدلات الجريمة باستمرار مسبباتها دون علاج في ظل استمرار الحكم العسكري.

 

الفقر والتدهور الاقتصادي

ومن جهته قال مدير المركز المصري لدراسات الإعلام والرأي العام "تكامل مصر" الباحث مصطفى خضري، إن المشاكل الاقتصادية التي تفاقمت بسياسات النظام الفاشلة على رأس مسببات ازدياد الجرائم في مصر.

وأشار في تصريحات صحفية إلى تدهور الحالة الأمنية واهتمام النظام بالأمن السياسي على حساب الأمن الجنائي، لافتا إلى انهيار المنظومة القانونية وتحول العدالة إلى عدالة انتقائية تحابي الأغنياء وذوي المناصب السياسية على حساب باقي المواطنين، واعتبر خضري انتشار المخدرات ومغيبات العقل، سببا رابعا لارتفاع معدلات الجريمة في مصر.