نشرت صحيفة ديلي ميل" والوكالة الفرنسية تقريرين عن أكبر الأحداث العالمية سنة 2022، وبدأت من الغزو الروسي لأوكرانيا مرورًا بإلغاء قوانين الإجهاض في الولايات المتحدة، وانتهاء بكأس العالم في قطر، وسنلخص أهم ما جاء في هذين التقريرين.

 

الحرب في أوكرانيا

شن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أكبر غزو في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية عندما أرسل قوات إلى أوكرانيا في 24 فبراير، مما تسبب في فرار 3 ملايين أوكراني إلى الخارج.

لكن القوات الروسية فشلت في الاستيلاء على العاصمة كييف وإسقاط حكومة الرئيس فولوديمير زيلينسكي، وفرض الغرب عقوبات غير مسبوقة على موسكو وأرسل مليارات الدولارات لمساعدة أوكرانيا.

واستولت القوات الروسية على معظم ساحل أوكرانيا على البحر الأسود، بما في ذلك ميناء ماريوبول، الذي دمر في حصار استمر ثلاثة أشهر، وقتلت عشرات المدنيين في ضاحية بوشا في كييف، وضم بوتين على عجلٍ أربع مناطق أوكرانية تسيطر عليها روسيا جزئيًا، وهي خطوة أدانتها الأمم المتحدة باعتبارها غير قانونية.

بحلول سبتمبر، استعادت القوات الأوكرانية الأرض في الشمال الشرقي والجنوب. وفي نوفمبر، انسحبت القوات الروسية من ميناء خيرسون الجنوبي، منهية ثمانية أشهر من الاحتلال. ومع نهاية العام، وجهت القوات الروسية ضربات للبنية التحتية للطاقة في أوكرانيا بلا هوادة، مما تسبب في انقطاع التيار الكهربائي في جميع أنحاء البلاد مع حلول فصل الشتاء.

وفي ديسمبر الجاري، ذهب زيلينسكي - في أول رحلة خارجية له منذ الغزو - إلى واشنطن لإلقاء كلمة في الكونجرس الأمريكي، مناشدًا الحصول على دعم أمريكي طويل الأمد. وتسببت الحرب الروسية الأوكرانية في مقتل حوالي 15 ألف مدني أوكراني وفق المفوضية السامية لشؤون اللاجئين وعدد كبير من الجنود الروس.

موفد فرانس24 الخاص طاهر هاني يزور مدينة بوروديانكا الأوكرانية لينقل مشاهد الدمار الشديد الذي ألحقته بها القوات الروسية.موفد فرانس24 الخاص طاهر هاني يزور مدينة بوروديانكا الأوكرانية لينقل مشاهد الدمار الشديد الذي ألحقته بها القوات الروسية.موفد فرانس24 الخاص طاهر هاني يزور مدينة بوروديانكا الأوكرانية لينقل مشاهد الدمار الشديد الذي ألحقته بها القوات الروسية.

سنة مضطربة في بريطانيا

تولى ريشي سوناك منصبه في أكتوبر بعد أن قامت ليزا تراس بخفض الضرائب بإحراق نفسها في 44 يومًا فقط - وهي أقصر فترة على الإطلاق لزعيم بريطاني.

وصف 2022 بأنه سنة مضطربة في بريطانيا، حيث شهدت سلسلة من الفضائح السياسية أدت إلى سقوط كلا من حكومة بوريس جونسون في يوليو من نفس السنة ثم بعد ذلك حكومة ليزا تراس التي لم تبق على رأس الحكومة البريطانية سوى أربعة وأربعين يوما قبل أن تعلن عن استقالتها، بسبب رفض البريطانيين وبعض الوزراء من حكومتها الخطة الاقتصادية التي وصفت بالصعبة التي اقترحتها من أجل إخراج بريطانيا من الأزمة.

وكان أبرز حدث هو وفاة الملكة إليزابيث الثانية في سبتمبر 2022 عن عمر ناهز 96 عاما، بعد أن تبوأت العرش لمدة قياسية بلغت سبعين عاما. وخلفها تلقائيا ابنها الأكبر تشارلز البالغ 73 عاما. وكانت إليزابيث الثانية لدى وفاتها ملكة على 12 دولة، من نيوزيلندا إلى جزر الباهاما، وهي بلدان زارتها كلها خلال فترة حكمها الطويل.

 

الفساد يزعزع أركان البرلمان الأوربي

لن ينسى نواب البرلمان الأوروبي العام 2022 بسهولة بعد الفضيحة التي هزت أركان هذا المبني الزجاجي ببروكسل، الذي يعتبر المعقل الأكبر للممارسة الديمقراطية ولمكافحة كل أشكال الفساد. لكن قصة نائبة رئيسة هذه المؤسسة الأوروبية اليونانية إيفا كايلي قد تشوهه صورتها ولمدة طويلة. فلقد اتهمت بتلقي أموال من قطر (حوالي 600 ألف يورو) رفقة نواب آخرين مقابل تلميع صورة هذه الإمارة الخليجية الصغيرة ورفض أو تأجيل أي حديث عن حقوق الانسان ومثليي الجنس من قبل أعضاء البرلمان، وفقًا لـ"فرانس 24".

وعلى الرغم من المحاولات التي قامت بها بعض أحزاب المعارضة، لا سيما حزب "فرنسا الآبية" من أجل كشف ملابسات هذه القضية ومساءلة نائبة الرئيسة، إلا أنها باءت بالفشل إلى غاية أن كشفت جريدة "الغارديان" البريطانية لأول مرة عن هذه الفضيحة في 2022. فضيحة مماثلة هزت أيضا نفس البرلمان لكنها تتعلق هذه المرة بالمغرب الذي اتهم بتقديم هدايا لبعض البرلمانيين الأوربيين مقابل مساندتهم له في بعض الملفات الدولية كملف الصحراء الغربية أو ملف حقوق الإنسان.

 

الكابوس الصيني: كورونا وتايوان

عزز الرئيس شي جين بينغ سيطرته على الصين بعد فوزه بولاية ثالثة تاريخية في نوفمبر كزعيم ثاني أكبر اقتصاد في العالم.

إلا أن عام 2022 شكّل كابوسًا كبيرًا للصينيين بعد أن فقدوا صبرهم مع عمليات الإغلاق المفاجئ والاختبارات الجماعية والقيود المفروضة على الحركة التي تفرضها إستراتيجية الحكومة المتمثلة في عدم انتشار فيروس كورونا، وشارك مئات الأشخاص في احتجاجات ضد القيود وطالبوا باستقالة شي. وفي ديسمبر الجاري أعلنت بكين تخفيف سياستها الخاصة بـ "صفر كوفيد"، وإنهاء عمليات الإغلاق واسعة النطاق والسماح لبعض الحالات الإيجابية بالعزل في المنزل، كما قالت إنه سيتم إلغاء إجراءات الحجر الصحي للوافدين إلى الخارج في العام الجديد.

وتمثل الكابوس الثاني في تايوان، بعد زيارة نانسي بيلوسي، رئيسة مجلس النواب الأمريكي، للعاصمة التايوانية، حيث توغلت الطائرات الحربية الصينية في منطقة الدفاع الجوي التايوانية بشكل صاروخي، بينما تجري بكين أكبر تدريبات عسكرية منذ عقود حول الجزيرة المتمتعة بالحكم الذاتي، مما يثير القلق في تايبيه.

 

فوضى المناخ تسود العالم

تمر أوروبا بأحر صيف في تاريخها المسجل، حيث وصلت درجات الحرارة إلى 40 درجة مئوية (104 درجة فهرنهايت) لأول مرة في بريطانيا وفرنسا، وكان هذا العام هو الأكثر سخونة وحرارة في فرنسا منذ سنة 1900، كما شهدت أجزاء من القطب الشمالي والقطب الجنوبي والصين والولايات المتحدة درجات حرارة قياسية.

وتؤثر الفيضانات في باكستان على مساحات شاسعة من البلاد، وتعاني نيجيريا من أسوأ فيضانات منذ عقد، وتواجه أجزاء من الصومال المنكوبة بالجفاف خطر المجاعة.

في قمة الأمم المتحدة للمناخ في مصر (COP27)، نجحت الدول النامية أخيرًا في إقناع الملوثين الأثرياء بالموافقة على دفع أموال في صندوق "الخسائر والأضرار" لتعويض الدول الفقيرة عن الأضرار المناخية.

 

لدغات التضخم

تسبب غزو أوكرانيا والعقوبات المفروضة على روسيا في حدوث أزمة طاقة لم تشهدها المنطقة منذ نصف قرن، مع ارتفاع تكاليف الغاز والكهرباء على مستوى العالم.

وشكلت الحرب الروسية الأوكرانية وأزمة كوفيد-19 العوامل الرئيسة والمباشرة التي أدت إلى ارتفاع أسعار المواد الأولية في الأسواق العالمية وظهور التضخم بعد سنوات من الارتياح المالي. ويشير مختصون اقتصاديون إلى أن نسبة التضخم وصلت إلى 8% في دول مجموعة العشرين، ما أثر سلبا على النمو الاقتصادي العالمي، وأدى إلى ارتفاع أسعار المواد الأولية.

وفي خطوة لمساعدة العائلات الفقيرة والطبقات الوسطى، اتخذت العديد من الدول الأوروبية، على غرار فرنسا وألمانيا حزمة من المساعدات المالية، من بينها تقليص سعر وقود السيارات ودعم القدرة الشرائية. فعلى سبيل المثال، أقرت ألمانيا خطة مساعدات بأكثر من 65 مليار يورو، بينما بلغت الخطة الفرنسية أكثر من 25 مليار يورو. من جهته، قام البنك المركزي الأمريكي برفع سعر الفائدة، محاولة منه وقف ارتفاع نسبة التضخم. وعلى الرغم من الجهود التي بذلتها الدول الغربية، إلا أن أزمة ارتفاع الأسعار لا تزال قائمة منذرة بمستقبل صعب جدا للملايين من السكان حول العالم.

البرلمان الفرنسي يصادق على أول حزمة من المساعدات من أجل رفع القدرة الشرائية للفرنسيين. آب/أغسطس 2022.

مكاسب غير مسبوقة لليمين المتطرف

حقق اليمين المتطرف مكاسب غير مسبوقة في أوروبا؛ حيث انتخب الناخبون في إيطاليا زعيمهم الأكثر يمينية منذ الحرب العالمية الثانية في مذبحة ما بعد الفاشية جيورجيا ميلوني.

وكان الديمقراطيون السويديون المناهضون للهجرة هم أكبر الفائزين في الانتخابات العامة التي جلبت المحافظين إلى السلطة في ذلك البلد.

وفي فرنسا، أدى صعود اليمين المتطرف واليسار المتشدد على حد سواء إلى رئيس يمين الوسط إيمانويل ماكرون للأغلبية البرلمانية.

لكن في أمريكا اللاتينية، اليمين في تراجع؛ حيث عاد الجناح الأيسر المخضرم لويز إيناسيو لولا دا سيلفا إلى البرازيل بشكل مذهل، عندما أطاح بالتيار اليميني المتطرف جاير بولسونارو. كما وصل زعماء اليسار إلى السلطة في كولومبيا وهندوراس.

 

إيران.. الهدوء أو الإعدام

في إيران، أشعلت وفاة مهسا أميني - البالغة من العمر 22 عامًا، بعد اعتقالها بسبب انتهاكات مزعومة لقواعد اللباس الإسلامي في البلاد - أكبر احتجاجات منذ سنوات.

وواجهت السلطات الإيرانية الاحتجاجات بعنف وقوة فيما حكمت على 400 شخص بالسجن لمدة تصل إلى 10 سنوات، وفق مسؤول قضائي إيراني وإصدار عقوبة الإعدام في حق متظاهرين اثنين.

الرجلان هما مجيد رضا رهناورد ومحسن شكاري، وكلاهما يبلغ من العمر 23 عاما. أما القضاء الإيراني فلقد أعلن أنه أصدر الإعدام في حق أحد عشر شخصا. وانتقدت الدول الغربية والمنظمات المدافعة عن حقوق الإنسان تصرف السلطات الإيرانية ودعتها إلى إطلاق سراح المعتقلين وتوقيف عمليات التعذيب.

وقالت منظمة مراقبة حقوق الإنسان الإيرانية ومقرها أوسلو في 19 ديسمبر: إن قوات الأمن الإيرانية قتلت ما لا يقل عن 469 شخصًا في الاحتجاجات بينما تم اعتقال 14 ألف شخص على الأقل، وفقًا للأمم المتحدة.

 

كأس عالم مثالي في قطر

البعض يصفه بحدث العام. مونديال قطر 2022 استقطب أكثر من ثلاثة مليارات متابع عبر العالم. مونديال ضخم بكل المقاييس. أقيم للمرة الأولى في دولة عربية وسمي بـ"مونديال العرب". ولإنجاحه، أنفقت قطر حوالي 200 مليار دولار لتجهيز المرافق الضرورية، فشيدت ملاعب ذكية وفنادق فخمة وأخرى بسيطة لاستقبال المشجعين وطورت قطاع النقل والمواصلات لتسهيل حركة المشجعين.

ما جعل رئيس الفيفا جياني إنفانتينو يصف "مونديال 2022" بـ"الأفضل والأجمل" في تاريخ المستديرة. لكن على الرغم من الجهود المالية والإمكانيات اللوجستية التي وفرتها الدوحة، إلا أن "مونديال 2022" رافقته انتقادات عدة، لا سيما تلك التي جاءت من بعض الدول الغربية وعديد المنظمات الحقوقية، التي اتهمت الإمارة الخليجية الصغيرة بعدم احترام حقوق المثليين وحقوق الإنسان بشكل عام، وباستغلال اليد العاملة الرخيصة التي تنحدر غالبيتها من الدول الأسيوية. فيما أشار الإعلام الغربي إلى وفاة أكثر من ستة آلاف عامل أسيوي خلال عمليات بناء الملاعب. لكن قطر أدارت ظهرها لهذه الانتقادات ونجحت في فرض "قوتها الناعمة" في جميع أنحاء العالم.

لمطالعة مصدر التقرير ( من هنا )