تذهب أنظار الكثير من المصريين إلى أن السبب الرئيسي وراء فرض السفيه عبدالفتاح السيسي، رسوما على المتزوجين لدعم صندوق جديد على غرار صناديقه التي شرع بها منذ الانقلاب بدءا ب"تحيا مصر" ثم "الصندوق السيادي" و"صندوق قناة السويس" وصناديق بينهما، إلى الأوضاع الاقتصادية الكارثية التي فرضها فشله المتعمد أو الذهني في حين يفترض آخرون يريد -أو من يسيره من مؤسسات الصهاينة كالتي ألتقاها احخيرا في واشنطن- من وراء هذه الصناديق الحد من الراغبين في الزواج حدا من الزيادة السكانية.

توجه السيسي -الذي يحاول أن يشغل المصريين عن الغلاء الذي فتك بهم- نحو مشروع جديد لقانون الأحوال الشخصية، قال: "الهدف منه -صندوق لدعم الأسرة- هو الحفاظ على الأبناء عند حدوث أي خلافات بين الآباء وتوفير كافة مصاريفهم، لافتًا إلى أن الدولة ستسهم فيه بقدر ما يسهم فيه المتزوجون".

تصريحات "السيسي" أثناء افتتاح مصنع بأبو رواش بالجيزة، جاءت بعد يومين من اجتماعه مع رئيس حكومته ووزير العدل بحكومته، ورئيس مجلس إدارة الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي، ورئيس لجنة إعداد مشروع قانون الأحوال الشخصية، المستشار "عبدالرحمن محمد"، لدراسة مشروع القانون.

وسبق أن أعلن أن مشروع القانون الجديد للأحوال الشخصية، يهدف إلى صياغة قانون متكامل ومفصل، مع إلغاء تعدد القوانين الحالية في هذا الإطار والتي تبلغ 6 قوانين، بحسب بيان السبت صادر عن "رئاسة الجمهورية".

وتقمص السيسي دور عالم أزهري، يملك نواصي الإفتاء، أو فقيه يشرع دين جديد، فقال "السيسي" موضحا أهم شروط عقد الزواج في القانون الجديد، إن الكشف الطبي للمقبلين على الزواج قبل إعطاء الإذن للمأذون لتوثيق عقد الزواج يتم عبر لجنة وبموافقة قاض يقر بسلامة تلك التحاليل "هذه سلامة عقد ويبنى على الشفافية".

وزعم أن ذلك ليس تعقيدا ولكنه لتطمين الآباء على أبنائهم قبل الزواج ولضمان سلامة مسار "أغلظ المواثيق"، مشيرا إلى أن "الدولة تكون مقصرة إن لم تفعل ذلك".

وشدد على ضرورة أن يعطي المتزوجون أنفسهم وقتا "سنة أو اثنين أو ثلاثة" قبل اتخاذ قرار بالإنجاب.

ودعا "السيسي" قبل سنوات إلى إصدار قانون ينظم حالات الطلاق الشفهي وتساءل عن إمكانية توثيق عقود الطلاق مثل عقود الزواج، وذلك بعد ارتفاع معدلات الطلاق في مصر، وهي الدعوة التي أثارت حالة من النقاش بين علماء الأزهر بشأن وقوع الطلاق الشفهي من عدمه.

وبعدها أصدرت هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف بيانًا أنهت فيه الجدل بشأن الأمر جاء به أن "وقوع الطلاق الشفوي المستوفي أركانه وشروطه والصادر من الزوج عن أهلية وإرادة واعية وبالألفاظ الشرعية الدالة على الطلاق، هو ما استقرَّ عليه المسلمون منذ عهد النبيِّ.. دونَ اشتراط إشهاد أو توثيق".

لكن "السيسي" قال في سبتمبر 2021، إن من حق الدولة النص على توثيق الطلاق لضمان الحقوق وإدراج ذلك في قانون جديد.

سبوبة السيسي، من خلال ما يسمى مشروع قانون الأحوال الشخصية الجديد، إلزامه  المقبلين على الزواج، إجراء فحوص صحية وإنشاء لجنة لمراجعتها برئاسة قاض لإتمام العقد من عدمه، وهي الرسوم التي قد تبدأ فرضها تدريجيا كما حدث مع المشتركين بالغاز المنزلي. 


توجهات انقلابية

ولأول مرة في تاريخ مصر اتجه السيسي نحو سن تشريع جديد لتحديد النسل والحد من الزيادة السكانية؛ ودعت وزيرة التضامن الاجتماعي بحكومة الانقلاب، غادة والي، الإثنين 15 فبراير 2021م، إلى فرض عقوبة قانونية على كثرة الإنجاب، للمساهمة في الحد منه. وشددت والي، خلال مشاركتها باحتفال منظمة الأمم المتحدة للطفولة يونيسف، بمناسبة مرور 70 عاماً على إنشائها، على أهمية تضافر الجهود والعمل مع جهات الدولة للحد من هجرة الأطفال، وحمايتهم مما يقع عليهم من أذى في مراحلهم السنية المختلفة. وأضافت أن مصر لديها 9 ملايين طفل تحت خط الفقر.

لجنة الأمن القومي ببرلمان السيسي أوصت في 2018م بتحفيز الأسر التي تنجب طفلا واحدا  وإصدار الدولة شهادات شرفية للوالدين اللذين يقرران ذلك من تلقاء نفسيهما، وإعفاء الطفل الوحيد من الرسوم الدراسية في مراحل التعليم المختلفة الابتدائي والمتوسط والجامعي، وإعطاء أولوية في العمل للطفل الوحيد حين يصل إلى سن العمل، بخلاف توصيات البرلمان برفع سن الزواج وتوفير وسائل منع الحمل ودمج برامج التوعية بشأن الأسرة والسكان والحد من الزيادة السكانية في برامج التعليم المختلفة.


وعاقبت حكومة السيسي الأسر التي لديها 3 أطفال ومكافأة الأسر التي لديها طفلان فقط، حيث أعلن مصطفى مدبولي رئيس الحكومة في أواخر نوفمبر 2018 حصر الدعم النقدي في برنامج المساعدات النقدية المشروطة (معاش تكافل وكرامة) بالأسر التي تضم طفلين فقط، واستبعاد الأسر التي تضم ثلاثة أطفال فأكثر (مليون أسرة تقريباً)، وهوما جرى العمل به اعتباراً من بداية يناير 2019م.


الدعم والمتزوجين

 

ومرارا خاطب السيسي المتزوجين بعدما رفع عنهم الدعم التمويني، ومنع الولد الثالث من التموين، وأفادت بيانات من الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر 23 أغسطس الماضي، أن عدد حالات الطلاق سجل زيادة كبيرة على أساس سنوي في 2021، وذلك مقابل زيادة طفيفة في عدد حالات الزواج خلال الفترة نفسها، وهو ما قال محللون إنه يرجع بشكل رئيسي إلى تنامي الضغوط الاقتصادية.

وبلغت حالات الطلاق في مصر 254.8 ألف حالة خلال العام الماضي 2021، بزيادة 14.7% عن العام الأسبق، بينما نمت عقود الزواج بنسبة 0.5% فقط وسجلت 880 ألف زيجة، بحسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.

وسجلت مصر ارتفاعاً غير مسبوق في حالات الطلاق؛ ذلك العام 2021، إذ سجلت حالة كل دقيقتين، ونحو ربع مليون سنوياً.

وقال الجهاز في بيان إن عدد حالات الطلاق العام الماضي بلغ 254777 مقابل 222036 حالة في 2020، بزيادة سنوية 14.7 بالمئة، وأظهرت البيانات زيادة طفيفة في عدد عقود الزواج العام الماضي، إذ بلغت 880041 مقابل 876015 في 2020، بزيادة سنوية 0.5%.

واعتبر أكاديميون أن تخفيض الدعم الاجتماعي بطريقة مباشرة، برفع أسعار السلع، وغير مباشرة بتخفيض وزن الخبز ومقررات السلع الغذائية في منظومة البطاقات التموينية، وحذف ملايين الأسر تعسفيا وعشوائياً من منظومة دعم الخبز والسلع التموينية، وحرمان المواليد الجدد من كل صور دعم الغذاء، رغم زيادة معدلات الفقر والبطالة، وتأثيراتها على زيادة معدلات الطلاق وتعريض أطفال المستقبل للتفكك الأسري.

واعتبر مراقبون أن الآرقام الآخذة في الارتفاع، في السنوات الأخيرة وتمثل تهديدا للواقع الاجتماعي جرس إنذار دقه "التعبئة والإحصاء" بتقريره الأخير، بواقع حالة وربع كل دقيقتين.

وقال الخبراء إن أسباب ارتفاع حالات الطلاق وراءه مجموعة من العوامل منها؛ الأوضاع الاقتصادية السيئة تمثل أبرز التحديات لاسيما وأن نسبة الزيادة في طلاق ما بعد الخمسين عاما، إضافة لسوء الاختيار وغياب التكافؤ بين الطرفين فضلا عن تدخل الأسر في حياة أولادهما.

وفي تقرير ل"وزارة التضامن الاجتماعي" قالت إن "الظروف الاقتصادية وغلاء الأسعار، وأعباء الزواج، وسوء اختيار شريك الحياة، وهو ما تسبب بانتشار الظاهرة، خاصة خلال السنة الأولى من الزواج".