اختتمت، مساء اليوم الأربعاء 2 من نوفمبر 2022، القمة العربية أعمالها في الجزائر، حيث أكد البيان الختامي للقمة على التمسك بحقوق الشعب الفلسطيني، والمبادرة العربية للسلام، ورفض التدخلات في الوطن العربي، فيما أعلنت المملكة العربية السعودية عن استضافتها للقمة المقبلة.

جاء ذلك في "إعلان الجزائر"، الذي صدر عن الدورة العادية الحادية والثلاثين لمجلس جامعة الدول العربية، الذي اجتمع على مستوى القمة في الجزائر، يومي الثلاثاء والأربعاء 1 و2 نوفمبر 2022، وفقًا لـ"الأناضول".

 

أهم بنود "إعلان الجزائر"

– تأكيد مركزية القضية الفلسطينية والدعم المطلق لحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف.

– تأكيد التمسك بمبادرة السلام العربية بكافة عناصرها وأولوياتها، والالتزام بالسلام العادل والشامل.

– التشديد على ضرورة مواصلة الجهود والمساعي الرامية لحماية مدينة القدس المحتلة ومقدساتها.

– تأكيد تبني ودعم توجه دولة فلسطين للحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة.

– العمل على تعزيز العمل العربي المشترك لحماية الأمن القومي العربي بمفهومه الشامل وبكل أبعاده.

– رفض التدخلات الخارجية بجميع أشكالها في الشؤون الداخلية للدول العربية.

– الإعراب عن التضامن الكامل مع الشعب الليبي ودعم الجهود الهادفة لإنهاء الأزمة الليبية.

– تأكيد دعم الحكومة الشرعية اليمنية ومباركة تشكيل مجلس القيادة الرئاسي.

– دعم المساعي إلى حل سياسي للأزمة اليمنية وفق المرجعيات المعتمدة والتشديد على ضرورة تجديد الهدنة.

– قيام الدول العربية بدور جماعي قيادي للإسهام في جهود التوصل لحل سياسي للأزمة السورية.

– الترحيب بتنشيط الحياة الدستورية في العراق، وضمن ذلك تشكيل الحكومة.

– تجديد التضامن مع لبنان للحفاظ على أمنه ودعم خطواته لبسط سيادته على أقاليمه البرية والبحرية.

 

قمة الجزائر نجحت على الورق وفي الإعلام

نجحت القمة في الانعقاد وسط تحديات دولية عديدة، وخلافات عربية كثيرة، بعد ثلاث سنوات من عدم الاجتماع بسبب أزمة كورونا كما صرح الأمين العام ببذلك.

ونجحت الجزائر في عقد اجتماع للفصائل الفلسطينية قبل القمة في محاولة لتحقيق الوحدة الفلسطينية، وأشاد بيان الجزائر بالجهود العربية المبذولة في سبيل توحيد الصف الفلسطيني والترحيب بتوقيع الأشقاء الفلسطينيين على “إعلان الجزائر” المنبثق عن “مؤتمر لمّ الشمل من أجل تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية”، المنعقد بالجزائر بتاريخ 11-13 أكتوبر 2022، مع التأكيد على ضرورة توحيد جهود الدول العربية للتسريع في تحقيق هذا الهدف النبيل، لا سيما عبر مرافقة الأشقاء الفلسطينيين نحو تجسيد الخطوات المتفق عليها ضمن الإعلان المشار إليه.

فهل تنجح قمة الجزائر في تنفيذ ما تم الاتفاق عليه في هذه القمة، أم يظل النجاح قائمًا على الورق، وفي ترديد وسائل الإعلام به حتى تأتي القمة الأخرى؟

 

"لم الشمل" بقي شعارًا كما في كل قمة

لكن القمة التي جاءت تحت عنوان "لم الشمل" لم تنجح بذلك؛ فاجتماع القمة العربية من المفروض أن يحضره في العادة “قمة الهرم” في الدولة، حيث يتعلق الأمر برؤساء الدول ملوكًا كانوا أو أمراء أو رؤساء، وهو ما لم يحدث، كما يقول أستاذ الدراسات السياسية والدولية، محمد أشلواح، حيث غاب العديد من رؤساء وملوك وأمراء الدول العربية واكتفوا بإرسال مندوبين عنهم سواء كانوا رؤساء وزراء أو وزراء.

وتابع أشلواح أن مؤتمر القمة "قد يكون بين رؤساء الدول مباشرة، كما قد يكون “مؤتمر القمة” في شكل مؤتمرات لرؤساء الدول والحكومات، كما هو الأمر بالنسبة لـ “قمة” مجموعة الدول الصناعية السبع، أو "قمة مجموعة العشرين" (التي تهتم بالمسائل المالية الدولية والاقتصاد العالمي)، أو في إطار المنظمات الدولية الحكومية، كما هو الشأن بالنسبة لمؤتمر القمة لمجلس الأمن الدولي.

وعليه، فإعلان العديد من الأمراء والرؤساء عن عدم حضورهم لاجتماع الجامعة العربية بالجزائر (خاصة أولئك الذين يمثلون دولًا وازنة) يعني انتفاء الشرط المحقق “لمؤتمر القمة”، ومن ثمة انتقلت درجة الاجتماع المفترض في الجزائر من مستوى “القمة” إلى مستوى أقل درجة من ذلك، وقد يوصف بـ "الاجتماع العادي"، أو أقل من العادي بكثير!.

وإذا كانت الجزائر قد نجحت في لم شمل الفصائل الفلسطينية، إلا أنها فشلت في لم شتات الدول المغاربية وهي واحدة منهم، وفشلت في حلّ خلافاتها كدولة مع المغرب، وهو السبب الذي لم يحضر بسببه ملك المغرب القمة، بل إنها (الجزائر) عاملت الوفد الإعلامي المغربي في المطار معاملة سيئة واحتجزتهم لساعات حتى قررت القيادة المغربية إعادة أكثرهم إلى المغرب من دون أن يدخل غالبيتهم الجزائر لمتابعة قمة "لم الشمل".

لقد ضيعت الجزائر فرصة انعقاد القمة لتحقيق “إنجاز” المصالحة، بسبب وقوعها أسيرة عقدة المغرب التي لم تتمكن من التخلص منها؛ فعن أي “لم الشمل” يتحدث النظام الجزائري مع استمرار خلافاته مع المغرب؟

 

الفشل في حل الخلافات الليبية/ الليبية

وفشلت، كذلك، القمة العربية في حل الخلافات الليبية/ الليبية، وظهر هذا في الاختلاف الشديد بين وزراء الخارجية العرب أثناء اتفاقهم على كتابة البيان الختامي، إصرار بعضهم على إدانة تركيا، إلا أن الجزائر رفضت ذلك، حتى توافقوا في النهاية على ما خرج به بيان القمة الختامي.

لهذا الصدد، قالت وزيرة الخارجية في حكومة الوحدة الوطنية، نجلاء المنقوش، إن الملف الليبي من أكثر المسائل التي عليها خلاف في وجهات النظر بين الدول العربية.

واكتفت المنقوش في تصريح على هامش اجتماع وزراء الخارجية العرب بالجزائر العاصمة، بالإشارة إلى أن من المهم احترام الاختلاف، ولا بد من الدول أن تناقش مشكلاتها وتحدياتها ومشاريعها بطريقة مباشرة دون أن تكون أي دولة وصية على أي دولة. وشددت المنقوش على ضرورة حل الليبيين مسائلهم بأنفسهم، وأن تكون الكلمة الأولى والأخيرة لهم.

 

الفشل في حل القضايا الشائكة الأخرى

ولم تستطع قمة "لم الشمل" أن تحل المشكلة اليمنية، واستيلاء مليشيات الحوثيين على اليمن بمساعدة إيرانية فاضحة، وارتقاء أكثر من نصف مليون شهيد بينهم نساء وأطفال وشيوخ، على أرض اليمن في عدة أعوام.

وفشلت القمة في حل المشكلة المغاربية والتنازع على الصحراء المغاربية بين الجزائر والمغرب.

وفشلت القمة في حل مشكلة الجزر الإيرانية الثلاثة التي استولت عليها إيران.

وفشلت القمة في حل مشكلة سوريا، والتصدي لإرهاب بشار الأسد وقتله وتهجيره لأفراد الشعب السوري على مدار أكثر من 11 عامًا.

وفشلت القمة في حل مشكلة مصر مع إثيوبيا، وبناء سد النهضة الذي سيحرم المصريين من الماء، وقد يسبب أزمة كبيرة للشعب المصري في الحصول على الماء مستقبلًا.

وفشلت القمة في حل مشكلة التمدد الإيراني المستمر في العديد من البلدان العربية مثل اليمن والبحرين ولبنان وسوريا والعراق وغيرها من الدول وخاصة الخليجية.

فهل المهم هو عقد القمة لتتغنى بها الشعوب ووسائل الإعلام فترة من الزمن؟ أم المهم هو عقد القمة لتقدم حلولًا جذرية للمشكلات العربية العميقة التي تعاني منها أكثر الدول العربية إن لم يكن كلها؟

كان من الأَوْلى في اجتماعات القمم العربية، أن تُخصص القمة لحل خلاف قائم بالفعل بين دولة عربية ودولة عربية أخرى، وأن تُبذل الجهود والمساعي الحثيثة لحل هذا الخلاف، وعودة اللحمة بين الدول العربية كافة، ولو تم ذلك في كل قمة لانعدمت الخلافات، وكان من الممكن أن تشكل الدول العربية وجامعتها موطن قوة يشار إليه بالبنان، ويعُمل له ألف وألف حساب على المستوى الدولي.