مع إعلان وزير الصحة والسكان بحكومة السيسي د. خالد عبدالغفار أنه "لا توجد بطالة بين الأطباء"، كشف مراقبون عن تقرير لنقابة الأطباء المصرية، باستقالة نحو 934 طبيبا خلال 3 أشهر فقط من يناير حتى مارس الماضيين ليصبح  المستقيلين منذ  2016 حوالي نحو 17741 طبيبا بخلاف المنقطعين عن العمل ومن يحصلون على إجازات طويلة بهدف العمل في الخارج.


وأشارت تقارير صادرة عن نقابة الأطباء أن أسباب عزوف الأطباء في المستشفيات الحكومية يرجع إلى؛ ضعف المعاشات وسوء ظروف العمل، إذ تتراوح المعاشات بين 2000 و4000 جنيه مصري، أي حوالي 200 دولار أميركي.


وفي سبتمبر الماضي، تأكد إلغاء وزارة الصحة والسكات بحكومة الانقلاب تكليف الاطباء والذي اعتبره مراقبون يدفع لمزيد من تخريب القطاع، لاسيما وان العجز في الاطباء مستمر منذ 10 أعوام الى جانب أن 60 % منهم تركوا مصر وهاجروا للخارج.
 

في السياق ذاته، لا تتجاوز نسبة إنفاق الدولة المصرية على الصحة الـ5% من الموازنة، أي أن نصيب المواطن المصري 87 جنيهًا (5 دولارات)، بينما يضطر المواطن المصري إلى إنفاق حوالي 8 آلاف جنيه (400 دولار) سنويًا على صحته من نفقته الخاصة.


وكشفت تقارير أن مصر الأولي عالميا في هجرة الأطباء للخارج، وأن هجرة الأطباء والعلماء خارج مصر تعد خروج للعملة الأصعب وهي الإنسان القادر علي النهوض بالبلاد إلى الخارج.
 

وكشف تقرير للقوى العاملة في بريطانيا ارتفاع نسبة الأطباء المصريين المهاجرين إلى بريطانيا بنسبة تزيد على 200% منذ عام 2017 حتى عام 2021.


وبيّن التقرير أن 435 طبيبا مصريا هاجروا إلى بريطانيا 2017، وارتفع العدد  ليصل 1312 العام الماضي، في حين تأتي مصر بعد الأردن والسودان  بالنسبة لعدد الأطباء المهاجرين إلى بريطانيا، حسب ما ذكره التقرير.

 

وكان الاضطراد في أعداد الأطباء المهاجرين تزايد بشكل ملحوظ لبريطانيا بنسبة زيادة تخطت 200% بين عامي 2017 و2021 بحسب تقرير للمجلس الطبي البريطاني العام.

أسباب الهجرة

 

ويعزو أطباء ومهتمين الأسباب الكامنة خلف موجة استقالات الأطباء من القطاع العام، ومنهم د. خالد سمير أمين صندوق نقابة الأطباء السابق الذي أرجع للأسباب المادية دورًا أساسيًا، مع زيادة معدلات التضخم وارتفاع الأسعار، وتراجع الجنيه خلال سنوات قليلة.

 

وأضاف سمير أن سبب آخر وهو رغبة بعض الأطباء في الدراسة والتواصل العلمي مع الخارج عبر حضور المؤتمرات وغيرها، لكن الأمر غير ممكن اليوم كون معاشاتهم لا تسمح بذلك خصوصًا أنهم يتحملون تكاليفها على نفقتهم الخاصة.


وأردف أن فتح بعض الدول الباب لهجرة الأطباء وتسهيل إجراءات قبولهم لديها مثل بريطانيا وبعض الدول الخليجية ساهم في زيادة الظاهرة.

 

وأضاف: "حتى الطلبة في كليات الطب المصرية أصبحوا يتحضرون الآن للهجرة حتى قبل انتهاء تحصيلهم العلمي".


نزيف العقول

غير أن نائبا ببرلمان العسكر تساءل عن دور وزارة الصحة وخالد عبد الغفار في علاج أزمة نقص الأطباء في البلاد، والتي باتت ظاهرة متفاقمة.
 

وقالت أميرة صابر، نائب برلمان العسكر، إن"مصر تواجه نزيف أدمغة على صعيد الطاقم الطبي، معتبرة أن الأمر مسألة أمن قومي، لذلك يجب تعزيز مخصّصات الصحة وتحسين أوضاع الأطباء والممرضين لمنع هجرتهم".
 

وكان (اتحاد نقابات المهن الطبية) حذر الأحد 30 أكتوبر، حذر من أن الاعتداء على أعضاء الفريق الطبي بمختلف تخصصاتهم، وكذلك على المنشآت الصحية، يؤثر سلبًا على المنظومة الصحية، ويكون عاملًا يدفع الأطباء لترك العمل في المؤسسات الحكومية، مطالبا بتشريع يشدد العقوبة على المعتدين على المنشآت الصحية والعاملين فيها.


وقال (الاتحاد) إن تلك الحوادث تفاقم ظاهرة هجرة الأطقم الطبية المتزايدة من مصر خلال الفترة الأخيرة للعمل في بعض الدول العربية والغربية في الخارج.

وقال أطباء إن البلاغات التي تنتهي عادة بصلح بين الطرفين، بلغت 99% من تلك الحالات، الأمر الذي يفاقم الأزمة.

ويرى أطباء أن ثغرة قانونية يستفيد منها المعتدي عند الإبلاغ عنه، وهي احتجاز طرفي الصراع في السجن إلى حين عرض القضية على النيابة العامة، وهذا ما يتجنبه معظم الأطباء في ظل مراكزهم الاجتماعية، كما أن غالبية حوادث الاعتداء تطال الأطباء المبتدئين، الذين عادة ما يتوزعون في أقسام الاستقبال، حيث يتعرضون لضغط شديد، الأمر الذي يعد أحد الأسباب الرئيسية لاختياره الهجرة.
 

ووفقًا لسجلات النقابة العامة للأطباء، يبلغ إجمالي تعداد الأطباء أكثر من 212 ألف طبيب، منهم قرابة 120 ألفًا يعملون في الخارج، اي بنحو 67% من خريجي كليات الطب يغادرون البلاد، بواقع سبعة آلاف طبيب سنويًا.


استنادًا إلى هذه الإحصائيات، يكون معدل الأطباء في مصر: 8.6 أطباء لكل 10 آلاف ساكن، في حين أن المعدل العالمي هو 23 طبيبًا لكل 10 آلاف مواطن.

 

إضافة إلى ذلك، تتعمق أزمة الأطباء مع تدني الرواتب، ففي حين يعادل مرتب الطبيب في صربيا 12 ألف جنيه مصري، وفي السويد 30 ألف جنيه، فيما يحصل الطبيب المتخصص في هولندا على 253 ألف دولار سنويًا، يبلغ متوسط راتب الطبيب في مصر 3700 جنيه شهريًا، ومتوسط المعاش بعد 35 عامًا في الحكومة، 2300 جنيه، الأمر الذي يكشف دقة هذه الأزمة.