في 13 سبتمبر الماضي، نظمت الفصائل الفلسطينية، بغزة، فعالية شعبية ومجتمعية في ميناء غزة، رفضاً لاستمرار الحصار الإسرائيلي، وللمطالبة بالحق في الثروات الطبيعية في حقول الغاز والممر المائي، هذا في الوقت الذي كشف فيه موقع "المونيتور" الأمريكي، عن نجاح وساطة مصرية في دفع "إسرائيل"؛ للسماح باستخراج الغاز الطبيعي من حقل قبالة سواحل قطاع غزة، مشيرة إلى أن رفض تل أبيب لتلك الخطوة كان يحول دون استفادة الجانب الفلسطيني من هذه الثروات.


منظمو الفعالية أكدوا أنها لتوجيه رسالة للاحتلال أنه آن الأوان لأن يرفع هذا الحصارالظالم المفروض على القطاع وأن من حق غزة الحصول على ثرواتها.
 

وقال القيادي في حركة حماس، إسماعيل رضوان، قال خلال هذه الفعالية، إنها تأتي لتوجيه رسالة للاحتلال، "أنه آن الأوان لأن يرفع هذا الحصار الظالم المفروض على القطاع وأن من حق غزة ممر بحري وميناء ومطار والتمتع بثرواتها الطبيعية وعلى رأسها غاز غزة".


معلومات موثقة

 

ومن جانب توثيق معلومة (إقناع مصر لتل أبيب باستخراج الغاز الطبيعي من غزة) ذكر الموقع أن "معلوماته في هذا الصدد استقاها من مسؤول في جهاز المخابرات المصرية وعضو في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية".

 

وأشار إلى أن هذا التطور يتزامن مع ارتفاع أسعار الطاقة العالمية بسبب الحرب الروسية على أوكرانيا، وفي وقت تبحث الدول الأوروبية عن بدائل للغاز الروسي قبل فصل الشتاء.

 

ووفق الموقع، فإن الحقل الذي سمحت إسرائيل باستخراج الغاز منه تم اكتشافه عام 2000، من قبل شركة "بريتش غاز" (حاليا "بي جي") وذلك في إشارة إلى حقل غزة مارين الذي يقع على بعد حوالي 30 كيلومترًا (19 ميلاً) غرب ساحل غزة.


وافتتح الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات عام 1999 أول حقل مكتشف للغاز قبالة شواطئ قطاع غزة، في مشروع لم يكتمل، بسبب الأنتفاضة، وقدرت الفصائل الغاز الموجود في حقل غزة بمليارات الدولارات (4 مليارات و500 مليون دولار يكفي لتطوير مناحي الحياة لنحو 15عاماً)، بحسب الخبير "الإسرائيلي" في مجال الطاقة والغاز، أميت مور، تحدث لبرنامج "ما خفي أعظم" عبر قناة (الجزيرة) في 14 من  إبريل 2019، حيث يقدر احتياطي الغاز الموجود بالحقل أكثر من تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي.


تطوير الحقل

 

وقدرت شركات تكلفة تطويره بنحو 1.2 مليار دولار، لكن الحقل لا يزال غير مستغل؛ لعدم تمكن صندوق الاستثمار الفلسطيني، وهو الجهة الوطنية الفلسطينية المسؤولة عن تطويره، من استخراج الغاز طوال تلك السنوات بسبب رفض "إسرائيل".


ويمتلك الفلسطينيون حقلَي غاز في البحر المتوسط، تم اكتشافهما عامي 1999، و 2000، قبالة شواطئ غزة، والحقل الأول (مارين)، ويقع كليًا ضمن المياه الإقليمية الفلسطينية قبالة مدينة غزة، أما الحقل الثاني فهو (مارين 2)، ويقع ضمن المنطقة الحدودية البحرية بين قطاع غزة وإسرائيل.

 

ووفق مسؤول في جهاز المخابرات المصرية تحدث لـ"المونيتور"، شريطة عدم الكشف عن هويته، فقد "ناقش وفد اقتصادي وأمني مصري مع الجانب الإسرائيلي منذ عدة أشهر مسألة السماح باستخراج الغاز الطبيعي قبالة سواحل غزة".

 

وأضاف المصدر المصري، أن "الوفد المصري نجح أخيرًا في التوصل إلى حل وسط يعود بالفائدة على جميع الأطراف المعنية، وأهمها إسرائيل والسلطة الفلسطينية".

 

وفي 21 فبراير 2021، وقعت السلطة الفلسطينية ومصر مذكرة تفاهم بشأن تطوير حقل غاز غزة البحري.


وبموجب الاتفاق، تتعاون الشركة المصرية القابضة للغاز الطبيعي والسلطة الفلسطينية لتطوير حقل الغاز ونقل الغاز إلى المناطق الفلسطينية وربما بيعه لمصر.

 

وأوضح المسؤول المصري أن "إسرائيل" طلبت بدء إجراءات عملية لاستخراج الغاز من حقول غزة بداية عام 2024، لضمان أمنها.

 

بدوره، أكد عضو باللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية في تصريحات للموقع الأمريكي، شريطة عدم الكشف عن هويته، أن مصر أبلغت السلطة الفلسطينية بموافقة إسرائيل على البدء في استخراج الغاز الفلسطيني قبالة سواحل غزة.

 

وأشار المسؤول الفلسطيني إلى الموافقة الإسرائيلية جاءت بعد ضغوط سياسية تمارسها دول أوروبية على تل أبيب لتلبية احتياجاتها من بدائل الغاز عن الغاز الروسي.

 

وقال المصدر الفلسطيني إنه بموجب الاتفاقية ستشرف مصر وإسرائيل على عملية الاستخراج، وسيتم تصدير هذا الجزء من الغاز إلى مصر، وستصدر إسرائيل الجزء الأكبر منه إلى أوروبا عبر اليونان وقبرص.

 

وحسب ذات المصدر، ستعود الإيرادات المالية من عملية تصدير الغاز الفلسطيني إلى خزينة السلطة الفلسطينية، مع تخصيص جزء من هذه الإيرادات لدعم اقتصاد غزة.

 

وبحسب الموقع، فإن الموافقة "الإسرائيلية" على استخراج الغاز الفلسطيني يمكن أن يضمن سنوات طويلة من الهدوء مع قطاع غزة، بالنظر إلى أن دعم اقتصادها هو أحد أكثر الوسائل فعالية لمنع حماس من إطلاق الصواريخ على إسرائيل.


المقاومة والغاز

 

وألمح القيادي بحماس إسماعيل رضوان إلى أن "المقاومة لن تسمح بسرقة غاز غزة وستكون المُدافعة عن كل الحقوق لفلسطينية".

 

ويعتبر مؤتمر الفصائل في سبتمبر الماضي، المرة الأولى منذ سيطرة حركة حماس على القطاع عام 2006، التي تقوم فيها الفصائل الفلسطينية بغزة، بتنظيم فعالية خاصة بالمطالبة بحق الفلسطينيين بالغاز، في وقت وصلت فيه المفاوضات بين إسرائيل ولبنان لترسيم الحدود البحرية بينهما إلى مرحلة نهائية، بغرض تنقيب الجانبين عن الغاز.

 

ويعاني الاتحاد الأوروبي من أزمة كبيرة في الطاقة، وتحديداً الغاز، بعد وقف روسيا إمداده بالغاز على خلفية الأزمة الأوكرانية، في حين تبحث القارة العجوز هذه الأيام عن مصادر بديلة للغاز الروسي، ويقول مراقبون إن حوض البحر المتوسط هو الأنسب في الوقت الحالي.


أحق بثراوتهم


وقالت الباحثة في شؤون الطاقة، دانيا عقاد، في تصريحات للجزيرة، إن "أهالي قطاع غزة يجلسون وأمام أعينهم الغاز في مياه البحر، الأمر كما أن أحدهم جائع ولا يملك طعاماً ليؤكله وأمام وليمة ويمنع من الاقتراب منها، وهذا محبط".

 

وأضافت أن "غزة معتمدة على غيرها في توفير الطاقة بينما أمامها في البحر آبار الغاز التي تؤهلها أن تكون من أغنياء الطاقة ولو تم تمكين غزة من الوصول إلى غازها الذي يبعد عن شواطئها بضعة كيلومترات فإن ذلك ربما لن يترك غزة غارقة في الظلام".

 

وطالب الباحث والكاتب السياسي، د. إبراهيم أبراش، بحق الشعب الفلسطيني وخصوصا بغزة أن يكون لهم نصيب بثرواتهم من الغاز والنفط الموجودة بسواحل فلسطين، ومن حقهم أن يكسروا الحصار ويكون لهم ميناء ومنفذ على العالم الخارجي، وهذه المطالب يجب أن تكون في السياق الوطني.

من جهته، يرى المحلل والكاتب السياسي، د. حسام الدجني، إنه "يجب التمييز بين الحق في الغاز والقدرة في تحقيق هذا الحق".

 

وأضاف في تصريحات لموقع "دنيا الوطن": "الحق في الغاز طبيعي وهذه المياه فلسطينية وإقليمية فلسطينية، وأيضًا في إطار حدود العام 67 وفقا للقانون على حدود قطاع غزة التي تندرج ضمن إطار حدود 67، وبذلك الحق هو حق قانون ما تقوم به إسرائيل هو سرقة وقرصنة".


وقال الدجني: "إذا تحدثنا عن حماس تستطيع من خلال القوة العسكرية أن تفرض معادلة الغاز أي بمعنى، أن أي تعطيل بهذه الحقول ينعكس ضرره على إسرائيل وكل من يستفيد منه، وبذلك سيكون هناك تحرك وهذا يعيد طرح ملف الغاز".

وطالب د. بكر اشتية أستاذ الاقتصاد في جامعة النجاح، القيادة الفلسطينية بإثارة هذا الموضوع مع دول الاتحاد الأوروبي على أساس لا يتم التعامل مع أي غاز يستخرج من المناطق التي عليها خلافات ونزاعات مع الجانب الإسرائيلي، إلا بعد الوصول لاتفاقيات وتفاهمات.


وأشار إلى أنه "حتى اللحظة لا توجد أي ورقة ضغط من قبل القيادة الفلسطينية، لا من قيادة ولا من حكومة فلسطين".