حذرت دراسة مستشفيات من أن خصخصة المؤسسة العلاجية الثمانية (الجمهورية – هليوبولس – القبطي – دار الشفاء – مبرة محمد على – مبرة المعادي – الهلال الأحمر- الإصلاح الإسلامي )، "سوف يرفع تكاليف العلاج إلى مستويات تفوق قدرة هؤلاء المواطنين القادرين  على العلاج بها حاليا وفق الأسعار الحالية".


وأضافت الدراسة التي جاءات بعنوان "خصخصة مستشفيات المؤسسة العلاجية بمصر.. التداعيات المحتملة" ونشرها موقع "الشارع السياسي" هذه المستشفيات قدمت رعاية طبية وعلاجية لـ82 ألفا، و838 مريضا، خلال الربع الأول من عام 2022، مؤكدة أن هذه المستشفيات الثمانية فقط تقدم خدمة علاجية ــ بأسعار اقتصادية معقولة ـ  لنحو 350 ألف مصري في العام.


وأشارت إلى أنه في 2021 تم تأهيل تسع مستشفيات وتطويرها ومدها بالأسرة والمعدات والأجهزة الطبية اللازمة، وأنه تردد على عيادات هذه المستشفيات خلال سنة 2021 نحو  734765 مواطن.
 

مخاطر الخصخصة

 

واغتبرت الدراسة أن أكبر مخاطر هذه الخطوة  أنها تعكس إصرار نظام السيسي على خصخصة القطاعات الحيوية بالدولة (الصحة ـ التعليم ـ الكهرباء ـ مياه الشرب ـ وسائل النقل ــ المواني ــ  وغيرها) حتى لو كانت ناجحة ومربحة؛ بمعنى أن النظام انتقل من دائرة خصخصة شركات قطاع الأعمال منذ تسعينات القرن الماضي بدعوى أنها خاسرة إلى بيع أصول الدولة في عهد السيسي حتى لو كانت مربحة؛ بدعوى تقديم خدمة جيدة للمواطنين دون النظر إلى ما تمثله هذه الخطوات من مخاطر على الأمن القومي المصري.

 

واكدت أن "بيع هذه الأصول والصروح الطبية العملاقة يعني خسارة كبيرة للغاية للشعب المصري المالك الحقيقي لهذه الأصول؛ فما الذي يعود على الشعب بالنفع من انتقال ملكيته لهذه الصروح الطبية العملاقة ومنحها لحيتان رجال الأعمال والمستثمرين الخليجيين؟!


الرقابة منعدمة



أما الأكثر خطورة وفق الدراسة أن "رقابة الحكومة على المستشفيات الاستثمارية والخاصة يكاد يكون منعدما؛ الأمر الذي دفع عضو مجلس النواب عن محافظة البحيرة، محمد عبد الله زين الدين، إلى تقديم سؤال إلى رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي، ووزير الصحة والسكان خالد عبد الغفار، بشأن غياب رقابة إدارة العلاج الحر على المستشفيات الخاصة على مستوى الجمهورية، وتحول أغلبها إلى مشروعات استثمارية هدفها تحقيق الأرباح، وليس تقديم الخدمات العلاجية، والتخفيف عن آلام المرضى.

 

 

وأضافت أن "النائب" تلقى عدداً كبيراً من شكاوى المواطنين بسبب "استنزاف المستشفيات الخاصة لجيوب المرضى، في ظل أوضاع اقتصادية صعبة يعاني منها الجميع”، موضحاً أن “مصاريف احتجاز المريض من أجل تلقي الإسعافات الأولية فقط، قد تتجاوز 10 آلاف جنيه في كثير من المستشفيات".

 

وأردفت أن “الإشكالية الكبرى تتمثل باحتجاز المريض لإجراء عملية جراحية، لأن فاتورة العلاج تبلغ في هذه الحالة مئات الآلاف من الجنيهات، الأمر الذي يمثل أزمة كبيرة للمواطنين، ولا سيما مع غياب الرقابة على المستشفيات الخاصة".


استحواذات القطاع الصحي
 

وأشارت الدراسة ثالثا إلى "زيادة وتيرة الاندماجات والاستحواذات في القطاع الصحي الخاص، الذي أصبح جاذباً بشكل كبير لمستثمري الخليج، نتيجة الأرباح والعوائد الضخمة التي تحققها المستشفيات الخاصة، لتحتل الاستحواذات المالية في هذا القطاع المرتبة الثانية من إجمالي القطاعات الاقتصادية المصرية".

وكشفت عن تزايد "القلق بشأن التكتلات الاحتكارية في القطاع الطبي الخاص، الذي يشكو أغلب المصريين من انفلات أسعار خدماته، إثر استحواذ شركة “أبراج كابيتال” الإماراتية على مجموعة من المستشفيات الكبرى مثل كليوباترا والقاهرة التخصصي والنيل بدراوي، وأكبر سلسلتين من معامل التحاليل في البلاد، وهما “البرج” (926 فرعاً و55 معملاً بيولوجياً)، و”المختبر” (826 فرعاً).

 

وأبانت أن مجموعة علاج الطبية السعودية، فاستحوذت على 9 مستشفيات كبرى، منها الإسكندرية الدولي وابن سينا التخصصي والأمل والعروبة، بالإضافة إلى معامل “كايرو لاب” للتحاليل الطبية واسعة الانتشار في مصر، ومراكز “تكنو سكان” للأشعة التي تمتلك بدورها 24 فرعاً في محافظات مختلفة.


تسليع الصحة

 

وأكدت الدراسة أن السيسي يصر "على بيع أصول مصر وصروحها الطبية العملاقة في سياق سياسات النظام المرنة تجاه إملاءات صندوق النقد الدولي".



وبينت أن نظام السيسي "عرض مستشفيات المؤسسة العلاجية للبيع رغم نجاحها  وتحقيقها الاكتفاء الذاتي دون تلقي أي دعم من  الدولة، ما هي إلا محطة من محطات خصخصة الخدمة الصحية وتحويل الرعاية الطبية التي تعتبر واجبا دستوريا على الدولة إلى سلعة؛ وهي سياسات تهدد تماسك المجتمع ووحدته".
 

المستشفيات المستهدفة

والمستشفيات المستهدفة بالخصخصة في المرحلة الأولى ــ بحسب تصريحات المتحدث باسم وزارة الصحة، حسام عبد الغفار ــ هي: المستشفى القبطي في شارع رمسيس التي يعود تاريخ إنشائها إلى عام 1926، ومستشفى العجوزة في محافظة الجيزة (1936)، ومستشفى هليوبوليس (1950)، بالإضافة إلى مستشفى شيراتون في حيّ مصر الجديدة، ومستشفى الجلالة في محافظة السويس.

 

وستطرح المستشفيات الخمسة ـ بحسب المتحدث باسم الوزارة ــ  ستُطرح أمام القطاع الخاص كمرحلة أولى، على أن تتبعها مستشفيات أخرى تابعة للمؤسسة العلاجية مثل دار الشفاء والجمهورية ومبرة مصر القديمة ومبرة المعادي”، لافتا إلى أن “الاستثمار في هذه المستشفيات قد يكون من خلال الإدارة، أو بنظام حق الانتفاع لمدة زمنية محددة، وذلك دعماً للاستثمار في المجال الصحي في مصر.
 

وجاء إعلان وزارة الصحة بحكومة الانقلاب الخميس 15 سبتمبر 2022م، عن طرح خمسة من أكبر مستشفياتها العامة للبيع أمام القطاع الخاص رسمياً، ليمثل خبرا صاعقا وصادما في ذات الوقت لملايين المصريين؛ لأن هذا الطرح على النحو الذى جرى، وفي هذا التوقيت يعني أن نظام السيسي يعاني من مشكلة وليس مجرد ورطة.

 

وبالتالي فهو يسرع  في بيع هذه الصروح الصحية العملاقة من أجل توفير شيء من السيولة يمكنه من سداد ما عليه من التزامات وأقساط ديون وفوائد تصل إلى نحو (1,655 تريليون جنيه) وفقا لأرقام الموازنة الحالية (2022/2023)، بينما لا تصل كل موارد الدولة بحسب أرقام الموازنة إلا إلى (1.517) تريليون جنيه  فقط!