قال وزير المالية المصري محمد معيط إن بلاده ستلجأ إلى بدائل أخرى للأموال الساخنة في تمويل الموازنة، بعد تلقيها 3 صدمات خلال 4 سنوات أدت لهروب نسبة كبيرة منها.

وأضاف معيط الإثنين، أن "لدينا خطة.. البند رقم واحد، أننا في محادثات مع مستثمرين كثيرين في الخليج وآخرين ولدينا أصول. البند الثاني هو الاقتراض الميسر ربما من بنوك دولية أو أوروبية أو البنك الدولي أو البنك الأفريقي للتنمية".

وأكد معيط وفقا لوكالة "رويترز"، أن مصر تتطلع أيضا إلى تمويل غير تقليدي مثل تكرار سندات الساموراي التي باعتها في اليابان في مارس الماضي.

وأضاف قائلا: "يمكنني أن أذهب مرة أخرى. الآن أنا أتحدث مع الصينيين لإصدار سندات الباندا. إنها رخيصة جدًا".

وأكد معيط أن الحكومة لم يعد يمكنها الاعتماد على المشتريات الأجنبية لأذون وسندات الخزانة لتمويل ميزانيتها، بل يجب العمل على تعزيز الاستثمار الأجنبي المباشر.

وأشار إلى أن "الدرس الذي تعلمناه هو أنك لا يمكنك الاعتماد على هذا النوع من الاستثمار. إنه يأتي فقط للحصول على عوائد مرتفعة وما إن تحدث صدمة فإنه يغادر البلاد".

وأضاف قائلًا: "على مدار أربع سنوات، عملت خلال ثلاث صدمات من هذه الأموال الساخنة".

وقال معيط إن حوالي 15 مليار دولار غادرت مصر أثناء أزمة الأسواق الناشئة في 2018، وما يقرب من 20 مليار دولار غادرت البلاد عند تفشي جائحة كوفيد-19 في 2020.

وواجهت مصر أزمة مماثلة هذا العام، عندما غزت روسيا أوكرانيا وبدأت الولايات المتحدة زيادة أسعار الفائدة. وأثار ذلك نزوحا للمحافظ الاستثمارية يقدر بحوالي 20 مليار دولار.

ومصر كان لديها لفترة طويلة بعض من أعلى أسعار الفائدة الحقيقية عالميا، لكنها أبقت على معدلات الفائدة مستقرة الأسبوع الماضي. وقال معيط إن قفزة في التضخم إلى 13.5 بالمائة حولت أسعار الفائدة الحقيقية إلى سلبية.

وتشير أسعار الفائدة العالمية المتصاعدة، وضعف الجنيه المصري، وحذر المستثمرين حيال الأسواق الناشئة إلى أن مصر ستجد صعوبة في تمويل عجز متوقع قدره 30 مليار دولار في الموازنة العامة للعام المالي الذي يبدأ في أول يوليو 2022.

ورغم أن هبوطًا حادًا في أعداد الزائرين الأوكرانيين والروس وجه ضربة للسياحة في مصر، قال معيط إن القطاع يتعافى وأرباح صادرات الغاز تتزايد.

السيسي يبيع مصر

قال الخبير الأمريكي في شؤون مصر والشرق الأوسط، روبرت سبرنغبورغ، إن رئيس سلطة الانقلاب عبد الفتاح السيسي، يبيع أصول مصر بثمن بخس، مؤكدًا أن الدعم الخليجي لنظامه لم يعد شيكا على بياض كما كان عليه الحال في العام 2013.

وأضاف سبرنغبورغ، في مقابلة مطولة مع الإعلامي أسامة جاويش في برنامج “آخر كلام” وبثته فضائية مكملين، أن ثمة ثمنًا ستدفعه مصر مقابل اعتمادها على الخليج، لافتًا إلى أنه على الرغم من أن السعودية والإمارات مولتا وصول السيسي إلى السلطة وتمكنه منها، إلا أنه توجد الآن بعض الخلافات بينهم، وقدر معين من عدم الثقة، جعل الرياض وأبو ظبي أكثر تشددا فيما تقدمان من دعم للسيسي.

ويعد سبرنغبورغ أحد أهم الخبراء العالميين البارزين في الشأن المصري وله العديد من المؤلفات عن مصر، وعمل مديرًا لمركز الأبحاث الأمريكي في مصر حتى 2013، وأستاذًا لشؤون الأمن القومي في كلية الدراسات العليا البحرية الأمريكية ومديرًا لبرنامج الشرق الأوسط بمركز العلاقات المدنية العسكرية.

ومطلع العام الجاري، نشر سبرنغبورغ، وهو أستاذ الدراسات الدولية المرموق في جامعة سيمون فريزر، والباحث في المعهد الإيطالي للشؤون الدولية، دراسة تحت عنوان “تتبع مسار المال لتعرف حقيقة مصر السيسي” خلص فيها إلى أن مصر أصبحت دولة متسولة في عهد السيسي، بعد أن غدت واحدة من أكثر الدول مديونية في العالم، من حيث الكم الإجمالي، والذي يبلغ 100% من الناتج المحلي الإجمالي، وما تشهده من تراجع شديد في الدخل من العملات الأجنبية وفي تحويلات المصريين بالخارج دفعها لتسول العملات الأجنبية من صندوق النقد الدولي ودول خليجية.

احتمالات سقوط السيسي

وحول توقعه لمستقبل السيسي في حكم مصر، وإمكانية اندلاع ثورة جديدة بالبلاد احتجاجًا على تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، أوضح سبرنغبورغ، أن دول الخليج لا ترغب في رؤية السيسي ينهار بالكامل، ولكنها في نفس الوقت لا تريد له أن يكون مستقلًا، مستطردًا: “هم يسيرون على خط رفيع اقتصاديًا وسياسيًا”.

وتابع: “وقّعت الدول الخليجية على اتفاقات كثيرة على شكل استثمارات ومشتريات أصول الدولة في مصر. فمحمد بن زايد على سبيل المثال جدد وديعة من قبل الحكومة الإماراتية مودعة في مصرف مصر المركزي، ولكن في الوقت نفسه قام بشراء أسهم حكومية بما قدره 25% من مجمل الأسهم التي أصدرها البنك التجاري الدولي أكبر بنك في مصر، وتكرر الأمر مع مصنع أسمدة أبو قير أكثر الشركات ربحًا في مصر، وكذلك شركة فوري، الرائدة في تقديم الخدمات المالية الإلكترونية للمواطنين والشركات”.

وأردف: “مثل الإماراتيين، قرر حكام الخليج الآخرون، شراء بعض الأصول المصرية بأسعار زهيدة نسبيًا، مع الوضع في الاعتبار أنهم لن يتركوا للسيسي العنان من خلال إيداع الأموال في البنك المركزي حتى يتصرف بها كيف يشاء كما كان يحدث سابقًا، بل سوف يجلسون في مقعد القيادة يقررون أين ستذهب الأموال للتأكد من أنهم بالفعل سوف يستفيدون منها”.