برهن قائد الانقلاب العسكري عبدالفتاح السيسي من جديد على عمالته المعلنة للكيان الصهيوني في صفقة الإفراج عن الجاسوس الصهيوني عودة الترابين، لتنضم إلى لائحة طويلة من ممارسات النظام العسكري التي تصب في صالح الكيان العبري وتدعم المصالح المشتركة بين العسكر والاحتلال.
صفقة الترابين لم تكن سوى حلقة واحدة ضمن مسلسل من الانبطاح الذي مارسه الانقلاب منذ دهس ثورة 25 يناير بمجنزراته واعتقل رموز الميدان داخل زنازين الموت؛ حيث بدأ العرض مبكرا بعودة السفير المصري إلى تل أبيب وإعادة فتح سفارة الصهاينة، قبل أن يعمل على إحكام الحصار على المقاومة الفلسطينية وتنفيذ المخطط العبري بإخلاء الشريط الحدودي وغلق المعبر وإغراق الأنفاق لتأمين الحدود الإسرائيلية.
ولم يتردد نظام العسكر في التصويت لصالح إسرائيل في الأمم المتحدة لعضوية لجنة الاستخدامات السلمية للفضاء الخارجي، في سابقة هي الأولي من نوعها، لترد تصويت الكيان الصهيوني لعضوية غير دائمة بمجلس الأمن، كما قرر اللجوء إلى تل أبيب من أجل استيراد الغاز المنهوب في البحر المتوسط بالأسعار العالمية في الوقت الذي حكمت فيه المحكمة الدولية بقرابة ملياري دولار تعويض عن وقف إمداد خط الغاز.
عمالة السيسي للنظام الصهيوني لم تتوقف عند حدود التنسيق الأمني والاستراتيجي والتكامل التجاري والدبلوماسي، وإنما امتدت إلى حرب ثقافية عمل العسكر على خوضها من أجل تجميل وجه الاحتلال القبيح، فتوالت التصريحات من نخب الانقلاب بإنكار وجود المسجد الأقصى والتقليل من أهمية مدينة القدس لتفريغ القضية من مضمونها، فضلا عن إنتاج مسلسلات درامية تضفي هالة من القيم والتسامح المزيف على الصهاينة مثل "حارة اليهود".
تلك المعطيات وغيرها، دفعت نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي إلى إعادة نشر مقطع فيديو، لوزير الدفاع الصهيوني الأسبق إيهود باراك، في محاضرة بمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، قبل نحو عامين، اعترف خلالها بأن السيسي صناعة إسرائيلية من أجل استقرار الأوضاع في مصر بما يخدم سياسات الاحتلال في المنطقة.
وزعم باراك أنه وبالرغم من أن الرئيس مرسي وصل إلى السلطة عبر انتخابات حرة ونزيهة عقب ثورة أطاحت بحكم مبارك وألقت به في السجن، فإن الرئيس الشرعي حاول أن يتحول إلى "ديكتاتور" وهو ما استوجب تحرك الجيش من أجل العودة إلى السلطة من جديد!!.
وأشار وزير دفاع الاحتلال الأسبق إلى أن السيسي كان العنصر الأفضل للقيام بتلك المهمة، مطالبًا الولايات المتحدة بضرورة أن تيتح له كل السبل من أجل العمل على ترسيخ أركان الحكم العسكري، ومن ثم يتم انتخابه رئيسًا للجمهورية، وخلال تلك الفترة يمكن أن توجه إليه التعليمات أو الانتقادات خلف الأبواب المغلقة.
وأكد باراك أن معايير حقوق الإنسان التي تمثل أولوية في أمريكا، لا يجب أن تكون كذلك حيال الأوضاع في مصر على الأقل في الوقت الحالي، من أجل التعامل مع المعارضة، زاعما أنه يثق في أنه لن يعدم المئات من المعارضة، ضاربا المثل بالعديد من الدول التي لم تلتفت إلى حقوق الإنسان من أجل ترسيخ أركان السلطة المطلقة.
محاضرة إيهود باراك كانت أشبه بخارطة طريق خارجية لتمرير الانقلاب العسكري، مع رسم ملامح تعامل الغرب مع تحرك مجنزرات السيسي لدهس مكتسبات الثورة، من أجل تأمين وصول رجل إسرائيل إلى السلطة.
الحرية والعدالة