الزلزال الذي ضرب نيبال يوم السبت الماضي وأدى إلى مقتل آلاف الأشخاص خاصة في العاصمة كاتماندو القوة الاقتصادية للبلاد، دمر كل شيء فالمعالم الأثرية أصبحت أنقاض والمنازل والطرق دمرت والاتصالات قطعت.

فالتعمير يبدو شاقا في بلد اقتصاده  كان بالفعل هشا ومن بين أفقر البلدان في العالم، إذ يقع في المركز 157 من 187 في مؤشر التنمية البشرية، وحوالي 25٪ من الـ 27 مليون نسمة من مواطنيه يعيشون تحت خط الفقر.

صحيفة "لوموند" الفرنسية تناولت الكارثة التي حلت بهذا البلد اﻷسيوي، لكن بصورة مختلفة بعض الشيء، حيث ركزت عن اﻷوضاع في نيبال ولكن قبل الزلزال المدمر.
 


ثلثي السكان يعملون في الزراعة

مع الجبال العالية، "قمم العالم" كما نطلق عليها، فإن الأراضي النيبالية تضاريسها وعرة جدا، ويعمل في الزراعة ثلثي السكان الذين يكافحون من أجل إعالة أنفسهم.

فهذا البلد في انعدام أمني غذائي مستمر، كما يوضح تقرير لمنظمة اليونيسيف: الاحتياطيات تكاد لا تكفي لأشهر الشتاء ونصف أطفال البلاد يعانون من توقف النمو".

 الزلزال تضرر منه ستة وثلاثون مقاطعة (من أصل 75)، الأمر الذي سيؤثر بشكل كبير على النمو ، حيث تمثل الزراعة 36٪ من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.

 


ووفقا للإحصاءات الرسمية، بلغ معدل النمو 5.5٪ في العام الماضي لكن في الوقت نفسه، كان معدل التضخم 6.9٪.



الاعتماد القوي على الواردات

تقع نيبال بين الهند والصين وتعتمد اقتصاديا على هذين القوتين العالميتين، وهو وضع يجعلها عرضة للتقلبات الخارجية، حيث ترتبط العملة النيبالية أيضا بالروبية الهندية.

البلاد لا يمكنها الاعتماد على الاستثمار الأجنبي إذ لا تزال واحدة من الدول الأقل جاذبية في العالم بهذا المجال.

وارداتها تقريبا ثلث الناتج المحلي الإجمالي، وتستورد كافة الأساسيات لتلبية الاحتياجات من الطاقة (النفط والغاز)، والمواد الخام الزراعية والسلع المصنعة مثل الملابس والكهربائية والمنتجات الالكترونية.


 

 


وبالمقارنة صادراتها طفيفة (883 مليون دولار في عام 2013) ومتنوعة جدا: الملابس والسجاد وصوف الباشمينا والمنسوجات الأخرى، ومعظمها يرسل إلى الهند.


 

الصحة والتعليم يعتمد على الخارج

قبل وقوع الزلزال، كانت نيبال تعتمد بشكل كبير على المساعدات الدولية، حيث بلغت 26٪ من الميزانية، وفقا للأرقام الصادرة عن الحكومة في الفترة من 2010-2011، أو 1.5 مليار يورو.

المناطق الرئيسية تعتمد على المنح الخارجية في التنمية المجتمعية والصحية، وكبار المانحين لنيبال هم البنك الدولي والبنك الآسيوي للتنمية، والصين، والأمم المتحدة، والمملكة المتحدة.

وهذه الكارثة الإنسانية الجديدة يمكن أن تفاقم هذا الاعتماد على المساعدات الدولية.

كما تعتمد البلاد أيضا على التحويلات المالية من العمال المغتربين الذين يرسلون إلى البلاد 26٪ من الميزانية المحلية.



دخل السياحة أدنى من الإمكانات

مع امتلاكها ثمانية من أعلى عشر قمم في العالم، وأربعة مواقع تصنف من قبل اليونسكو على أنها تراث عالمي، يعد هذا البلد قبلة لكل محبي الرحلات لمشاهدة العجائب الطبيعية والثقافية.

 


 

فهي مفتوحة امام الأجانب منذ عام 1951، واستقبلت نيبال نحو 800 ألف زائر عام 2013، ويمثل قطاع الخدمات، الذي يشمل السياحة، نصف الناتج المحلي الإجمالي.

ومع ذلك، فإن القطاع لا يزال في أدنى إمكاناته، بسبب عدم وجود سكن نوعي، والعاملون في هذا القطاع غير مؤهلين إضافة إلى أن روابط السفر الجوية محدودة.

الزلزال دمر أجزاء من المواقع التاريخية والأثرية ، وفقا لما ذكر موقع اليونسكو للتراث، حيث انهارت 90٪ من المعالم الأثرية من ساحة دوربار في كاتماندو و50٪ من معابد ساحة دوربار في باتان.



الدوامات السياسة الداخلية

وفي مواجهة هذه الأزمة، ومستقبل نيبال يرتبط باتخاذ قرارات بشأن السياسة الداخلية. اندلعت الحرب الأهلية بين عامي 1996 و 2006 وأدت في النهاية إلى إلغاء النظام الملكي. ولكن بما أن البلد ما زال لم يتمكن من وضع دستور، فإن الأزمة السياسية تمنعه من تقديم استراتيجية تنمية حقيقية.


بالإضافة إلى السياحة التي يمكنها لعب دورا هاما، فإن نيبال يمكنها الاعتماد على إمكانيات أخرى غير متوقعة: إنتاج الطاقة الكهرومائية فالبلاد غنية بالأنهار الجليدية أي لديها موارد مياه كبيرة، اﻷمر الذي يوفر نقص الطاقة في نيبال وكذلك أيضا في الهند.