22/12/2009

أعلنت جماعة الاخوان المسلمين، اقوى احزاب المعارضة المصرية واكثرها تمثيلا في البرلمان، عن نتائج انتخابات مكتب الارشاد، اعلى هيئة تنفيذية داخلها .

المفاجأة لم تكن في فوز نسبة كبيرة من اعضاء مكتب الارشاد السابقين او دخول وجوه جديدة مثل الدكتور عصام العريان، وانما في خروج اثنين من ابرز الشخصيات الاخوانية مثل الدكتور محمد حبيب نائب المرشد العام، والدكتور عبدالمنعم ابو الفتوح.

ومن المفارقة ان اجهزة الاعلام العربية والغربية لم تول الاهتمام الكافي بهذه الانتخابات التي تعكس ظاهرة جديدة في احزاب المعارضة عموما والاسلامية على وجه الخصوص، تتمثل في اجراء انتخابات شفافة بالطريقة التي شاهدناها.

فالانطباع السائد لدى معظم المراقبين المهتمين بالشأن الديمقراطي، ان الجماعات الاسلامية، و'الاخوان المسلمون' على وجه التحديد، يكنون عداء محكما للديمقراطية وصناديق الاقتراع، ويتمترسون في السلطة فور الوصول اليها.

وربما يكون هذا الاتهام صحيحا في بعض الحالات، وهناك امثلة عديدة في هذا الصدد، وهناك من يطرح السودان كأحد الأمثلة، ولكن لا بد من التذكير بأن هناك خطرا على وصول الاحزاب الاسلامية الى سدة الحكم عبر صناديق الاقتراع في جميع الدول العربية، وشاهدنا كيف جرى اجهاض الانتخابات الجزائرية في مطلع التسعينات من القرن الماضي عندما تأكد فوز حركة الانقاذ فيها، وممارسة كل انواع القمع والبلطجة لمنع حصول 'الاخوان المسلمين' على ثلث المقاعد في البرلمان المصري في الانتخابات الاخيرة، حتى لا يملكوا حقا دستوريا في تعطيل بعض قوانين الحكومة.

ولعل فوز حركة 'حماس'، في انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني قبل أربعة اعوام هو حال الاستثناء الوحيدة، فقد كان فوزها مفاجئا للكثيرين، ولكنه فوز لم يعمر طويلا، وجرى اجهاضه من خلال فرض مقاطعة عربية ودولية على الحكومة التي شكلتها الحركة برئاسة السيد اسماعيل هنية.

وربما يعترض البعض على الطريقة التي جرت في ظلها انتخابات الاخوان هذه، لانها لم تتم وفق الاجراءات الديمقراطية المتبعة، اي حضور الاعضاء لعملية الاقتراع والادلاء باصواتهم امام الجميع، ولكن لا بد من الاخذ في الاعتبار ظروف الجماعة، والضغوط التي تتعرض لها من قبل الحكومة واستحالة عقد الانتخابات في ظروف طبيعية.

ويظل لزاما علينا ان ننوه بالمرشد العام السيد مهدي عاكف الذي ضرب مثلا في الزهد بالقيادة، عندما رفض تمديد مهمته لفترة ثانية، وقال انه بلغ الثمانين من العمر، ولا بد من افساح المجال امام قيادة شابة.

هذا المثل يشكل درسا للرئيس حسني مبارك الذي تجاوز الثمانين بعامين تقريبا، ورغم ذلك يصر على الترشح لولاية اخرى لست سنوات، اي انه سيظل في الحكم حتى وهو في سن التسعين.

السؤال هو: ايهما يصل الى الحكم في انتخابات ويرفض افساح المجال للآخرين، ويقتل العملية الديمقراطية، هل هم الجماعات الاسلامية ام الجماعات والاحزاب التي تدعي الليبرالية؟

___________

المصدر: القدس العربي