تتحول الساحة السياسية والإعلامية في مصر، تحت حكم قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي، إلى مسرح مفتوح لصراعات شخصية بين رموز نافذة في السلطة أو مقربة منها، صراعات لا تعبّر عن اختلاف رؤى بقدر ما تكشف عمق التصدع داخل منظومة حكم متشابكة المصالح.

 

الاشتباك الأخير بين نجيب ساويرس، علاء مبارك، ومصطفى بكري، وما حمله من تبادل اتهامات وسخرية وتهديدات مبطنة، شكّل نافذة جديدة تُظهر للجمهور كيف تُدار النزاعات داخل دائرة النفوذ، بعيداً عن هموم المواطن وأزمات الدولة المتفاقمة.

 

نجيب ساويرس: تدخلٌ يشعل الفتنة ويكشف هشاشة المنظومة

 

دخول رجل الأعمال نجيب ساويرس بثقله إلى السجال المحتدم عبر منصة إكس لم يكن مجرد تعليق عابر، بل كان تفجيراً لمرحلة جديدة من التصعيد. التغريدة التي هاجم فيها مصطفى بكري بشكل مباشر، مستخدماً عبارات حادة وساخرة، وضعت رجل الأعمال في قلب عاصفة سياسية وإعلامية.

 

رغم أن ساويرس معروف بانتقاداته المتكررة للنظام ورموزه، إلا أن هذه المرة جاءت لهجته كاشفة لتوتر أعمق داخل منظومة السلطة نفسها. بدا وكأن الصراع لا يدور حول تغريدة أو تصريح، بل حول صراع نفوذ مستتر يطفو إلى السطح بين الحين والآخر مع كل حدث سياسي أو اقتصادي.

 

ودعما لعلاء مبارك قال " الحقيقة مش قيمة الاستاذ علاء مبارك انه ينزل لمستوي الراجل ده اللي ما أختلفش عليه اتنين ! حتي أخوه الله يرحمه قال عليه انه من صغره و هو معرض...".

 

علاء مبارك ومصطفى بكري: صدام يبرز الوجه الحقيقي للصراع داخل أجنحة السلطة

 

الخلاف الذي انفجر بين علاء مبارك ومصطفى بكري بسبب تغريدة ساخرة من الأول، كشف تداخل الحسابات القديمة مع حاضر سياسي مرتبك. الاتهامات المتبادلة بين الطرفين، من “المراهقة السياسية” إلى تلميحات عن ملفات مالية، أبرزت كيف تتحول مواقع التواصل إلى ساحة لتصفية حسابات رمزية بين أجنحة سابقة وحالية للسلطة.

 

بدا علاء مبارك في موقع المدافع الذي يستعيد إرث والده السياسي كلما اشتد الهجوم عليه. وفي المقابل، ظهر بكري في موقع المهاجم الذي يحاول تعزيز حضوره داخل المشهد الموالي للسلطة. هذا الصدام لم يكن مجرد خطأ في التعبير، بل انعكاس لصراع امتداده أبعد من الشخصيات إلى شبكة علاقات وتوازنات داخل الدولة.

 

 

السيسي في قلب المشهد: سلطة يغذيها الصراع لا الاستقرار

 

رغم أن قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي لم يتدخل مباشرة في هذا السجال، إلا أن حضوره ظل طاغيًا كخلفية لكل هذه المواجهات. فالحكم الذي يُدار بمنطق توسع النفوذ، والتوازنات الداخلية، والتنافس على القرب من السلطة، يجعل هذه الصدامات أمراً متكرراً لا ينفصل عن طريقة إدارة الدولة.

 

تغريدة بكري التي أشعلت الشرارة كانت في الأصل تهنئة للسيسي. ومن هنا بدأ الخلاف، ما يعكس الدور المركزي للرئيس في معادلات القوة داخل المشهد.

 

الصراع على القرب من السيسي أصبح عنوانًا غير معلن لهذه الاشتباكات، التي تأخذ شكل ملاسنة أو اتهامات لكنها تخفي تنافسًا أوسع على النفوذ السياسي والإعلامي.

 

المنظومة المتصدعة: تحالفات ضعيفة واتهامات متبادلة تُظهر عمق الأزمة

 

القاسم المشترك بين الأطراف المتصارعة هو انتماؤهم - بشكل مباشر أو غير مباشر - إلى دوائر لها مكانة داخل المنظومة السياسية الأوسع. ورغم اختلاف مواقعهم، يجمعهم خيط واحد:

  • خطاب يحمّل الآخر مسؤولية فساد أو خلل أو إساءة، دون أن يقترب أحدهم من الحديث عن جذور الأزمة الحقيقية في إدارة الدولة.
  • يتحول النقاش العام إلى منصة لعرض الخلافات الشخصية بدلاً من ملفات الاقتصاد، التضخم، انهيار الخدمات، أو حقوق المواطنين.
  • ومع غياب المحاسبة، يُعاد تدوير الاتهامات نفسها دون الوصول إلى نتيجة، ما يعكس أزمة حكم تتغذى على الانقسام وتبادل الاتهام.
  • الشعب يعاني، والسلطة منشغلة بمعارك داخلية عبثية.

 

الصراع بين ساويرس، بكري، وعلاء مبارك ليس حدثًا معزولاً، بل جزء من مشهد أكبر يكشف ضعف البنية السياسية في مصر تحت حكم السيسي. الصدامات المتكررة بين رموز السلطة والإعلام تعكس انقسامًا داخليًا وغيابًا للشفافية، ما يجعل الدولة تُدار من خلال نزاعات وولاءات متقلبة.