أعاد ظهور الشاب محمد يحيى رشاد فرحات بعد أكثر من خمس سنوات من الاختفاء القسري إحياء الجدل حول ملف المختفين في مصر، وسط مطالبات حقوقية بضرورة الكشف عن مصير المئات الذين ما زالت أماكن احتجازهم غير معروفة.

 

محمد، البالغ من العمر 31 عامًا وينتمي إلى مركز يوسف الصديق بمحافظة الفيوم، ظهر أمام نيابة أمن الدولة العليا في الثاني من نوفمبر الماضي، بعد اختفاء دام منذ اعتقاله في 9 يونيو 2020.

 

خمس سنوات بلا أثر

 

وفق مصادر حقوقية، بينها الشبكة المصرية لحقوق الإنسان ومركز الشهاب لحقوق الإنسان، فقد تم توقيف محمد تعسفيًا قبل خمسة أعوام ونصف، دون معلومات رسمية عن مكان احتجازه أو أسباب القبض عليه، رغم محاولات أسرته البحث عن أي إشارة لتحديد مصيره، في ظل ما وصفته المنظمات الحقوقية بـ"غياب الشفافية وحرمان ذويه من أي معلومة".

 

طوال تلك الفترة، لم يُعرض محمد على أي جهة تحقيق، ولم تُعلن السلطات رسميًا عن احتجازه، الأمر الذي جعله ضمن قوائم المختفين قسريًا التي توثّقها منظمات حقوق الإنسان في مصر منذ سنوات.

 

الظهور المفاجئ وإعادة التحقيق

 

بعد سنوات الغياب، ظهر محمد فجأة أمام نيابة أمن الدولة العليا، التي قررت حبسه 15 يومًا على ذمة القضية رقم 1126 لسنة 2025 حصر أمن دولة عليا، وإيداعه سجن بدر 1.

 

ويأتي هذا الظهور بعد فترة اختفاء تجاوزت المدة التي تسمح بها أي إجراءات قانونية أو قضائية، بما يثير تساؤلات قانونية وحقوقية حول ظروف احتجازه السابقة.

 

ردود فعل حقوقية وترحيب حذر

 

أعرب مركز الشهاب لحقوق الإنسان عن تقديره لظهور محمد، واصفًا ذلك بأنه "بارقة أمل" لذوي المئات من المختفين قسريًا، مؤكدًا أن هذا الظهور يكشف إمكانية الإفراج أو الكشف عن مصير آخرين اختفوا في ظروف مشابهة.

 

 

في السياق نفسه، أكدت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان أن ظهور محمد بعد هذه المدة الطويلة يعكس حجم الأزمة الإنسانية المرتبطة بملف الاختفاء القسري في مصر، مشيرة إلى أنها وثّقت اختفاء مئات المواطنين خلال السنوات الماضية، معظمهم من الشباب، وأن كثيرًا من الأسر ما زالت تنتظر خبرًا يبدد سنوات من القلق المستمر.

 

 

مطالبات بإنهاء الظاهرة

 

جددت المنظمات الحقوقية دعواتها للسلطات إلى إغلاق ملف الاختفاء القسري بشكل كامل، عبر الكشف عن أماكن جميع المختفين، وتمكين أسرهم ومحاميهم من التواصل معهم، إضافة إلى توفير ضمانات حقيقية لعدم تكرار تلك الممارسات.

 

كما طالبت بضرورة احترام الدستور والقانون المصري والمعاهدات الدولية التي تجرم الاحتجاز السري أو الإخفاء، وتلزم الدولة بكشف أماكن الاحتجاز وتمكين الموقوفين من حقوقهم القانونية.

 

معاناة ممتدة لسنوات

 

يبقى ظهور محمد يحيى خطوة مهمة بالنسبة لأسرته وغيرها من الأسر التي لا تزال تعيش مأساة البحث عن ذويها، إذ تنظر تلك العائلات إلى كل حالة ظهور باعتبارها فرصة جديدة لإحياء الأمل في معرفة مصير أحبائها المفقودين.

 

وبينما تستمر السلطات في توجيه الاتهامات في قضايا أمن دولة بحق عدد ممن يظهرون بعد اختفائهم، يستمر الجدل بشأن ضرورة إيجاد حل جذري لهذه الملفات، التي باتت تشكل أحد أبرز التحديات الحقوقية في مصر.