في خطوة غير متوقعة، طالب الإعلامي عمرو أديب الحكومة المصرية بـ"رحمة الشعب شوية"، مستشهدًا بعبارة مثيرة للجدل: "إذا كان شعبك عسل، متلحسوش كله" مضيفا أنا مش ضد رفع الأسعار بس الناس اللي بتقبـض ٢٥ الف جنيه مش عارفه تعيش. جاءت هذه التصريحات خلال حلقة من برنامجه "الحكاية"، التي أثارت العديد من التساؤلات بين متابعيه والنشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي.
فهل يعبر أديب عن تحول حقيقي في موقفه تجاه الحكومة، أم أن هذه التصريحات ما هي إلا مناورة إعلامية تهدف لتحسين صورته في وقت حساس؟


 


عمرو أديب: من المدافع القوي إلى المنتقد الحذر
لطالما كان عمرو أديب واحدًا من أبرز الإعلاميين المدافعين عن سياسات الحكومة المصرية، وكان يظهر بشكل دائم في العديد من البرامج التلفزيونية ليؤيد قرارات الحكومة في مجالات متعددة، بما في ذلك الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي مرت بها البلاد. لكن تصريحاته الأخيرة، التي طالب فيها الحكومة بأن تكون أكثر رحمة بالشعب، جاءت بمثابة تحول مفاجئ، مما أثار العديد من الأسئلة حول دوافع هذا التغيير في مواقفه.

في الفيديو الذي نشره أديب، أشار إلى أن المواطنين بدأوا يشعرون بثقل الأعباء الاقتصادية، وأن الحكومة لا ينبغي لها استغلال الوضع الحالي بشكل مفرط. ورغم أن هذه التصريحات قد تبدو غير مألوفة بالنسبة له، إلا أن البعض يراها خطوة تكتيكية قد تهدف إلى التقرب من الشارع في وقت تتزايد فيه الانتقادات الموجهة له بسبب دعمه المستمر لقرارات الحكومة.
 

النشطاء يسخرون من الموقف
لم تمر تصريحات أديب مرور الكرام على النشطاء على منصات التواصل الاجتماعي. فقد سخر العديد منهم من هذه الكلمات، معتبرين أن هذا الموقف يعد محاولة من أديب لتغيير صورته الإعلامية أمام الجمهور بعد أن ارتبط اسمه بالدفاع عن الحكومة في أصعب الظروف.
وكان أحد التعليقات الساخرة على تويتر يقول: "عمرو أديب يتذكر الآن أن هناك شعبًا يعاني بعد أن ملأ جيوبه من تأييد الحكومة!".

فكتبت سلوى " اه حاضر من عيننا الجوز و منخارينا اللوز يعني انت بتسأل الناس تعيش ازاي و في نفس ذات الوقت تقولهم اتبرعوا واوعوا تقولوا وانا مالي طيب ماتتبرع براتبك لمدة ٦ شهور ياعمرو برخصة يامنافق اللي معاه حنة يحني طيz جحشه ياحيلة امك واللي عايزه البيت يتحرم علي الجامع يا مزدوج".

 

وعلق إبراهيم " صرح أقل دخل للاسره يمكن العيش به 25000 جنيه المعاشات تطالب فقط 10000جنيه حد ادنى ومن فلوسنا".

 

وأضاف خالد " عمرو أديب بيقولك إللى بيقبض ٢٥ ألف جنيه فالشهر مش عارف يعيش! طب احنا بقى نعمل إيه! مجلس الشيوخ بتاع الباشوات والأمراء دخله صيع من عينة حمامه وياسر جلال. احياء بإكملها بتتهد وبترحل اهلها. حيطردنا من بيوتنا بقانون الإيجار القديم. يتم القضاء على التراث والأثار. الأرض بتباع للأعداء."

 

وتهكم عمر عمرو أديب : أنا مش ضد رفع الأسعار بس الناس اللي بتقبـض ٢٥ الف جنيه مش عارفه تعيش طيب أيه رأيك في الناس اللي دخلها أقل من 5 ألاف وستة وسبعة ولا المعاشات في ناس بتاخد الفين يعيشوا ازاي قوللي ازاي هيدفعوا ايجار وغاز وكهربا ومية وأدوية ومواصلات وأكل وتعليم وبلاش نقول لبس ."

 

هل يغير أديب موقفه فعلاً؟
الدلالات النفسية والسياسية وراء تصريحات أديب قد تكون مؤشرًا على تحول في علاقته مع الحكومة، أو ربما هي استجابة لضغوط داخلية وخارجية.
ففي ظل التوترات المتزايدة بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة، قد يكون أديب قد بدأ في إعادة النظر في استمراره في دعم الحكومة بشكل علني، محاولًا تهدئة الغضب الشعبي الذي بدأ يظهر في الشارع المصري.

في هذا السياق، يقول أحمد سليمان، خبير الإعلام السياسي: "أديب كان دائمًا في صف الحكومة، ولكن في ظل الاحتقان الشعبي بسبب الأوضاع الاقتصادية، بدأ يبدو وكأنه يتخلى عن هذا الدعم الظاهر في محاولة للتقرب من مشاعر المواطنين.
هذا قد يكون تكتيكًا إعلاميًا لامتصاص الغضب الشعبي قبل أن يتم اتهامه بأن دوره فقط هو الدفاع عن السلطة مهما كان الثمن".
 

النقد الموجه إلى الإعلاميين الموالين للحكومة
على الرغم من أن العديد من الإعلاميين مثل أديب قد اتبعوا سياسة الدفاع عن الحكومة، إلا أن التصريحات الأخيرة تكشف عن خلل في العلاقة بين الإعلام والسلطة، خصوصًا في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يواجهها المواطنون.

ويقول عماد الجمال، أستاذ الإعلام في جامعة القاهرة: "في النهاية، الإعلام يساهم في خلق صورة الحكومة في أذهان المواطنين.
إذا شعر الإعلام بأن الحكومة أصبحت في موقف صعب، فسيغير البعض منهم اتجاهاته الإعلامية، لكن دون أن يتخلى تمامًا عن دعم السلطة".
هذا التصريح يفتح المجال للنقاش حول ما إذا كان الإعلام الموالي للحكومة قد بدأ في تعديل مواقفه استجابةً للأوضاع المتدهورة.

بينما يستمر الشارع المصري في الإعراب عن استيائه المتزايد من تدهور الأوضاع الاقتصادية، تبقى تصريحات عمرو أديب محط جدل.
هل هي بداية لتغيير حقيقي في مواقفه الإعلامية، أم أنها مجرد مناورة إعلامية لا أكثر؟
يبقى هذا السؤال معلقًا إلى أن تتضح المزيد من تفاصيل الفترة المقبلة.

ولكن مما لا شك فيه أن المواطن المصري قد بات في موضع اختبار، حيث تطالب الشارع الحكومات والإعلاميين بإيجاد حلول حقيقية للأزمات الاقتصادية وليس مجرد تصاريح إعلامية سطحية.