ذكر موقع ميدل إيست مونيتور أن إسرائيل تشهد موجة غير مسبوقة من العرائض والبيانات العامة التي وقّعها مئات الآلاف من مختلف القطاعات والمجالات، وتتشارك هذه النداءات مطلباً واحداً وواضحاً: إنهاء الحرب فوراً، دون تأجيل. وقد دفعت هذه الضغوط الحكومة الإسرائيلية ورئيسها إلى الرد بعنف لفظي، مع الدعوة إلى فصل أي عسكري يشارك في هذه الحملات.
بدأت هذه الحركة المتصاعدة بعريضة وقّعها ألف من جنود الاحتياط في سلاح الجو، ثم لحقتها مجموعات من وحدات قتالية وأمنية، ونقابيون، ومحامون، وأكاديميون، وأخيراً عائلات جنود قُتلوا في غزة. وتستمر هذه الحملة في التوسع دون مؤشرات على التراجع.
أظهرت العرائض التي صدرت من وحدات عسكرية دعوة موحدة لإنقاذ الأرواح وإعادة الأسرى فوراً، حتى لو تطلّب ذلك وقفاً فورياً للحرب على غزة. واعتبرت هذه العرائض أن استمرار الحرب يخدم مصالح سياسية وشخصية، لا أمنية.
تجاوز عدد الموقعين على العرائض 120 ألف إسرائيلي، في رقم غير مسبوق في تاريخ الاحتجاجات على الحروب السابقة، ما يعكس تحولاً كبيراً في موقف فئات من المجتمع الإسرائيلي تجاه الحرب. تنقسم هذه الفئات إلى مجموعتين رئيسيتين: الأولى مدنية، تضم عائلات القتلى، وأكاديميين، ومعلمين، ومحامين؛ والثانية عسكرية وأمنية، تشمل ضباطاً وطلاباً في المدارس العسكرية، ومقاتلين من وحدات النخبة، وضباطاً من الموساد والشاباك، وأفراداً من وحدات السايبر والهندسة والطبية، وقيادات في سلاح الجو والبحرية، ولواء جولاني، ووحدة 8200 ووحدة هيئة الأركان العامة.
رغم استمرار الاحتجاجات لأشهر خلال الحرب على غزة، إلا أن موجة العرائض الحالية تُعد حدثاً استثنائياً يحظى باهتمام وطني كبير. وتزايدت التوقعات بأن تؤدي هذه العرائض إلى انضمام وحدات عسكرية إضافية للمطالبة بوقف الحرب، وهو ما بدأ فعلاً بالتبلور.
سارعت أحزاب المعارضة إلى دعم العرائض، واتهمت الحكومة باستهداف "رأس الحربة" في الجيش، في إشارة إلى سلاح الجو، الذي سبق أن احتج على خطة التعديلات القضائية ورفض المشاركة في العمليات العسكرية تحت حكومة يمينية. وكان موقفهم قد أثار حينها مخاوف داخل الجيش من فقدان الجاهزية.
أكّد الموقعون على العرائض أن الجنود الإسرائيليين دفعوا ثمناً باهظاً في الحرب، وأن الحل لن يأتي بالقوة العسكرية، بل عبر حلول سياسية، مشيرين إلى أن كل يوم يمر يعني خسارة أخلاقية إضافية. وطرحوا سؤالاً مركزياً: لماذا تستمر الدولة في التضحية بالجنود والمدنيين في حرب بلا أفق؟
في المقابل، اختارت الحكومة الرد بالتصعيد، حيث وصف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الموقعين بأنهم "رعاع فوضويون وشريرون"، واتهمهم بنشر "أكاذيب دعائية" لم تعد تقنع أحداً، ووصفهم بأنهم "أعشاب ضارة" تعمل لمصلحة منظمات أجنبية تريد إسقاط الحكومة.
ردّت الحكومة على الحملة بدعوات إلى معاقبة الموقعين، ووجّه بعض الوزراء اتهامات بمحاولة تقويض شرعية الحرب. وفي البداية، دعا رئيس الأركان هرتسي هاليفي إلى فصل العسكريين المشاركين، لكنه عاد وفتح حواراً معهم، بعد اتساع الحملة، في خطوة اعتُبرت انتصاراً للمحتجين.
أثارت هذه التحركات قلقاً لدى القيادة العسكرية من احتمال اتساع رقعة الاحتجاجات داخل الجيش، ما قد يزيد من تعقيد الأوضاع في ظل تصاعد التهديدات من عدة جبهات. وأضافت هذه الأزمة بُعداً داخلياً جديداً للأزمة الإسرائيلية، التي تعاني أساساً من أزمات متراكمة.
تزامن ذلك مع تراجع ملحوظ في نسب استدعاء الاحتياط، إذ انخفضت النسبة من 130% في الأشهر الأولى للحرب إلى 60–70% حالياً، ما يعكس تراجع الحماسة العامة ويزيد من الضغوط لإنهاء الحرب.
تتعدّد دوافع هذه العرائض، لكنها تشترك في قناعة راسخة بأن الاستمرار في ملاحقة "آخر مقاتل وآخر نفق" لن يؤدي إلا إلى حرب لا تنتهي. التكاليف العسكرية والاجتماعية أصبحت باهظة، والمؤسسات تظهر مؤشرات على التآكل، والعقيدة القتالية تبدو متقادمة، والجيش يعاني من الإرهاق والانهيار التدريجي.
https://www.middleeastmonitor.com/20250424-israel-faces-surge-of-petitions-to-end-gaza-war/