رغم المليارات التي أنفقتها  حكومة عبدالفتاح السيسي، خلال العقد الأخير على تطوير الطرق وشبكات النقل، ما زالت حوادث المرور تشكّل نزيفًا يوميًا على طرقات البلاد، وهو ما تعكسه الأرقام الرسمية الصادرة مؤخرًا عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، والتي تُظهر مفارقة لافتة، انخفاضًا في أعداد القتلى بنسبة تفوق 10%، مقابل ارتفاع في عدد المصابين بنسبة 7.5% خلال عام 2024.
 

قتلى أقل.. ولكن مصابين أكثر
   سجّل عام 2024 سقوط 5260 قتيلًا في حوادث الطرق والقطارات، مقارنةً بـ5866 في العام السابق، ما يعادل انخفاضًا بنسبة 10.3%، وهو تطوّر إيجابي نسبيًا.
لكن في المقابل، ارتفع عدد المصابين إلى 76,362 شخصًا، بزيادة قدرها 7.5% عن 2023، مما يثير تساؤلات حول فاعلية الإجراءات المتخذة على الأرض.

وتُظهر البيانات أن معدل "قسوة الحوادث" -أي عدد الوفيات لكل 100 مصاب- قد تراجع من 8.3 حالة وفاة في 2023 إلى 6.9 في 2024، أي بانخفاض يُقدّر بنحو 16.9%.
إلا أن هذا التراجع لا يعني بالضرورة تحسنًا في منظومة السلامة، خاصة مع تزايد أعداد الحوادث والمصابين، وخصوصًا بين الفئات العمرية الصغيرة.
 

أطفال ونساء في قلب الخطر
   تكشف الأرقام عن أن فئة الأطفال تحت سن 15 عامًا كانت الأكثر تضررًا من حوادث الطرق، حيث فقد 1219 طفلًا حياتهم في عام واحد فقط.
أما الأطفال دون الخامسة فكانوا الأقل من حيث عدد الضحايا (218 حالة وفاة).

ويعكس ذلك خللًا في حماية الفئات الأضعف في المجتمع، سواء كركاب أو كمشاة.
 

القاهرة في الصدارة.. والسويس الأقل
   من حيث التوزيع الجغرافي، جاءت القاهرة على رأس المحافظات من حيث عدد الوفيات، مسجلة 766 ضحية، تليها محافظات كبرى تشهد ازدحامًا مروريًا.

أما السويس، فكانت الأقل بـ6 حالات وفاة فقط، ما قد يُعزى إلى عدد السكان الأقل أو طبيعة حركة المرور فيها.
 

القطارات.. الحوادث ترتفع.. لكن القتلى أقل
   لم تكن السكك الحديدية في مأمن من هذا النزيف، إذ شهدت ارتفاعًا بنسبة 21.5% في حوادث القطارات، لتصل إلى 220 حادثًا خلال 2024 مقارنة بـ181 في 2023.
ومع ذلك، انخفض عدد القتلى إلى 57 شخصًا فقط، فيما بلغ عدد المصابين 104.

ومع أن معدل قسوة الحوادث بالقطارات قد انخفض إلى 54.8 حالة وفاة لكل 100 مصاب، إلا أنه لا يزال مرتفعًا بشكل كبير مقارنة بوسائل النقل الأخرى، ما يدل على أن القطارات لا تزال تعاني من مشكلات هيكلية في السلامة التشغيلية.
 

تريليونا جنيه لم تنهِ النزيف
   بحسب وزارة النقل، أنفقت الحكومة تريليوني جنيه خلال الفترة من 2014 إلى 2024، على تحديث وتطوير منظومة النقل، بما يشمل إنشاء طرق جديدة وتوسيع الشبكات القائمة، وتطوير نظم الإشارات والسكك الحديدية.
لكن هذه الاستثمارات الضخمة لم تُفضِ إلى النتائج المأمولة على صعيد الحد من الحوادث والإصابات.

ويرى خبراء أن السبب لا يكمن فقط في البنية التحتية، بل أيضًا في ضعف الصيانة الدورية، وقصور الرقابة المرورية، وانتشار القيادة المتهورة، وانعدام ممرات الطوارئ في بعض الطرق السريعة.