أثار سقوط نظام بشار الأسد الأسبوع الماضي ردود فعل متباينة في مصر؛ إذ استقبل الشارع المصري التطورات بفرح وأمل، بينما بدا النظام الحاكم قلقًا ومتخوفًا. يعكس هذا التباين تطلعات المصريين المتزايدة نحو تغيير محتمل ينهي قبضة عبد الفتاح السيسي القمعية على السلطة.

على مدار العقد الماضي، عانى عشرات الآلاف من معارضي السيسي من الاعتقال في سجون وصفتها جماعات معارضة بأنها تشبه سجن صيدنايا سيئ السمعة في سوريا. وتشير تقارير حقوقية إلى مئات الوفيات داخل السجون نتيجة الإهمال الطبي والتعذيب.

جاء رد فعل القاهرة على التطورات السورية حذرًا ومرتبكًا، إذ تبنت السلطات نغمة تخوف من احتمال تقسيم سوريا وانتشار الإرهاب. وشككت أيضًا في شهادات السوريين حول التعذيب في سجون الأسد.

وحذر الإعلامي مصطفى بكري، المعروف بقربه من السلطات، في برنامجه "حقائق وأسرار" من أن "سقوط دمشق يعني أن على القاهرة الاستعداد لمعركة مصيرية". وأعرب عن حزنه لسقوط الأسد وشكك في صحة الجرائم المرتكبة في سجن صيدنايا.

على نحو مماثل، حذر الإعلامي عمرو أديب عبر برنامجه "الحكاية" من أن مستقبل سوريا قد يشهد التقسيم أو انهيار المؤسسات بالكامل. بينما هدد الإعلامي أحمد موسى السوريين المقيمين في مصر بالترحيل إذا احتفلوا بسقوط الأسد، زاعمًا أن سوريا على شفا حرب أهلية.

 

ردود فعل رسمية وحالة توتر أمني

تجنبت القنوات المصرية تغطية الاحتفالات بسقوط الأسد، واستمرت في بث برامجها المعتادة من ترفيه ورياضة، وكأن شيئًا لم يحدث في دولة عربية قريبة. على الأرض، شهدت القاهرة الكبرى تشديدًا أمنيًا، حيث منعت السلطات المقيمين السوريين من الاحتفال. ووفقًا للمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، اعتُقل 30 سوريًا عشوائيًا في مدينة السادس من أكتوبر، التي تعد موطنًا لأكثر من 1.5 مليون سوري في مصر.

وسياسيًا، أصدرت وزارة الخارجية بيانًا أعربت فيه عن قلقها إزاء الوضع السوري، مؤكدة دعمها لوحدة وسيادة سوريا، ودعت جميع الأطراف إلى تغليب المصلحة الوطنية. وشدد وزير الخارجية بدر عبد العاطي في اتصال هاتفي مع وزير خارجية النظام السابق، بسام صباغ، على دعم الدولة السورية.

 

تداعيات داخلية محتملة

لطالما استخدم النظام المصري سردية "حتى لا نصبح مثل سوريا أو العراق" لتبرير قبضته القمعية. لكن سقوط الأسد قوض هذا الخطاب وأثار مخاوف النظام من إحياء الأمل لدى الثوار المصريين الذين أطاحوا بالديكتاتور حسني مبارك في 2011.

وأشار المعارض المصري جمال سلطان إلى أن نجاح الثورة السورية يقوض مزاعم النظام بأن "مصر هي الجيش، وإذا انهار الجيش انهارت الدولة". وأكد سلطان أن التجربة السورية أثبتت أن الشعب، وليس الجيش، هو أساس الدولة.

وفي ظل هذه المخاوف، حذر السيسي خلال اجتماع مع قيادات الجيش والشرطة قائلاً: "الشعب هو من يقرر مصير سوريا، إما بتدميرها أو بإعادة بنائها".

 

خيارات النظام ومطالب المعارضة

سقوط الأسد يضع النظام المصري أمام تحديات كبيرة، مع اقتراب الذكرى الـ14 لثورة يناير. يأمل المعارضون أن تُلهم التجربة السورية المعارضة المصرية لإعادة تنظيم صفوفها ورسم خارطة طريق للإنقاذ الوطني.

طرحت بعض الأحزاب السياسية، مثل حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، خريطة طريق تشمل استعادة الحريات والإفراج عن معتقلي الرأي ورفع القيود عن الأحزاب والنقابات وضمان استقلال القضاء. كما دعت إلى العودة لدستور 2014 لتحديد صلاحيات الرئيس وفترات ولايته.

https://www.middleeastmonitor.com/20241217-what-does-assads-downfall-mean-for-sisis-regime/