أعلن الحرس الثوري الإيراني، احتجاز ناقلة النفط "تالارا" التي ترفع علم جزر مارشال في مياه الخليج، بعدما غيّرت السفينة مسارها بشكل مفاجئ يوم الجمعة 13 نوفمبر في مضيق هرمز متجهة نحو المياه الإيرانية، في أول عملية احتجاز من نوعها منذ أشهر في هذا الممر الاستراتيجي الحيوي.

 

تفاصيل عملية الاحتجاز والاتهامات الإيرانية

 

جاء في بيان صادر عن الحرس الثوري الإيراني أن "وحدات التدخل السريع التابعة للقوات البحرية قامت، عند الساعة 7:30 من صباح الجمعة (4:00 بتوقيت غرينتش)، بمراقبة تحركات السفينة واعتراضها وتوقيفها"، وذلك بناءً على قرار قضائي يأمر بضبط حمولة الناقلة.

 

وأوضح البيان أن الناقلة "ارتكبت مخالفة بنقلها حمولة غير مرخص لها"، إذ كانت تنقل 30 ألف طن من المنتجات البتروكيماوية متجهة من ميناء الحمرية في عجمان بالإمارات العربية المتحدة إلى سنغافورة. وأضاف الحرس الثوري أن السفينة "نُقلت صباح السبت إلى المرسى للوقوف على الانتهاكات الملحوظة".

 

وأكدت بحرية الحرس الثوري أن العملية نُفذت "في إطار المهام القانونية، وبهدف صون المصالح والموارد الوطنية للجمهورية الإسلامية الإيرانية"، مشيرة إلى أن "التحقيقات أثبتت أن الناقلة كانت تنقل شحنة غير مرخصة".

 

مسار الناقلة والتحويل القسري

 

غادرت ناقلة "تالارا"، التي تحمل حمولة إجمالية تبلغ 73,371 طنًا، ميناء الحمرية يوم الخميس متجهة إلى سنغافورة. وبحسب شركة "أمبري" المتخصصة في الأمن البحري، اقتربت من السفينة ثلاثة قوارب صغيرة عند عبورها في مضيق هرمز باتجاه الجنوب.

 

انحرفت الناقلة فجأة عن مسارها عند الساعة 08:20 صباحًا بالتوقيت المحلي أثناء عبورها خليج عمان، على بعد 22 ميلًا بحريًا شرق خورفكان. وأظهرت آخر إشارة بثها نظام التعريف الآلي للناقلة عند الساعة 12:06 ظهرًا توجهها نحو المياه الإقليمية الإيرانية.

 

المراقبة الأمريكية والتأكيد الرسمي

 

أكد مسؤول أمريكي أن إيران احتجزت ناقلة النفط خلال مرورها من مضيق هرمز يوم الجمعة، محولة اتجاهها إلى المياه الإيرانية، في أول حظر من نوعه خلال شهور في المياه الاستراتيجية.

 

حلقت طائرة مسيرة "إم كيو-4 سي تريتون" التابعة للبحرية الأمريكية فوق المنطقة حيث كانت تتواجد الناقلة، لساعات يوم الجمعة، ورصدت عملية الاحتجاز، بحسب ما أظهرته بيانات تعقب السفن التي حللتها وكالة أسوشيتد برس.

 

وقالت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية إن هذه الواقعة "يُعتقد أنها من تدبير دولة، وإن السفينة تتجه إلى المياه الإقليمية الإيرانية". كما أصدرت شركة "أمبري" للأمن البحري تحذيرًا للملاحة، ونصحت السفن التجارية بالحفاظ على اليقظة والإبلاغ فورًا عن أي نشاط مشبوه.

 

ملكية السفينة وتداعيات الاحتجاز

 

أفادت وكالة رويترز بأن ناقلة النفط "تالارا" جرى إجبارها من قِبل قوات الحرس الثوري على التوجه نحو السواحل الإيرانية، فيما أكدت الشركة الكولومبية المالكة للسفينة أنها فقدت الاتصال بها.

 

اتهمت إسرائيل طهران بـ"اختطاف السفينة"، ووصفتها بأنها "تتصرف كدولة قراصنة". ولم تصدر أي تصريحات رسمية من إيران حول الملكية الفعلية للشحنة أو وجهتها النهائية.

 

السياق الإقليمي وحوادث مماثلة

 

يُذكر أن آخر عملية احتجاز لسفينة من قبل إيران كانت في أبريل 2024، عندما استولى الحرس الثوري على سفينة الحاويات "إم إس سي آريز" أثناء مرورها عبر مضيق هرمز. والعام الماضي، أوقف الحرس الثوري ناقلة حاويات متهمًا الجهة المشغلة لها بـ"صلات مع إسرائيل"، بعد هجوم دام استهدف القنصلية الإيرانية في سوريا نُسب إلى الدولة العبرية.

 

على مدى السنوات الماضية، احتجز الحرس الثوري الإيراني مرة تلو أخرى سفنًا تجارية في مياه الخليج، مشيرًا في كثير من الأحيان إلى مخالفات بحرية مثل الاشتباه بعملية تهريب أو مخالفات فنية أو نزاعات قانونية.

 

مضيق هرمز: نقطة استراتيجية في أسواق الطاقة

 

مضيق هرمز هو من أكثر ممرات الشحن ازدحامًا في العالم، حيث يمر عبره نحو خُمس شحنات النفط والغاز العالمية، مما يجعله نقطة استراتيجية حيوية في أسواق الطاقة. وقد شهد المضيق حوادث عدة خلال السنوات الأخيرة، علمًا أنه معبر أساسي لنقل النفط والغاز المسيّل عبر البحر.

 

العقوبات الأمريكية على إيران

 

في سياق متصل، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على أفراد وكيانات في عدد من الدول فيما يتعلق بدعمها لإنتاج الصواريخ الباليستية والمسيرات في إيران، في أحدث محاولة للضغط على طهران.

 

قالت وزارة الخزانة الأمريكية في بيان يوم الأربعاء 11 نوفمبر 2025 إن إجمالي 32 فردًا وكيانًا مقرهم في إيران، والإمارات العربية المتحدة، وتركيا، والصين، وهونج كونج، والهند، وألمانيا، وأوكرانيا، والتي تدير شبكات شراء متعددة، مستهدفون في التصنيفات الصادرة.

 

وقال نائب وزير الخزانة الأمريكي لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية، جون هيرلي: "النظام الإيراني يستغل الأنظمة المالية حول العالم لغسل الأموال، وشراء مكونات لبرامجه النووية والعسكرية، ودعم وكلائه في المنطقة".

 

وأضاف: "بأمر من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ستواصل الولايات المتحدة ممارسة سياسة الضغط الأقصى على إيران حتى إنهاء تهديدها النووي"، مؤكدًا أن واشنطن تتوقع من جميع الدول تطبيق العقوبات "غير القابلة للإلغاء" التي فرضتها الأمم المتحدة على طهران.

 

البرنامج النووي الإيراني والتوترات الدولية

 

تتهم الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون وإسرائيل طهران باستخدام برنامجها النووي سترًا لمحاولاتها تطوير القدرة على إنتاج أسلحة نووية. وتؤكد إيران أن برنامجها النووي للأغراض السلمية فقط.

 

ويوم 13 يونيو 2025، شن جيش الاحتلال الإسرائيلي هجومًا على إيران مثّل بداية لحرب دخلت فيها أمريكا على الخط بقصف طال ثلاث منشآت نووية إيرانية هي فوردو ونطنز وأصفهان في 22 يونيو، قبل أن يُعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التوصل إلى اتفاق وإنهاء الحرب التي استمرت 12 يومًا.

 

وإثر الحرب الإسرائيلية على إيران، توقفت المفاوضات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة، والتي عُقدت سابقًا بوساطة سلطنة عمان، بسبب خلافات بشأن تخصيب اليورانيوم والضمانات الأمريكية لرفع العقوبات