حذرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" من أن اتفاق القرض الجديد الذي أبرمه "صندوق النقد الدولي" مع مصر، بقيمة ثلاثة مليارات دولار، يتبنى نهجا اقتصاديا من شأنه أن يترك المواطنين يواجهون وحدهم أزمة غلاء أسعار، فضلا عما يتضمنه من مخاطر فساد خاصة بشأن بيع أصول وممتلكات الدولة. 

وقال تقرير للمنظمة إنه رغم أن "الاتفاق يتضمن جهودا محسّنة لمعالجة المشكلات الهيكلية المتجذِّرة، مثل انعدام الشفافية بشأن دور الجيش في الاقتصاد وكذلك الحماية الاجتماعية غير الكافية، فإن ثمة بنود أخرى تخاطر بالإضرار بالحقوق، مثل التقشف وبيع أصول الدولة".

وقالت الباحثة في الفقر وعدم المساواة في هيومن رايتس ووتش، سارة سعدون: "يواجه المصريون أزمة غلاء جعلت الملايين يكافحون للحصول على الغذاء وباقي حقوقهم الاقتصادية. رغم أن توسيع برنامج المساعدات عبر التحويلات النقدية في إطار برنامج صندوق النقد الدولي الجديد خطوة إيجابية، لكنها غير كافية لحماية الناس من التكاليف المتصاعدة التي يفاقمها البرنامج".

ونوهت "رايتس ووتش" أن اتفاق القرض يوفر لمصر قرابة 3 مليارات دولار على مدى 46 شهرا، لمساعدة الحكومة في الوفاء بميزانيتها وميزان مدفوعاتها، وسط التدهور المتسارع للأوضاع الاقتصادية. وهو رابع قرض تحصل عليه مصر من صندوق النقد منذ العام 2016.

ويرى التقرير أن تحسين المشكلات الاقتصادية المزمنة في مصر، يعتمد إلى حد كبير على معالجة سوء الإدارة المتأصل النابع من أن الحكومة تعطي الأولوية لسيطرتها السياسية، بما في ذلك الدور المتنامي وغير الخاضع للمساءلة الذي يلعبه الجيش في الاقتصاد".

ويذكر التقرير: أن حكومة الانقلاب المصرية "تقاعست ي ظل البرامج السابقة عن تقليص دور الجيش في الاقتصاد أو جعله أكثر شفافية وخضوعا للمساءلة".

وقال مدير الأبحاث في منظمة "الديمقراطية الآن للعالم العربي"، جون هوفمان: "يشكل الدور الواسع وغير الخاضع للمساءلة للجيش المصري في الاقتصاد مخاطر حقوقية جسيمة، ومن الجيد أن صندوق النقد الدولي أخيرا يسلط الضوء على ذلك. لكن بيع أصول الدولة على نطاق واسع بدون تنظيم فعال ورقابة شفافة يهدد بإفادة الدول التي لديها سجل من الانتهاكات الحقوقية".

كما اعتبرت المنظمتان أن "تركيز البرنامج الشديد على بيع الأصول الحكومية، قد يؤدي إلى خطر الفساد الذي يصب في مصلحة البلدان ذات السجلات الحقوقية التعسفية".

ويُتوقع أن تجمع مصر من بيع أصول مملوكة للدولة قرابة 8 مليارات دولار، معظمها من دول الخليج.

وفي يوليو الماضي، اشترت السعودية حصص الأقلية في أربع شركات مقابل 1.3 مليار دولار. ثمة تاريخ طويل من استخدام عمليات البيع مثل هذه لإثراء النخبة السياسية في دول منها مصر نفسها.

وقالت المنظمة إنه في 2020، وهو آخر عام تتوفر عنه بيانات، أفاد "الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء" في مصر أن  واحدا من كل ثلاثة مصريين، أي حوالي 30 مليون شخص، هم تحت خط الفقر الوطني.، مرجحة من أن هذا الرقم على الأرجح  ارتفع جرّاء الوباء والأزمة الاقتصادية التي تلته، لا سيما وأن "البنك الدولي" يعتبر أن قرابة الثلث عرضة للفقر".