اندلعت اشتباكات عنيفة بين قوات الأمن وأنصار المرشح البرلماني أحمد عبد الحميد المحرزي، عقب إعلان خسارته في انتخابات مجلس النواب عن دائرة أبو تشت وفرشوط بمحافظة قنا.
جاءت النتيجة الصادمة لتشعل فتيل الغضب الشعبي، خاصة بعد استبعاده من جولة الإعادة، في وقت كان يُنظر إليه باعتباره الأوفر حظًا نظرًا لشعبيته الجارفة ودوره الاجتماعي الممتد في حل النزاعات الثأرية.
ما جرى في أبو تشت ليس مجرد احتجاج على خسارة مرشح، بل هو رفض جماهيري لما اعتبره الأهالي "إقصاءً ممنهجًا" لصوتهم الحقيقي، لصالح مرشحين محسوبين على الأجهزة الأمنية.
"نائب الغلابة"... تمثيل حقيقي قُطع في المهد
المرشح الخاسر أحمد عبد الحميد المحرزي، الملقب بـ"أسد المصالحات" و"نائب الغلابة"، ليس وجهًا عابرًا على الساحة الانتخابية في قنا.
ينحدر من عائلة لها تاريخ طويل في لعب دور "القاضي العرفي"، وساهم لعقود في حل خصومات ثأرية معقّدة، وهو ما جعله يحظى بتقدير واسع في مركزي أبو تشت وفرشوط.
إعلانه الترشح جاء استجابة لضغوط شعبية، ورافق حملته الانتخابية حشود جماهيرية لافتة ومؤتمرات هي الأكبر في الدائرة، ما جعل خسارته بمثابة صفعة على وجه جمهور واسع رأى فيه ممثله الشرعي.
نتائج تُفجّر الشكوك: أين ذهبت أصوات المحرزي؟
وفق الحصر العددي الرسمي للأصوات:
فاز اللواء عصام بركات (مرشح "مستقبل وطن" – حزب السلطة) من الجولة الأولى بـ 53,837 صوتًا.
بينما ذهبت جولة الإعادة بين مرشح "حماة وطن" أحمد مصطفى الدربي (15,523 صوتًا)، واللواء مرتضى أبو سحلي (مستقل – 13,964 صوتًا).
أما المحرزي، الذي لم تُعلن الأرقام الرسمية الخاصة به بوضوح، فتم استبعاده من الإعادة دون تفسير منطقي للجمهور، رغم الدعم الشعبي الجارف.
هذه النتائج فُسّرت محليًا بأنها "معلبة مسبقًا"، خاصة مع تقدم لواءين سابقين مدعومين سياسيًا، وتجاهل مرشح يُنظر إليه كرمز أهلي نابع من بيئته، لا مفروض عليها.
الانفجار الشعبي: احتجاجات واسعة واشتباكات دامية
لم يكن إعلان النتائج نهاية العملية الانتخابية، بل بدا وكأنه بداية مواجهة.
فور الإعلان، خرج آلاف من أنصار المحرزي في شوارع أبو تشت، يرفضون ما سموه "تزويرًا سياسيًا لإرادة الناس"، ورددوا هتافات حادة ضد اللجنة العليا والسلطة التنفيذية.
تدخلت الشرطة بقوة، لتفريق التجمعات، ما أدى إلى وقوع اشتباكات مباشرة بين المتظاهرين والأمن.
لم تُعلن وزارة الداخلية عن حصيلة المصابين أو المعتقلين، لكن شهود عيان أكدوا وقوع إصابات واستخدام مفرط للغاز والضرب، وسط صمت رسمي معتاد.
الانتخابات على الطريقة المصرية: صندوق الصوت أم صندوق الدولة؟
ما حدث في أبو تشت ليس حادثًا منفصلًا، بل جزء من نمط ممنهج يتم فيه تهميش كل مرشح حقيقي مستقل عن السلطة أو خارج تحالفات "مستقبل وطن" والأحزاب الموالية.
السلطة اليوم لا تريد نوابًا يمثلون الشارع، بل مجرد واجهات للتمرير.
في بلد تُدار الانتخابات فيه بالأمن لا بالسياسة، تصبح الشعبية خطرًا، والتمثيل الحقيقي تهمة، والديمقراطية واجهة للعب مخابراتي مُسبق النتائج.
رسالة من الجنوب: الناس لم تعد تصمت
دائرة أبو تشت، ذات الطابع القبلي والاجتماعي المتماسك، لم تشهد احتجاجًا كهذا منذ سنوات.
غضب أنصار المحرزي يعكس تحولًا خطيرًا في المزاج الشعبي، حيث لم يعد الصعيد يتعامل مع نتائج "معلّبة" على أنها قضاء وقدر، بل تحدٍ يُقابل بالمواجهة.
الحكومة الآن أمام معضلة: إما أن تعيد الاعتبار للتمثيل الحقيقي، أو تواجه تمردًا تدريجيًا ضد صناديق صارت بلا معنى.
من يمثّل الناس ؟
في بلد يحكمه الأمن ويُدار برلمانُه من المكاتب السيادية، يصبح أحمد المحرزي – بكل ما يمثله من تلاحم شعبي وصدقية مجتمعية – مرشحًا مرفوضًا من النظام، لا لأنه فاشل، بل لأنه ناجح دون إذن.
ما جرى في أبو تشت تحذير مبكر: الشعب الذي يُقصى صوته من البرلمان، سيبحث عن بدائل خارج المنظومة.
والسؤال الخطير الذي يطرحه الغاضبون: إذا لم يعد للصندوق معنى... فبأي وسيلة سنُسمِع صوتنا؟
بعد إعلان خسارته..
— شبكة رصد (@RassdNewsN) November 13, 2025
اشتباكات بين الشرطة وأنصار المرشح أحمد المحرزي في مركز أبو تشت بمحافظة قنا pic.twitter.com/hTeCrQH98L

