قالت صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية إن نحو 20 دولة من البلدان النامية مهددة بمصير مشابه لما حدث في سريلانكا بسبب المشاكل الاقتصادية والديون المتراكمة، من بينها دول عربية وإسلامية.
وأشارت الصحيفة إلى أن قائمة الدول التي تبدو معرضة للخطر طويلة ومتنوعة، وتضم أكثر من 20 دولة من البلدان ذات الأسواق الناشئة المثقلة بالديون وتجد نفسها مضطرة للاختيار بين الدفع للدائنين أو توفير الغذاء والوقود لشعوبها.
مصر وصندوق النقد
وقالت إن من بين تلك الدول مصر وتونس وباكستان وغانا، وإن الدول الأربعة تجري الآن مباحثات مع صندوق النقد الدولي لإنقاذ اقتصادها.
وأشار تقرير الصحيفة إلى أن العديد من البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط تعاني بسبب ارتفاع أسعار الغذاء والوقود الذي بدأ مع تفشي جائحة كورونا ثم تفاقم خلال الحرب في أوكرانيا.
ويشير مؤشر أسعار الغذاء التابع للأمم المتحدة إلى أن أسعار الغذاء ارتفعت بنسبة 23.1% منذ بداية العام الجاري حتى يونيو الماضي، كما تشير التوقعات إلى أن أسعار الطاقة ستبقى مرتفعة.
وفي أحدث تقرير له عن آفاق الاقتصاد العالمي، توقع صندوق النقد الدولي أن ينخفض النمو في الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية من 6.8% في عام 2021 إلى 3.6% هذا العام.
وقالت فايننشال تايمز إنه مع ضعف النمو في الاقتصادات الناشئة، هناك ارتفاع بتكاليف الاقتراض. إذ تشهد الأسعار في الولايات المتحدة ارتفاعًا بوتيرة هي الأسرع منذ 40 عامًا، الأمر الذي جعل الاحتياطي الفدرالي يزيد أسعار الفائدة بشكل كبير.
وأوضحت الصحيفة أن حدوث انكماش اقتصادي في الولايات المتحدة قد يشكل إغاثة للبلدان المعرضة لانهيار الاقتصاد، إذ سيؤدي إلى خفض الطلب على الطاقة، ويقلل من تكاليف الاقتراض العالمية، حيث سيضطر بنك الاحتياطي الفدرالي لخفض أسعار الفائدة، الأمر الذي سيؤدي إلى تراجع سعر صرف الدولار الأميركي. وخلصت الصحيفة إلى أن تعرض أكبر اقتصاد في العالم للركود لن يكون أمرًا جيدًا بشكل عام.
دور الأزمة الاقتصادية
وفي الإطار ذاته حذرت مجلة الإيكونوميست البريطانية في مقال تحليلي نشرته تحت عنوان “موجة اضطرابات قادمة.. هكذا يمكنك تجنب بعضها”، وترجمته الجزيرة نت، إن الدول المعرضة لخطر أكبر هي تلك التي تشهد أصلا عدم استقرار – مثل الأردن ومصر – التي تعتمد على واردات الغذاء والوقود ولديها موارد مالية عامة متهالكة. وإن العديد من الدول المعرضة للخطر تدار بنظام حكم سيئ أو قمعي.
كما أشارت إلى أن حكومات بلدان عديدة تسعى إلى تخفيف وطأة الأزمة الاقتصادية، لكنها مثقلة بالديون وتعاني من نقص في السيولة بسبب أزمة تفشي جائحة كورونا.
وقالت إن متوسط نسبة الدَّين العام للدول الفقيرة إلى الناتج المحلي الإجمالي يبلغ نحو 70% وهي نسبة آخذة في الارتفاع. كما أن الدول الفقيرة تدفع معدلات فائدة أعلى وتلك المعدلات آخذة في الارتفاع. ووفقًا لصندوق النقد الدولي فإن 41 دولة فقيرة تعاني بسبب “ضائقة ديون” أو معرضة لخطر المعاناة من ضائقة مالية بسبب تراكم الديون.
ثورات بدول عربية
وبحسب المجلة فإن تفادي انفجار الغضب الشعبي في قابل الأيام من الصعوبة بمكان، لكن بداية العمل على تجنبه تبدأ بإلغاء السياسات التي تثبط الإنتاج الزراعي، مثل مراقبة الأسعار وقيود التصدير. كما يرى تحليل المجلة ضرورة معالجة سياسات بعض الحكومات التي تثبط همم المزارعين وتمنعهم من العمل على غرار ما يحدث في تونس حيث يعزف المزارعون عن زراعة أراضيهم الخصبة لأن عليهم بيع محاصيلهم للدولة مقابل أجر زهيد.
وخلص تقرير المجلة إلى أن المؤسسات المالية الدولية عليها الآن أن تحقق توازنًا صعبًا. فقد يؤدي رفض التمويل إلى تفجير أعمال شغب في بلد ما. كما قد تفضي الموافقة إلى إنقاذ حكومات بائسة، من خلال ترسيخ السياسات السيئة وغير المستدامة.
وقالت إن على الهيئات الدولية مثل صندوق النقد الدولي، الذي وصل مفاوضوه إلى سريلانكا وتونس هذا الأسبوع، أن تمنح مساعدات سخية مع الإصرار على القيام بإصلاحات. كما يتوجب عليها الاستمرار في مراقبة كيفية إنفاق الأموال التي منحتها لتلك الدول.

