أصدر المركز المصري للإعلام كتابا قال إنه "محاولة جادة لتوثيق مسيرة الحصاد المر الذي تجرعته مصر-ولازالت- على مدي عامين ونصف العام تحت قهر وإجرام الانقلاب العسكري الغادر".
وأشار المركز إلى أن فريق من الباحثين عكف على جمع وتحليل بيانات "السجل الأسود لحكم العسكر" ووضعها في كتاب، ليضاف إلى غيره من جهود قام -ويقوم- بها من وصفهم بـ"المخلصون من أبناء مصر"، ليكون وثيقة ضمن غيرها من الوثائق التي تثبت جريمة العسكر الكبرى في حق مصر وشعبها منذ الانقلاب العسكرى فى الثالث من يوليو عام 2015 حتي اليوم .
ويضم الكتاب اثني عشر فصلا تغطي التأثيرات السلبية التي أحدثها الانقلاب في الحياة المصرية، (السياسية والاقتصادية والاجتماعية والحقوقية).
وقال المشاركون في إعداد الكتاب :" لا يعني ذلك إحاطتنا بكل شيء، نظرا لعدم توفر معلومات وافية عن بعض الملفات، خاصة فيما يتعلق بالإطار الزمني الذي ارتأينا أن يغطي الفترة من 3 يوليو 2013 وحتى نهاية ديسمبر 2015، ولكننا اجتهدنا، قدر الاستطاعة، أن نصل إلى الأصوب".
ونوهوا إلى أنهم اعتمدوا في تدوين بيانات الكتاب على مصادر رسمية وغير رسمية متنوعة، منها على سبيل المثال: بيانات وزارة الدفاع المصرية ممثلة فيما يعلنه المتحدث العسكري وإدارة التوجيه المعنوي، بجانب إدارة الإعلام الأمني بوزارة الداخلية، وما ألقاه الوزراء والمسؤولون بالدولة من بيانات وتصريحات، وما أصدروه من قرارات، إضافة إلى ما أعلنته المنظمات الدولية، والمنظمات الحقوقية عبر مواقعها الرسمية وشبكاتها الإعلامية وتصريحات مسؤوليها لوسائل الإعلام حول الأوضاع في مصر، وفوق كل ذلك الشهادات الحية للمعتقلين في سجون الانقلاب وذويهم وروايات شهود الأحداث التي جرت على الأرض.
وحمل الفصل الأول من الكتاب عنوان "إمبراطورية السيسي"، كاشفا عن أنه يمتلك قصرا في منطقة مصر الجديدة وثلاث فيلات بالقاهرة، وفيلا و30 ألف فدان بمحافظة مطروح (مسموح فيها بالبناء)، وأنه المالك الأصلي لشركة سيجما للأدوية المملوكة للسيد البدوي، التي قال إنها أغرقت مصر بـ"الترامادول والأبتريل والعقاقير الضارة"، وحققت مكاسب بمليارات الجنيهات.
وأضاف أنه (السيسي) شريك مدير جهاز أمن الدولة السابق حسن عبد الرحمن ورئيس حزب الوفد السيد البدوي في قنوات الحياة، وأن موكبه يتكون من 200 سيارة منها عشر سيارات مصفحة لكامل أسرته، وأن أبناء السيسي يمتلكون قصورا وشاليهات في ضواحي مدن أوروبا، وأن هناك ثلاث قرى سياحية على طريق الإسكندرية مملوكة لزوج أخت السيسي.
وأكد الكتاب أنه كان لجنرالات العسكر، في عهد "مبارك"، مخصصات ورواتب شهرية خيالية، وصلت بالنسبة لوزير الدفاع 4 ملايين جنيه، وعندما بدأ الرئيس محمد مرسي الاستعداد لتعديل هذه الأوضاع ووقف ما وصفه بـ"السفه" على كل المستويات تم الانقلاب عليه.
وأوضح أنه يتردد بقوة أن قائد الدفاع الجوي عبدالمنعم إبراهيم يمتلك نصف مطاحن مصر بصورة غير مباشرة، وأن الطرق تكتظ بأربعة آلاف تريلا تعمل لحسابه، كاشفا عن أن قائد الجيش الثالث أسامة عسكر هو المالك الحقيقي لمعظم أسهم إمبراطورية رجل الأعمال هشام طلعت مصطفي، وأنه (عسكر) تدخل حتى لا تعاد "مدينتي" إلى الدولة، ما أدى لحرمان الشعب المصري من 600 مليار جنيه.
واستطرد الكتاب قائلا إن "عسكر" لا يتحرك إلا بطائرة خاصة، وأنه يتملك قصرا في باريس وفيلا في كاليفورنيا، مضيفا بأن أحد قيادات العسكر (لم يذكر اسمه) خصص لأعماله رصيفين في ميناءي دمياط والإسكندرية.
وذكر أن أغلب القيادات العسكرية يمتلكون قصورا وفيللا في أوروبا بأثمان باهظة، وأن نجل اللواء محمد العصار يمتلك قصرا في ضواحي باريس قيمته 40 مليون دولار، منوها إلى أن من بين الأسباب القوية -وفقا لمنظمة هيومان رايتس ووتش- التي أدت إلى إطاحة العسكر بالرئيس مرسي، محاولته الكشف عن أرصدة قادة المجلس العسكري الثمانية عشر عقب توليه منصب الرئاسة.
وتابع :"في عهد الانقلاب، باتت الأرواح بلا ثمن، فهناك مجازر ترتكب بدم بارد، ويتم حرق الجثث والتمثيل بها، وتلك سابقة لم تحدث من جيش مصر بحق المصريين إلا مع الانقلاب، الذي أطلق أيضا جحافل قواته مع الشرطة والبلطجية للفتك بكل معارض".
ولفت إلى أنه خلال 17 سنة من حكم ديكتاتور تشيلي السابق "بينوشيه" قُتل 3 آلاف وتم سجن 40 ألفا، إلا أنه في سنتين ونصف من حكم ديكتاتور مصر "السيسي" قُتل 7000 وسُجن 50 ألفا، مضيفا بأن متوسط جرائم الانقلاب يوميا قتل 17 مواطنا، وإصابة 72 مواطنا، واعتقال 60 مواطنا.
وحول الجرائم التي أرتكبها العسكر في سيناء، أوضح أن هناك 1447حالة قتل خارج إطار القانون، و11906 حالة اعتقال تعسفي، و2833 حالة اعتقال تحت بند الاشتباه، و1853 حرق عشة للبدو، وأنه تم تدمير وحرق 600 سيارة لمواطنين، وتدمير وحرق 1367 دراجة بخارية، وتم هدم 2577 منزلا في رفح المصرية، وتم تهجير 3856 أسرة، تضم 27 ألف فردا.
وأشار إلى أنه تمت إحالة (1728) معارضا إلى مفتي الجمهورية في 33 قضية، وأنه صدرت أحكام بالإعدام بحق (704) معارضين في 24 قضية، وتم تنفيذ 7 أحكام بالإعدام.
وذكر أن هناك 269 حالة وفاة داخل أماكن الاحتجاز، منها 102 حالة داخل السجون، و150 حالة بأقسام الشرطة، و6 حالات داخل المحاكم والنيابات، وحالتان بالسجون العسكرية، وحالتان داخل دور الرعاية، و7 حالات في أماكن غير معروفة، مؤكدا أن هناك 304 حالة تم قتلهم نتيجة تعمد الإهمال الطبي، و250 حالة تحتاج لرعاية خاصة داخل السجون.
وأضاف أن هناك أكثر من 2000 حالة قتل خارج نطاق القانون، وأكثر من 80 حالة تصفية جسدية، وأن هناك 984 حالة تعذيب، أفضى 72 منها إلى وفيات، و78 حالة اعتداء جنسي موثقة، مؤكدا أن سلطات الانقلاب اتخذت من الخطف والإخفاء القسري وسيلة للتخلص من معارضيها، وأنه وثق 1000 حالة إخفاء قسري.
ووثق الكتاب أيضا احتجاز المعتقلين في منشآت غير رسمية وغير آدمية، وأنه تم توجيه صدمات كهربائية لهم في أماكن حساسة بالجسد، وأنهم تعرضوا للضرب والتعليق من الأطراف وتقييد الأيدي من الخلف، وأن هناك غرفا فيها أعداد كبيرة من المساجين فوق طاقتها الاستيعابية، وإصابة المحتجزين بأمراض عديدة نتيجة سوء التهوية والنظافة، مؤكدا أن السجون وأماكن الاعتقال تحولت إلى مراكز لتصفية الإنسان جسديا ومعنويا.
وأكد الكتاب أن عدد المحبوسين والمحكوم عليهم تجاوز 50 ألفا، وعدد المطلوبين على ذمة قضايا تجاوز 65 ألفا، وأنه تم إنشاء 5 سجون جديدة وهنالك اثنان تحت الإنشاء، وهناك 5 قرارات إدارية بتحويل أماكن احتجاز لسجون.
ونوه إلى أنه يتم قمع التجمعات والتظاهرات، حيث إنه يتم الاعتداء على جميع المظاهرات دون رحمة، ووثق إصابة 10000 متظاهر بإصابات، بعضها انتهى بعجز كلي، وأن هناك أحكاما قضائية بسجن الآلاف لتظاهرهم، وأنه تم حصار العديد من الأحياء والقرى واقتحامها.
وأضاف أن سلطة الانقلاب اعتقلت 2170 طفلا منذ بدء الانقلاب، منهم 147 طفلا خلال فض اعتصامي رابعة والنهضة، ويقبع 370 طفلا في أماكن احتجاز، بعضهم تم إخفاؤه قسريا، لافتا إلى مقتل 217 طفلا في أحداث مختلفة، ووجود 948 حالة تعذيب ضد الأطفال، و78 حالة عنف جنسي ضدهم.
كما وثق الكتاب 1000 حالة اعتداء جسدي على نساء أغلبهن طالبات، و67 حالة احتجاز لسيدات وفتيات، وأنه تم اختفاء بعض النساء قسريا، وإحالة فتيات قاصرات إلى محاكم عسكرية، فضلا عن صدور أحكام بالإعدام لعدد من النساء في جرائم ملفقة، ووقوع حالات اغتصاب داخل أماكن الاحتجاز.
وحول الانتهاكات التي تعرض لها الطلاب، قال الكتاب إنه تم اعتقال 5032 طالبا وطالبة تعسفيا، وإن 3028 طالبا وطالبة ما زالوا قيد الاعتقال، مضيفا بأن 164 طالبا وطالبة تم إخفاؤهم قسريا، وتم فصل 1200 طالب وطالبة من الجامعات والمعاهد، وفُصل 142 طالبا وطالبة من المدن الجامعية، وتمت إحالة 184 طالبا وطالبة للقضاء العسكري، وصدرت أحكام عسكرية ضد 160 طالبا وطالبة، وتمت إحالة 300 طالب للقضاء المدني، بينهم 6 طالبات.
ووثق مقتل 245 طالبا خارج إطار القانون، بينهم 6 طالبات، ومقتل 24 طالبا داخل الحرم الجامعي و7 في السجون، وأن هناك 150 اقتحاما للجامعات لفض التظاهرات، مشيرا إلى قتل 10 من أعضاء هيئات التدريس، وفصل 20 أستاذا ومدرسا جامعيا، وإيقاف 50 أستاذا وإحالتهم للتحقيق، واعتقال 170 أستاذا ومدرسا جامعيا.
وأضاف أن الانقلاب قتل ما لا يقل عن 10 صحفيين وإعلامين، وتم حبس 150 صحفيا وإعلاميا، وفصل 30 صحفيا بصورة تعسفية، وتم منع إعلاميين من الظهور على الشاشات، منوها إلى حدوث 250 اعتداء على صحفيين وإعلاميين أثناء عملهم، وأنه حُكم بالسجن المؤبد ضد أربعة صحفيين في قضية "غرفة عمليات رابعة".
وذكر أن التضخم وصل إلى أعلى مستوياته خلال عام 2015 بنسبة 13.1%، وفقا للبيانات الرسمية، وأن هناك 23.3 مليار دولار عجز في الميزان التجاري خلال النصف الأول من 2015، وأن هناك زيادة في العجز الكلي بالسنة الأولى للانقلاب بقيمة 252.3 مليار جنيه، وأن فارق العجز الكلي بين حكومتي الانقلاب والشرعية 106 مليارات جنيه.
وأوضح أن هناك 2.5 تريليون جنيه ديون داخلية وخارجية في 2015/ 2016، وأن الديون أصبحت تمثل 90% من الناتج المحلي الإجمالي، وأن الدين الداخلي سيبلغ 2368.5 مليار جنيه (83.5% من الناتج المحلي)، والدين الخارجي 182.8 مليار جنيه (6.5% من الناتج المحلي)، وأن هناك 25% زيادة في فوائد خدمة الدين لتصل إلى 244 مليار جنيه، لافتا إلى تراجع الإيرادات السياحية بعد ستة أشهر من الانقلاب بنسبة 65%، بينما هناك توقف شبه تام للسياحة عقب تفجير الطائرة الروسية على سيناء في تشرين الأول/ أكتوبر 2015.
وذكر أن القطاع الصحي شهد زيادة بنسبة 300% في أسعار الدواء، وأنه تم تخفيض ميزانية الصحة بنسبة 3%، وأن جهاز "كفتة عبدالعاطي" أبرز معجزات السيسي الطبية، وأن نواقص الأدوية في السوق المصري وصلت إلى 830 نوعا، وكثير من نواقص الدواء اختفى تماما من السوق بكل بدائله، لافتا إلى أن 8% فقط حصلوا على عقار "سوفالدي" لعلاج الكبد، وأن بنوك الدم لا تغطي سوى ثلث الاحتياجات، مؤكدا أن مصادرة المستشفيات الأهلية تسبب في حرمان 4 ملايين من العلاج.
وأكد أن الانقلاب قام بتدمير العمل الأهلي، فقد تحفظ على أموال ما يزيد على 1130 جمعية أهلية، وحل ما يزيد على 400 جمعية تخدم البسطاء، وتحفظ على أموال 902 معارض له، وتحفظ على 1096 جمعية و532 شركة و89 مدرسة و28 مستشفى ومركزا طبيا و460 سيارة و328 فدانا و17 قيراطا من الأراضي، كما أنه تحفظ على 522 مقرا لحزب الحرية والعدالة، و54 مقرا لجماعة الإخوان على رأسها مكتب الإرشاد.
وقال إن سلطة الانقلاب قامت بحملة على الإسلام، حيث طالب "السيسي" بثورة على الدين الإسلامي، وتم ازدراء الدين عمدا والهجوم عليه، وزعم أنه يحضّ على الإرهاب، وتم الطعن في القرآن والكتب الدينية، ومنها صحيحا البخاري ومسلم، وتم التشكيك في فرائض الإسلام وأركانه، وتبرير الإلحاد وإبراز المتدين باعتباره يمثل التطرف الديني، وبروز ظاهرة الهجوم والتجرؤ الإعلامي على الإسلام، وهدم التراث وسب الأئمة الأربعة علنا، وإغلاق آلاف الزوايا التي تقل مساحتها عن 80 مترا، واستبعاد أكثر من 12 ألف إمام وخطيب.
وذكر أن الأزهر والأوقاف والإفتاء يجندون إمكاناتهم لخدمة توجهات "السيسي"، وأنه تم منح الضبطية القضائية لمفتشي الأوقاف لأول مرة، وإلغاء نصوص دينية وسير علماء الإسلام والفاتحين والمجددين من المناهج الدراسية، مؤكدا أن "الأوقاف" تلعب دور "المخبر الأمني في المساجد وتحاصر الشيوخ".
وأضاف أن الانقلاب قام بترويج "فتاوى تبيح ممارسة الفاحشة بين غير المتزوجين، ودعوات "موتورة" لخلع الحجاب ونشر التبرج، وإلغاء الرقابة على الأفلام وتنامي المشاهد الجنسية والإباحية، والسماح بعرض برامج مسابقات للرقص الشرقي، والمطالبة بترخيص بيوت الدعارة والسماح لها قانونا، ودعاوى لتقنين تداول مخدر الحشيش".
ولفت إلى أن هناك تمددا وتوغلا واضحا لدور الكنيسة في الشأن السياسي، وأن السيسي خصص 30 فدانا لبناء ملحق للكنيسة بمنطقة التجمع الخامس، وأنه قام بتمرير قانون الكنائس الموحد في غياب البرلمان، مضيفا بأن البرلمان الجديد فيه أكبر نسبة من الأقباط في تاريخ مصر.