قال موقع "عربي21"  أنه جمع معلومات عن اكتشاف حقل الغاز الجديد في مصر، تبين منها أن الملف يخفي وراءه فضيحة من العيار الثقيل وعمليات فساد محتملة، فضلا عن أن الحكومة المصرية أعلنت معلومات متضاربة عن حصتها في الاكتشاف الجديد؛ حيث زعم رئيس شركة "إيجاس" أن الحصة المصرية تبلغ 60 بالمئة، ليتبين من تصريحات المتحدث باسم وزارة البترول أنها أقل من 40 بالمئة.

لكن الأهم من الحصة المصرية من اكتشاف الغاز الهائل على السواحل المصرية، هو الخبر الذي نشرته وكالة "رويترز" بهدوء قبل أكثر من شهرين ولم يفهم أحد معناه حينها، حيث رفعت شركتا "إيني" و"إديسون" الإيطاليتين أسعار بيع الغاز إلى مصر بنسبة 100%، أي إلى الضعف، ليتم تثبيت أسعار البيع عند سعر 5.88 دولار لكل مليون وحدة حرارية، وهو ضعف السعر السابق.

وقالت وزارة البترول المصرية الخامس من تموز/ يوليو 2015 إنها وقعت على عقد بهذا الخصوص مع الشركتين الإيطاليتين، وإن السعر المرتفع "سيسري على الإنتاج من الاستكشافات الجديدة للشركتين في مصر"، وهو ما يعتبر دليلا قاطعا على أن شركة "إيني" كانت قد توصلت إلى الاكتشاف منذ شهور، ولم تعلن عنه إلا بعد أن رفعت أسعار البيع لمصر، وثبتت السعر حتى لا تتأثر بانخفاضات الأسعار التي تشهدها أسواق العالم.

ونقل الموقع مصدر اقتصادي مصري إن التوصل إلى مثل هذا الاتفاق قبيل شهرين من إعلان اكتشاف حقل الغاز الجديد يؤكد "وجود مسؤولين في وزارة البترول وشركة "ايجاس" متورطين مع الشركة الإيطالية"، مضيفا: "الاتفاق الجديد بين الحكومة المصرية والشركة الإيطالية قبل شهرين من الاكتشاف يمثل دليلا قاطعا على وجود شبهة فساد في الأمر، حيث تم رفع السعر وربط مصر بعقد طويل الأجل قبل الإعلان عن الاكتشاف".

وتابع المصدر قائلا: "إنها جريمة بحق مصر وحقوقها من ثرواتها الطبيعية".

وبحسب ما نشرت "رويترز" في الخامس من تموز/ يوليو الماضي فإن وزارة البترول "وقعت على عقد تعديل سعر الغاز مع إيني إلى 5.88 دولار لكل مليون وحدة كحد أقصى وعند 4 دولارات كحد أدنى، وذلك ارتفاعا من 2.65 لكل مليون وحدة سابقا".

الحصة المصرية
وتبدو التصريحات متضاربة وغامضة بشأن الحصة المصرية الحقيقية من اكتشاف الغاز الجديد، حيث نقلت جريدة "اليوم السابع" الداعمة للانقلاب عن رئيس الشركة القابضة للغازات الطبيعية "إيجاس" خالد عبد البديع قوله: إن "اتفاقية منطقة الكشف مثل أي اتفاقية اقتسام الإنتاج، بحيث تتزايد بعد الكشف بنسب متدرجة، مؤكدا أن نسبة مصر في هذا الكشف تزيد عن الـ60 % في البداية وتتزايد بعد ذلك"، وهو الأمر الذي تبين لاحقا من تصريحات وزارة البترول أنه لا صحة له مطلقا وأن نسبة مصر أقل من 40% من الاكتشاف.

فيما نقلت جريدة "المصري اليوم" المؤيدة للانقلاب، عن حمدي عبد العزيز، المتحدث باسم وزارة البترول، تأكيده أن الغاز المستخرج من الحقل الجديد سيتم تقسيمه بنسبة 40% لـ"إيني" لاسترداد التكاليف، وتقسيم الـ60% الباقية بين الشركة بنسبة 35%، والجانب المصري الذي سيحصل على 65% من نسبة الـ60 بالمئة، أي أن الحصة المصرية ستكون أقل من 40% من اجمالي الاكتشاف حتى يتم استرداد التكاليف (أي لمدة أربع الى خمس سنوات)!!

أما الأخطر فيما نشرته جريدة "المصري اليوم" فهو أن الاتفاقية تحمل مصر 80% من تكاليف الإنتاج، بينما تتحمل "إيني" 20% فقط من الكلفة التشغيلية، أي أن مصر ستدفع 80% من تكاليف الإنتاج، وتحصل على 40% من الإنتاج، فضلا عن أن السعر المدفوع من جانب مصر مقابل 40 في المئة تمت مضاعفته قبل أقل من شهرين، ما يعني في النهاية أن الحصة المصرية تتضاءل بصورة هائلة، وربما تصل إلى درجة يصبح معها الشراء من السوق العالمي أجدى اقتصاديا!!

إلى ذلك، أكدت "المصري اليوم" أن شركة "إيني" تملك حق التنقيب عن الغاز واستخراجه لمدة 35 عاما، على أن الـ35 سنة تسري اعتبارا من تاريخ الاكتشاف التجاري للغاز، وهو ما يعني أن مصر أصبحت مرهونة للشركة الإيطالية المشار إليها طوال الـ35 عاما المقبلة.

الغاز المصري هو الأفضل للإيطاليين
أما ما يؤكد شبهات الفساد التي تدور حول الاكتشاف الجديد، فهو ما أعلنه الرئيس التنفيذي لشركة إيني الإيطالية كلاوديو ديسكالزي من أنه الأعلى ربحية والأفضل والأجدى اقتصاديا، وذلك ردا على سؤال حول ما إذا كانت "إيني" تنوي بيع حقوقها في التنقيب والاستخراج بمصر لتوفير السيولة المالية.

وقال ديسكالزي في مقابلة نشرتها صحيفة "لا ريبوبليكا الإيطالية" الإثنين: "لن نتخلى عن أنشطتنا بمصر لأن الإنفاق هناك سيكون أقل بكثير مقارنة مع ما ننفقه في "موزمبيق"، والغاز الجديد يستهدف السوق المحلي بأسعار لا ترتبط بأسعار النفط التي بلغت اليوم أدنى مستوى لها في ست سنوات"، الأمر الذي يعني في النهاية أن مصر ربما تشتري غازها هي من الشركة الإيطالية بأعلى من سعر الغاز المباع في السوق العالمي!