رأى الكاتب الصحفي السوري "غازي دحمان" أن "الهدف الحقيقي المباشر للقوة العربية المشتركة الذي سعي قائد الانقلاب العسكري عبدالفتاح السيسي إلى تأسيسها هو تحويلها إلى أداة تنفيذية لاستراتيجية التمسك بالسلطة والانقلاب على الثورات" وأداة بيد الثورات المضادة لوأد الثورات العربية، بذريعة محاربة "الإرهاب".
وكتب دحمان في مقال بجريدة العربي الجديد تحت عنوان "قوة عربية مشتركة لمحاربة من ؟"، يقول: ليس الهدف الحقيقي من صناعة هذه القوة هو نفسه الهدف الذي يتم الإعلان عنه، حماية الأمن القومي، ذاك أن مفهوم الأمن بات أكثر غنى وثراء لشموله العناصر الحقوقية والتنموية والقدرة على التطور، ولم يعد ممكناً توظيفه في تكريس حكم نخبوي مستبدّ. لذلك، الهدف الحقيقي المباشر لمثل هذا الجسم الذي يراد إنشاؤه "القوة العربية المشتركة" هو تحويلها إلى أداة تنفيذية لاستراتيجية التمسك بالسلطة والانقلاب على الثورات، أداة بيد الثورات المضادة لوأد الثورات العربية، بذريعة محاربة الإرهاب، وإعادة عسكرة السياسة العربية. وفي ذلك تأكيد على انحراف عقيدة الجيوش، من مواجهة المخاطر الخارجية إلى مواجهة الشعوب، وفي أحسن الأحوال تحويل الجيوش العربية إلى قوة بوليس تعمل، دائماً في دوامة لا تنتهي، بهدف تكريس وحماية نظم الاستبداد، وشرعنتها عربياً ودولياً.
وأوضح أن الأهم من ذلك كله أن هذه القوة ستتحول إلى إطار لتضييع الجهود العربية، وإعطاء الفرصة للمشاريع الأخرى، لكي تنجز مهامها في تفتيت العالم العربي ومحاصرته وإضعافه.
والإشكالية أن اللحظة التي يمر بها العالم العربي دقيقة جداً، ولا تحتمل مثل هذا الانحطاط في الفكر الاستراتيجي، والانخراط في صراعات وتناقضات ثانوية، فيما المنطقة يعاد صياغتها. وليس بعيداً سوف تتكرس توازنات جديدة منبثقة من نتائج التوازنات العسكرية على الأرض، وأن الأطراف المواجهة لا تعبث وهي جادة في سعيها، ولعل ما يطمئنها إلى أفعالها معاينتها هذا النمط من التفكير الاستراتيجي.
وأردف يقول: إنه لم يعد سراً ماهية الخدمات التي تقدمها الاستخبارات المصرية لنظام بشار الأسد ودرجة التنسيق بين الطرفين، فهل على هذه الشاكلة سيكون عمل القوّة العربية المشتركة؟ ضرب من بقي صامداً في مواجهة ماكينة الاقتلاع الإيرانية وقتله أو دفعه إلى النزوح. وما درجة التنسيق بين أجهزة الأمن المصرية وقاسم سليماني، باعتباره القائد الميداني الحقيقي في سورية؟ وهل ذلك مناسب للأمن القومي العربي؟ هل هذه الحروب التي يراد صرف الأموال والطاقات البشرية العربية من أجلها، لكي تصب، في النهاية، في مصلحة تعزيز مشروع إيران التطهيري، وحماية أمن إسرائيل، لتتفرغ لإبادة من تبقى من عرب في فلسطين؟ قوات على مين!