ردود فعل عالمية مختلفة ضد قائمة “التنظيمات الارهابية” التي أعلنتها دولة الإمارات العربية المتحدة، ومطالبات من عواصم غربية أبو ظبي بمعلومات محددة، حول المعايير التي تم بمقتضاها وضع قائمة ب83 منظمة ومؤسسة ضمن “التنظيمات الإرهابية”
 
 وقال مدير العلاقات الصحفية لوزارة الخارجية الأمريكية جيف راثكي خلال موجز الوزارة من واشنطن “اطلعنا على لائحة منظمات (مصنفة بالإرهاب) نشرتها الإمارات العربية المتحدة قبل أيام قليلة، ونحن على علم بأن 2 من المنظمات التي مقرها في الولايات المتحدة قد تم إدراجها فيها ونحن نحاول الحصول على معلومات عن سبب ذلك”، فيما طالبت وزارة الخارجية النرويجية من الإمارات توضيحاً تبين فيه أسباب إدراج المجلس الإسلامي النرويجي في قائمة الإرهاب، نافيًة صلته بتلك النشطات ومبدية استغرابها من القرار، وطالبت “رابطة مسلمي بريطانيا” بالتدخل لدى الإمارات لمعرفة لماذا تم اسمها من قائمة المنظمات الإرهابية التي أعلنتها الحكومة الإماراتية.
 
استغراب واستنكار
 
وقد قوبل وضع اسماء منظمات وهيئات اسلامية ضمن قائمة “التنظيمات الإرهابية” التي صدر بها قرار  من مجلس الوزراء الامارتي باستنكار من قبل المنظمات والهيئات الحقوقية الدولية، التي وصفته بأنه لا يخضع لأية أسس أو معايير، فقد انتقد “اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا” القرار وقال انه قابل باستغراب بالغ، القرار الصادر عن مجلس وزراء دولة الإمارات العربية المتحدة الذي يضع الاتحاد وعددًا من الاتحادات والمؤسسات المحترمة فيما يسمى “قائمة الإرهاب”، مؤكدا أن التشهير بمؤسسات المجتمع المدني الملتزمة بالسلم، وقيم المواطنة، والحرية، والتفاهم المتبادل هو سلوك غير مقبول.
 
واستنكر الاتحاد -الذى يتخذ من بروكسل مقرا له، في بيان أصدره له – الزجّ باسمه وباسم مؤسسات أوروبية وتخصصية في اتهامات شائنة كهذه، مؤكدا أن هذه الاتهامات بمثابة تعسّف واضح لا يمكن القبول به، وقال: إنّ “اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا” إذ يدين هذه الخطوة المرفوضة التي لا يمكن فهمها أو تبريرها، فإنه يشير في الوقت ذاته إلى طابعها غير المنطقي أيضاً الذي يزجّ بمسلمي أوروبا في صراعات لا مبرر لها، ويمثل إهانة للدول التي منحت التراخيص القانونية للاتحاد والجمعيات الأخرى.
 
اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا
 
واتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا، هيئة إسلامية أوروبية جامعة تشكل إطاراً موحداً للمنظمات والمؤسسات والجمعيات الإسلامية الأوروبية الأعضاء فيه، ويضم الاتحاد هيئات ومؤسسات ومراكز في 30 بلداً أوروبياً، ويعتبر اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا الجناح الأوروبي لتيار الإخوان المسلمين العالمي، وبدأ اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا العمل منذ أواخر الخمسينات الميلادية من الطلبة الوافدين الذين جاءوا بالذات من مصر وبدأو العمل بصفوف الطلاب ثم تطور العمل إلى المؤسسات، وتأسيس العمل الإسلامي هناك علي مستوي كل قطر أوروبي حتي تم تاسيس الاتحاد كمظلة تحوي كل هذه الانشطة علي مستوي أوروبا، وتأسس اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا في بريطانيا أواخر سنة 1989م.
 
مجلس شورى ومكتب تنفيذي
 
ويضم الاتحاد عضوية مؤسسات إسلامية على مستوى أوروبا، وله هيئة عمومية، ومجلس شورى، ومكتب تنفيذي، ويمتلك برنامجاً وخطة لمدة 20سنة قادمة، وله مجموعة من المؤسسات في غير الدول الأوربية، للاتحاد علاقات رسمية واضحة وقوية مع الأجهزة الرسمية الأوربية على رأسها الاتحاد الأوربي، ويهدف إلى الحفاظ على الوجود الإسلامي في أوروبا والارتقاء بمستواه العام وخدمة مصالحه وتمكينه من أداء رسالته في التعريف بالإسلام والدعوة ضمن الأطر القانونية الأوروبية، ويضم الاتحاد اعضاء من العرب والاجانب يمثلون ما لا يقل عن 1000 جمعية ومركز ومؤسسة تعمل في مختلف مجالات العمل مثل الشبابية والنسائية والطفولية، ويوجد اشخاص يعملون في المجالس البلدية
 
مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية “كير”
 
مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية “كير”استنكر إدراج الإمارات له في قائمة المنظمات الإرهابية، وقال”نحن نسعى إلى توضيح من حكومة الإمارات العربية المتحدة عن هذا التقرير الصادم والغريب، والذي لا يستند على أي أساس للحقيقة لتضمين كير ومجموعات أمريكية وأوروبية مدافعة عن الحقوق المدنية في هذه القائمة”، واضاف في بيان له نشره على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”أن المجلس  “مثله مثل أي من المؤسسات الرئيسة التي تمثل المجتمع الأمريكي المسلم، فإن النموذج الدعوي الذي يمارسه كير هو على الضد من الخطاب الذي تستخدمه جماعات العنف المسلحة”، ودعا الحكومة الإماراتية إلى “إعادة النظر في قائمتها وإزالة منظمات مثل كير، وجمعية المسلمين الأمريكيين وغيرهما من منظمات المجتمع المدني التي تشجع على الحقوق المدنية والديمقراطية والمناهضة للأنظمة المسلحة”.
 
وأشار المجلس الإسلامي في بيانه إلى موقفه “المندد” من أفعال داعش، والذي أطلقه في 24 سبتمبر/ أيلول الماضي، ومجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية (كير) أو (cair) بالإنجليزية: Council on American-Islamic Relations أنشأ في عام 1994 ويعتبر مؤسسة متخصصة في الدفاع عن الحقوق المدنية، وحريات المسلمين الأمريكيين أو الاجانب بالإضافة إلى تحسين صورة الإسلام في أمريكا ومشاركة المسلمين في الحياة السياسية الأمريكية ويديره نهاد عوض، وهو يعد من أكبر المنظمات الاسلامية في الولايات المتحدة الأمريكية.
 
وقالت صحيفة “واشنطن بوست” أن إدراج الإمارات لمنظمتين أمريكيتين وهما “مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية” و”المجتمع الإسلامى الأمريكى” ضمن القائمة التى أعلنتها مؤخرا للمنظمات التى تصنفها إرهابية، فاجأ كثير من المحللين فى الولايات المتحدة خاصة، واضافت أن الصدمةلم تقتصر  على المنظمتين الأمريكتين فقط، لكن شمولها مجموعات متنوعة فى أوروبا أيضا تم إدراجها على القائمة، مما جعل الكثير من المراقبين فى حيرة من حجم ونطاق القائمة الكبير، وقد طلبت الخارجية النرويجية صراحة توضيح لإدراج أكبر منظمة إسلامية بالنرويج وهى “المنظمة الإسلامية” فى القائمة.
 
رابطة مسلمي بريطانيا
 
فيما طالبت رابطة مسلمي بريطانيا وهي احدة المنظمات المعروفة، الحكومة البريطانية التدخل لدى الإمارات العربية المتحدة لرفع اسمها من قائمة المنظمات الإرهابية التي أعلنتها الحكومة الإماراتية أخيرا، وقالت الرابطة إن على الحكومة البريطانية “التدخل للدفاع عنا كمواطنين بريطانيين وكمنظمة بريطانية ملتزمة باللوائح والتشريعات في المملكة المتحدة، وليس لها أي علاقة على الإطلاق بالإرهاب أو أي شكل من أشكال الفكر المتطرف”.
 
منظمة الإغاثة الإسلامية
 
ومن بين هذه المنظمات التي شملتها القائمة الاماراتية 14 في أوروبا، منها 4 بالمملكة المتحدة هي: “رابطة مسلمي بريطانيا”، و”منظمة الإغاثة الإسلامية في المملكة المتحدة”، و”مؤسسة قرطبة”، و”منظمة الإغاثة الإسلامية العالمية”، وطالبت رابطة مسلمي  بريطانيا في مؤتمر صحفي عقدته بمقرها في شمال غرب لندن، الحكومة الإماراتية بإعلان أسباب وأدلة وضعها ضمن قائمة المنظمات الإرهابية، وأعلن الدكتور عمر الحمدون رئيس الرابطة، أنه سوف يخاطب وزارة الخارجية البريطانية رسميا للتحرك للحصول على أسباب وأدلة إدراج الرابطة ضمن القائمة الإماراتية، والعمل على حذف اسمها منها.
 
وقال إن “الرابطة تعبر عن إدانتها الكاملة المطلقة للإمارات…ونحن نشكك صراحة في الأساس الذي وضعت عليه هذه القائمة”، وأضاف “لا يمكن أن تؤخذ هذه القائمة مأخذ الجد خاصة أنها صادرة عن حكومة ذات نظام سلطوي يحرم مواطنيه والعمال المهاجرين من حقوقهم الديمقراطية”، ورغم تقليله من أهمية الخطوة الإماراتية، حذر الحمدون من أنها “سوف تعطي اليمينيين المتطرفين ذخيرة للهجوم على المسلمين”، وأضاف “الإجراء (الإماراتي) يفتح الأبواب على مصاريعها لزيادة الإسلاموفوبيا في أنحاء العالم، ما يؤدي نتيجة لذلك، إلى تهميش أصوات الكثير من المسلمين العاديين”، وقال ” أحد أكثر جوانب الخطوة الإماراتية إثارة للقلق هو أنها سوف تضر ضررا بالغا بالمصداقية والعمل الخيٍر، الذي تتابعه العديد من الجمعيات (الإسلامية)، بما فيها رابطة مسلمي بريطانيا”.
 
11فرعا  في أنحاء بريطانيا
 
وأنشئت رابطة مسلمي بريطانيا في عام 1997، ويبلغ عدد فروعها 11 في أنحاء بريطانيا، ويشغل عدد من أعضائها البارزين عضوية مجالس أمناء عدد من المساجد في المملكة المتحدة، ويقول ميثاقها إنها “تؤمن ببعض المبادئ الرئيسية التي تدافع عن تعزيز الديمقراطية وحرية الإنسان والعدالة الاجتماعية وتعزيز المجتمع المدني”، وتخشى الرابطة من أن تعرض القائمة الإماراتية حياة المسلمين العاديين “للخطر”، وقال الحمدون “ربما يجرى استهداف هؤلاء والتعامل معهم على انهم إرهابيون أو أن يصبحوا ضحايا لجرائم كراهية”.
 
هيئة محامين
 
وأعلن محمد كزبر نائب رئيس الرابطة، أن الرابطة سوف تتصل بالإمارات عن طريق سفارتها في لندن، للاستفسار عن أسباب وضعها في قائمة الإرهاب وللمطالبة برفع اسمها من القائمة، وتدعو الرابطة كل المنظمات المسلمة الأخرى إلى إبداء معارضتها لموقف الإمارات، و”أن ترفض علنا قرارها الجائر والشائن” بإدراج المنظمة وغيرها من المنظمات الخيرية الإسلامية في قائمة الإرهاب، قال الحمدون ” سوف ننسق مع المنظمات الأخرى المدرجة على القائمة ونتشاور مع محاميينا بشأن الخطوة التالية”.
 
وطالب الحكومة البريطانية بأن تحذو حذو نظيرتها النرويجية التي طلبت من الإمارات إيضاحات بشأن وضع منظمة “الرابطة الإسلامية في النرويج” ضمن قائمة الإرهاب، ورفضت وزارة الداخلية البريطانية التعليق على إعلان الإمارات قائمتها للمنظمات الإرهابية، وردا على تساؤلات بشأن ما إذا كانت بريطانيا تبحث الآن وضع رابطة مسلمي بريطانيا ضمن قائمة المنظمات الإرهابية المحظورة، قالت متحدثة باسم الداخلية البريطانية”لا ننفي أو نؤكد ما إذا كان يجري بحث إدراج منظمة ما ضمن قائمة الإرهاب”، وأضافت أن معايير حظر المنظمات معروفة وأهمها دعم أو مساندة أو الترويج للإرهاب أو تمجيده أو ممارسة أي نشاط يتصل به.
 
مسجد “فنزبري بارك”
 
وقالت “BBC” أن الخطوة الإماراتية تضع الحكومة البريطانية في حرج واضح يلزمها بإعلان موقفها من اتهام الرابطة بالإرهاب، فقد مُنح مسجد “فنزبري بارك” الشهير الأسبوع الماضي جائزة جودة من منظمة كومنيوتي ماترز (المجتمع يهمنا) المدعومة من الحكومة البريطانية، وتكرم الجائزة مجلس إدارة المسجد الذي يضم أربعة من كبار قادة رابطة مسلمي بريطانيا، من بينهم محمد كزبر نائب رئيس الرابطة، لجهوده في خدمة المجتمع وأسلوب عمله، والتزامه بالقوانين وحسن علاقتها بالشرطة وممثلي المنطقة في البرلمان.
 
واعتبر كزبر خلال المؤتمر الصحفي، أن ماحدث في مسحد فنزبيري بارك، الذي كان يعد أحد منابع الأفكار المتطرفة والإرهاب قبل عان 2005 “دليلا على دور رابطة مسلمي بريطانيا في بناء الجسور بين الجالية المسلمة، وبقية المجتمع في المملكة المتحدة”، وبرر كزبر استنتاجه هذا بأن هذه الجائزة تحمل تصديق هيئة الجمعيات الخيرية البريطانية، التي تراقب عمل المنظمات الخيرية وتركز في الآونة الأخيرة على التزامها بقوانين مكافحة الإرهاب والتطرف، ودعم المنظمات المتطرفة المسلحة في سوريا، فإنها تعني أن نشاط قادة الرابطة لا علاقة لهم بالإرهاب.