كتب - محمد دهشان :

يستمتع الحشد المناهض للثورة أن ينظر إلينا بعيون مندهشة وهو يتسائل: “لماذا تفترض ان يريد الجيش تولي السلطة؟ ليست لديهم مصلحة في أن يكونوا في السلطة! انهم أفضل حالا كونهم مستقلين”.

هذه الحجة بطبيعة الحال هي إما كذب مفضوح أو جهل مرعب, ولكن على أية حال يمكن تصديقها طالما أنه لا يوجد دليل على الامتيازات المالية للجيش من مكانته المتميزة في السلطة، أضف إلى ذلك الشعارات القومية المتناثرة على لوحات الإعلان الممتدة على الطرق والجسور التي بناها الجيش عبر البلاد لإقناعنا أن الجيش يعمل بتفان ويسخر عمالته (غير مدفوعة الأجر ولا خاضعة للضريبة) وفي الاصل عماله تلك هم جنود لخدمة الأمة!

والمتوقع منا بالتالي هو أن نكون ممتنين ونسكت على مخالفاته تلك.

ولكن أحيانا تظهر معلومات ، لتعطينا فكرة عن كم المال الذي يتحصل عليه الجيش من الموازنة العامة للدولة و الضرائب ، إلى جانب ميزانيته الخاصة، بطبيعة الحال. وهناك عدد قليل من المقالات المنشورة مؤخرا والتي تعطينا مؤشرا لطيفا عن الفساد المحيط بـالتعاملات المالية لجيش الدولة.

فيما يبدو أن المؤقت عدلى منصور أصدر مرسوما للسماح للدولة لاعطاء عقود حكومية بالامر المباشر في حالات “الطوارئ”، وهو ما يعني التحايل على نظام المشتريات الحكومية من خلال المناقصات والعطاءات.

فلماذا تذهب من خلال عملية مزعجة من العطاءات لاختيار أرخص مورد … إن كان بامكانك اختيار المورد العسكري بالأمر المباشر؟

ويبدو أن كل عقد للحكومة على مدى الأشهر القليلة الماضية يسري عليه وصف “الطوارئ”.

فعلى مدار الشهرين الماضيين – من أواخر سبتمبر إلى أواخر نوفمبر – تم منح الجيش عقود بقيمة 7 مليارات جنيه (مليار دولار) من العقود الحكومية في البنية التحتية من قبل مجلس الوزراء..

ويمكن تفصيل تلك العقود - المخصصة تحت مسمى “الطوارئ” - كما يلي:

4.7 مليار جنيه لمد 27 جسر و نفق.
2.2 مليار للخطة التنموية في سيناء للسنة المالية 2013-2014.
357 مليون جنيه لمشاريع الإسكان في العريش لبناء 132 مبنى سكني.
170 مليون جنيه لمشاريع الإسكان في رأس سدر لبناء 62 مبنى.

تبع ذلك اعلان وزارة التنمية المحلية في 21 ديسمبر عن عقود بقيمة 2 مليار جنيه مخصصة لمشاريع التنمية الأحياء الفقيرة التي ستمنح للجيش ايضا، وفقا لمذكرة التفاهم التي سيتم توقيعها في الأسبوع التالي.تبع ذلك ايضا مقال آخر مفصل عن بعض مشاريع الإنفاق للوزارة - بخلاف مشاريع تطوير الأحياء الفقيرة التي ذكرت مسبقا - بقيمة إنفاق متوقعة 2 مليار جنيه أخرى لتطوير 14 مزلقان في جميع أنحاء البلاد وكانت تلك العقود بالمثل من نصيب الجيش!

العجيب في الأمر هو كيفية تبرير مسئولين الحكومة لكل هذه العقود : فوزير التنمية المحلية ، (اللواء) عادل لبيب برر منح العقود للجيش قائلا “للتأكد من أنها سوف تنجز بدقة و على وجه السرعة”.

كما علق مجلس الوزراء على تخصيصه لعقود بقيمة 7 مليار جنيه إلى الجيش بسبب “الكفاءة و الانضباط في التنفيذ السريع للمشاريع ، مع ضمان أعلى معايير الجودة.

جدير بالذكر انه يوجد بعض التباين في المبالغ المعلنة (قرأت مبالغ مختلفة لتطوير الأحياء الفقيرة ،تتراوح مابين 1،4 إلى 2 مليار جنيه) ولكن من الواضح أن الجيش قد ذهب يجمع المليارات على مدى الأشهر القليلة الماضية.


إستمرار الحكم العسكري سيؤدي إلى تآكل مزيد من المعايير والضوابط في نظام الحكم، وهو ماسيؤدي وبوضوح إلى القاء البلاد على مشارف الجحيم.