واقعيا وتاريخيا، للجماعة الإسلامية البنجلاديشية ارتباط وثيق بجميع الحركات الديمقراطية التي شهدتها بنجلاديش نحو إرساء دعائم مجتمع ديمقراطي،وهي دائما ما كانت الصوت الصادق الذي يحمل هموم الشعب والدولة.
إلى جانب ذلك، شاركت الجماعة الإسلامية في جميع الانتخابات التي أجريت على المستوى الوطني والمحلي وكلها تقريبا في إطار دستوري. وكان لها صوت قوي في البرلمان.
ونتيجة لذلك، واجهت الجماعة الإسلامية ونشطائها ومنسوبيها قمعا وتعذيبا واضطهادا سياسيا منقطع النظير ،حيث ضحى المئات من النشطاء بحياتهم وتلقى آلاف آخرين إصابات خطيرة في مختلف الحركات الديمقراطية التي شاركوا فيها.فيما الآلاف من قادتها وزعمائها ونشطائها وكوادرها يقبعون في السجن ويواجهون محاكمات منحازة سياسيا. وعلى الرغم من العوائق والعقبات والعراقيل التي يواجهونها فإن الحركة الشعبية من أجل الديمقراطية والانتخاب والحق في التصويت لن يتوقف.
إن وثيقة إعلان الاستقلال قد أكد على نطاق واسع المبادئ الأساسية للدولة الوليدة حديثا وهي على النحو الآتي:
1- المساواة
2- كرامة الإنسان
3- العدالة الاجتماعية
ولكن بعد حصول الدولة على استقلالها قام البرلمان البنجلاديشي المنتخب وقتها والذين كان تم انتخابهم لوضع دستور لباكستان بتمرير قانون يحظر إقامة أحزاب سياسية بناء على أسس دينية ليتم قتل الديمقراطية ونظام تعددية الأحزاب السياسية في البلاد ،كما أن هذا الدستور اقر نموذج الديمقراطية الغربية لبنغلاديش. وفي عام 1975وبشكل مفاجئ وغير متوقع، تم إجراء التعديل الرابع على الدستور الذي بموجبه تم حظر جميع الأحزاب السياسية في البلاد وتأسست نظام الحزب الواحد.
حل نظام الحزب الواحد
في 15 ديسمبر عام 1978،وبأمر رئاسي، ألغى الرئيس ضياء الرحمن نظام الحزب الواحد واستعاد نظام تعددية الأحزاب الديمقراطي في البلاد،وقد سبق ذلك الأمر الرئاسي أمر رئاسي آخر صدر في 4 مايو 1976، بموجبه تم حذف المادة 38 من الدستور وإلغاء كل نوع من انواع الحظر المفروض على إقامة أحزاب بناء على أسس دينية
تشكيل حزب الرابطة الديمقراطية الإسلامية
بموجب الاستفتاء الذي أجري في 30 مايو 1977 والذي منح الصلاحية الشرعية المطلقة لجميع المراسيم الرئاسية التي أصدرها الرئيس ضياء الرحمن ازيلت جميع العوائق التي كانت تقف عائقا أمام تشكيل حزب سياسي بناء على أسس دينية.
في 24 أغسطس 1976، شارك قادة عدد من الأحزاب الإسلامية التي كانت آنذاك في تشكيل إئتلاف سياسي جديد بعنوان "الرابطة الديمقراطية الإسلامية" (IDL).وقد تم تشكيل لجنة مركزية للحزب الجديد IDL بتعيين مولانا أحمد صديق من حزب نظام إسلام رئيسا لها. وأصبح مولانا عبد الرحيم والمحامي سعد أحمد من الجماعة الاسلامية نائبا للرئيس فيما أصبح المحامي شفيق الرحمن من الحزب الديمقراطي أمينها العام. وقد شارك الحزب الجديد IDL في الانتخابات الوطنية التي أجريت عام 1979.
الانتخابات البرلمانية الثانية 1979
عقدت الانتخابات البرلمانية الثانية في 18 فبراير 1979.في هذه الانتخابات،ضمن الحزب البنجلاديشي الوطني التي شكلت حديثا (207مقعدا (من أصل 300)، فيما فاز حزب رابطة عوامي بـ39 مقعدا، وحصل حزب مسلم ليغ على 14 مقعدا. وقد فاز ستة أعضاء من حزب الجماعة الاسلامية والذين تم ترشيحهم من حزب الرابطة الإسلامية الديمقراطية IDL بستة مقاعد في تلك الانتخابات. وكانت هذه هي المشاركة الأولى في الانتخابات البرلمانية.
تشكيل الجماعة الاسلامية بنغلاديش
في 26 و27 و28 مايو من عام 1979 ،عُقد مؤتمر شعبي في فندق عدن في دكا،وقد حضر المؤتمر الشعبي الذي دعا إليه المفكر والداعية الإسلامي عباس علي خان نحو 450 شخص من جميع أنحاء الدولة،حيث وافقوا بالاجماع على إقرار لائحة داخلية في المؤتمر وبموجب هذه الاتفاقية التي تم التوقيع عليها في 27 مايو تم تدشين حزب إسلامي اسمه الجماعة الإسلامية بنغلاديش. وقد تم وضع مشروع دستور الحزب من قبل الجمهور واعتمدوا عليه. وفي وقت لاحق، بدأت جماعة رحلة مع برنامج أربعة نقطة.
تشكيل الخطوط العريضة للحكومة الانتقالية الغير الحزبية
في منتصف عام 1980، قدم الأستاذ غلام أعظم،أمير الجماعة الإسلامية آنذاك ورقة بحثية تتضمن الخطوط العريضة فيما يتعلق بتشكيل نظام الحكومة الانتقالية الغير حزبية والتي يعرف بنظام الحكومة المؤقتة (CGS) لإجراء انتخابات حرة ونزيهة أمام لجنة العمل المركزية للحزب. وفي 7 ديسمبر عام 1980،قدم أمير الجماعة الإسلامية المكلف السيد عباس علي خان الورقة البحثية التي تتضمن الخطوط العريضة للحكومة الانتقالية أمام الشعب في مؤتمر صحفي في مبنى غرين بالي في داكا.
الحركة المتحدة لاستعادة الديمقراطية
في انقلاب ابيض،أطاح رئيس أركان الجيش (CAS) اللفتنانت جنرال حسين محمد إرشاد بالرئيس المنتخب القاضي عبد الستار وأعلن الأحكام العرفية في 24 آذار 1982. وكان ذلك الاستيلاء العسكري بالقوة للسلطة ليقوم بعد ذلك بتعليق العمل الدستور وفرض حظر على الأحزاب السياسية.
على ضوء التظورات التي شهدتها الدولة،اتفق الحزبان الرئيسيان في بنغلاديش حزب رابطة عوامي(BAL)وحزب بنجلادش الوطني (BNP) بتشكيل تحالف حزبي مكون من 17حزبا للحزب الوطني و7 أحزاب لرابطة عوامي لتنحيه الجنرال ارشاد ولاستعادة الدستور والديمقراطية.وفي28 نوفمبر عام 1983، دعا التحالف الحزبي للحزبين الرئيسين لحصار مبنى السكرتارية في داكا إلا أن الاستجابة الشعبية للدعوة كانت ضئيلة جدا.
في وقت لاحق قام الجنرال حسين محمد ارشاد بتعزيز منصبه واستبعد جميع الأنشطة السياسية في البلاد. وقد قامت لجنة الاتصال للجماعة بالاتصال مع كلا الطرفين وخصوصا القادة منهم. حيث اتصل بالبيجوم خالدة ضياء والشيخة حسينة وأوضحوا موقف الجماعة الإسلامية من هذا البرنامج. كما طلبوا من قادة المعارضة تجنب عملية غير ديمقراطية. واتفق قادة التحالفين الرئيسيين في البلاد مع موقف الجماعة الإسلامية وبدأوا بمواصلة الاتصال معها. وقد عُقدت اجتماعات متكررة بين الجماعة الإسلامية وبين التحالفين الرئيسيين لتعزيز الحركة الديمقراطية في البلاد.
في 11 ديسمبر 1983؛ قام رئيس أركان الجيش آنذاك الجنرال حسين محمد ارشاد باعلان نفسه رئيسا لبنغلاديش عن طريق الاطاحة بالرئيس القاضي AFM احسان الدين تشودري.
الانتخابات البرلمانية الثالثة:
جرت الانتخابات البرلمانية الثالثة يوم 7 مايو 1986،حيث شاركت الجماعة الإسلامية باسمها ورشحت 76 مرشحا. في تلك الانتخابات البرلمانية ضمن حزب جاتيا (JP) التي شكلها الجنرال حسين محمد ارشاد 158 مقعدا وحصل حزب رابطة عوامي على 96مقعدا.فيما حصلت الجماعة الإسلامية على 10 مقاعد،وفازت الأحزاب الأخرى بـ 10 مقاعد،بينما ضمن المرشحين المستقلين 22 مقعدا.
شاركت الجماعة الإسلامية في الانتخابات الوطنية للمرة الثانية بطريقة مباشرة وغير مباشرة. وتلك الانتخابات لم يكن انتخابات حرة ونزيهة ولكنها كانت خدعة ضخمة.
الاستقالة من البرلمان
في عام 1987، صعدت الحركة الموحدة لنضالها وكفاحها ضد المجلس العسكري وقدم بعد ذلك 10 نواب من الجماعة الإسلامية استقالتهم إلى رئيس المجلس. وأكد نواب حزب رابطة عوامي (BAL) أنهم سيستقيلون أيضا. لكن وبسبب وجود زعيمة الحزب في جولة خارجية لم يستطيعوا تقديم الاستقالة. في 6 ديسمبر، 1987،حل الجنرال إرشاد البرلمان ليقع حزب رابطة عوامي في اضطراب جنبا إلى جنب مع بعض الأحزاب السياسية الأخرى.
الانتخابات البرلمانية الرابعة:
في 3 مارس عام 1988، تم إجراء الانتخابات البرلمانية الرابعة ولكن امتنعت الأحزاب السياسية المشاركة في الحركة المناهضة للحكومة من المشاركة في تلك الانتخابات.
انتفاضة عام 1990
فيما يتعلق بمسألة المشاركة في الانتخابات البرلمانية لعام 1986، انشقت 5 أحزاب سياسية من التحالف الحزبي المكون من 15 حزبا بسبب قرارهم عدم المشاركة في الانتخابات البرلمانية،وقد شُكلوا فيما بعد تحالف حزبي مكون من 5-أطراف عُرف فيما بعد بالتحالف الراديكالي اليساري. وفي نهاية المطاف قام حزب رابطة عوامي (BAL) بقيادة تحالف حزبي مكون من 8 أحزاب.
وفي أكتوبر 1989،قرر التحالفات الحزبية الثلاثة المضي قدما لضمان اجراء انتخابات برلمانية في ظل نظام الحكومة المؤقتة والتي ابتكرتها الجماعة الإسلامية ما حذا بالحركة المناهضة للحاكم العسكري إلى تصعيد حدتها إلى حد كبير.
وعلى الرغم من أنه كان في وقت متأخر،إلا أن المطلب الشعبي بتدشين نظام الحكومة الانتقالية أصبح ملحا. في 19 نوفمبر عام 1990، اعلنت التحالفات الحزبية الثلاثة كل بشكل منفصل في تجمعاتهم الخطوط العريضة لنظام الحكومة الانتقالية المؤقتة الغير حزبية (CGS). وفي 27 نوفمبر 1990، أعلنت حالة الطوارئ في جميع أنحاء البلاد وفرض حظر التجوال.
إلا أن الطلاب وعامة الناس كسروا حالة الطوارئ وحظر التجول وخرجوا في مسيرات ونظموا المواكب في مدينة دكا. في 6 ديسمبر 1990 وعلى وقع الانتفاضة الشعبية اضطر الدكتاتور العسكري الجنرال حسين محمد إرشاد إلى تسليم السلطة ليشهد بذلك خاتمة الاستبداد العسكري للبلاد، وأصبح قاضي القضاة السيد شهاب الدين أحمد رئيسا للحكومة الانتقالية المؤقتة والتي لا تزال تعتبر الحكومة المؤقتة الأولى لبنغلاديش.
الانتخابات البرلمانية الخامسة:
في 27 فبراير عام 1991، عقدت الانتخابات البرلمانية الخامسة ،حيث فاز الحزب الوطني البنجلاديشي بـ 140 مقعدا، وحصل حزب رابطة عوامي على 86 مقعدا،فيما فاز حزب جاتيا (إرشاد)بـ 35 مقعدا، وحصلت الجماعة الاسلامية على 18 مقعدا وحصلت الأحزاب الأخرى على 19 مقعدا. ويعد هذه هي المشاركة الثالثة للجماعة الإسلامية في الانتخابات البرلمانية
دعم الحزب الوطني البنجلاديشي لتشكيل الحكومة
كان البرلمان الخامس برلمانا معلقا ريثما يتم انتخاب النواب الإناث. فلم يحصل أي حزب على 151 مقعدا والمطلوبة لتشكيل الحكومة. فالحزب الوطني البنجلاديشي حصل على 140 مقعدا وهو ما يعني حاجته إلى 11 مقعدا إضافيا ليستطيع تشكيل الحكومة وكان حزب رابطة عوامي بعيدا جدا عن حسابات تشكيل الحكومة،وفي النهاية كان حساب حزب رابطة عوامي كالآتي:88+ (ارشاد) 35+ الآخرين 19 = 142 مقعدا"،اى أنه كان بحاجة إلى 9 مقاعد إضافية لتأمين تشكيل الحكومة ما يعني أنه بدون دعم وتأييد الجماعة الإسلامية فإن أيا من الحزبين الرئيسيين في البلاد لن يستطيع تشكيل الحكومة،في خضم هذه الحالات السياسية المتصاعدة أرسلت الشيخة حسينة زعيمة حزب رابطة عوامي القيادي البارز في الحزب السيد أمير حسين أمو إلى الزعيم والقيادي البارز في الجماعة الإسلامية الأستاذ علي أحسن محمد مجاهد وطلب منه تقديم الدعم لرابطة عوامي والانضمام الى الحكومة الائتلافية التي ستقودها الحزب وعارضا عليهم بعض الحقائب الوزارية.
من ناحية أخرى،ارسل الأمين العام للحزب البنجلاديشي آنذاك السيد عبد السلام تالكدار رسالة إلى أمير الجماعة الإسلامية المكلف العالم والداعية الإسلامي السيد عباس علي خان لدعم وتأييد الحزب البنجلاديشي لتشكيل الحكومة.
وفى 11 مارس 1991 ووفقا لقرار الحزب، سلم الأمين العام للجماعة الإسلامية الشيخ مطيع الرحمن نظامي جنبا إلى جنب مع علي احسن محمد مجاهد، والأستاذ محمد قمر الزمان والمحامي أنصار علي "رسالة دعم 'إلى الرئيس المؤقت القاضي شهاب الدين أحمد.
في 28 مارس 1991 رشح الحزب البنجلاديشي الوطني 28 مرشحة للمنافسة على مقاعد الاناث المحفوظة في البرلمان فيما رشحت الجماعة الإسلامية اثنين من اعضاء القسم النسائي وهما الحافظة أسماء خاتون وخندكار رشيدة خاتون .وقد فاز جميع المرشحات في الانتخابات من دون منافسة
دور الجماعة في استعادة الشكل البرلماني للحكومة
تم استحداث نظام الحكم البرلماني في الدولة عام 1972 ،وبموجب التعديل الرابع على الدستور والذي أجري في 25 يناير 1975 تم فرض النموذج الرئاسي للحكومة. واستمرت حتى عام 1991.
بعد الانتخابات البرلمانية الخامسة، عادت قضية نظام الحكم إلى الأمام من جديد،إذ بدأت الأحزاب السياسية تدلي بدلوها في القضية.
نظام الحكم الرئاسي هو نظام غير فعال. ورغم أن هذا النظام اثبت نجاحه في الولايات المتحدة الأمريكية،إلا أنها في كثير من البلدان النامية والمتقدمة حولت الرئيس إلى دكتاتور ولم تحقق نجاحا يُذكر،إذ أن هناك العديد من الأدلة التي تشير إلى إمكانية أن يتحول الشخص إلى دكتاتور. فهذا النموذج ينيط جميع صلاحيات رئيس الدولة ورئيس الحكومة لشخص واحد ما يسهل عليه التحول إلى دكتاتور،و على العكس من ذلك، فإن نظام الحكم البرلماني الساري في المملكة المتحدة تمارس بنجاح منذ مئات السنين.
حزب بنجلاديش الوطني كان منذ البداية في صالح النظام الرئاسي للحكومة وزعيمة الحزب السيدة خالدة ضياء ايضا كانت متحيزة بشكل كبير إلى النظام الرئاسي،أما حزب رابطة عوامي فكان قد استحدث نظام الحكم البرلماني في البداية ليستحدث بعد ذلك نظام الحكم الرئاسي.
بعد خسارة حزب رابطة عوامي في الانتخابات البرلمانية الخامسة والتي كانت محرجة جدا للحزب لم يكن لديها خيار سوى التحريض ضد الحكومة. ولم يبق شيء على طاولة حزب رابطة عوامي سوى هذه القضية لخلق الإثارة ضد الحكومة، وعليه قدم حزب رابطة عوامي مشروع قانون التعديل الدستوري أمام البرلمان بسرعة.
اجتمعت لجنة الاتصال للجماعة الإسلامية مع كبار قادة الحزب الوطني بشأن هذه المسألة ودفعوا بحجتهم في صالح نظام الحكم البرلماني،وفي وقت لاحق،أرادت رئيسة الوزراء آنذاك البيجوم خالدة ضياء أن تجلس مع كبار قادة الجماعة الإسلامية للتشاور في الموضوع.ليتم بعد ذلك تحديد موعد وتاريخ الاجتماع،وقد كان في معية رئيسة الوزراء البيجوم خالدة ضياء في الاجتماع السيد عبد السلام تالوكدار والعقيد (متقاعد) مستفيض الرحمن،اما من جانب الجماعة الإسلامية فقد حضر الاجتماع أمير الجماعة الإسلامية المكلف الشيخ عباس علي خان والسيد علي احسن محمد مجاهد والسيد محمد قمر الزمان. وقد انتهى الاجتماع دون توافق في الآراء بشأن هذه القضية،حيث دفع الحزب الوطني البنجلاديشي بحججهم لصالح النظام الرئاسي،بينما دفعت الجماعة الإسلامية بحججها لصالح النظام البرلماني للحكومة ولحسن الحظ،في تلك الليلة، غير الحزب البنجلاديشي الوطني BNP موقفها ونظمت جميع الإجراءات اللازمة لتقديم مشروع قانون تعديل الدستور أمام البرلمان حول هذه القضية.
مقاطعة الانتخابات البرلمانية السادسة:
إن الحركة المتحدة للتحالفات الحزبية الثلاثة الحزب الوطني البنجلاديشي وحزب رابطة عوامي والأحزاب اليسارية هي التي تسببت في الاطاحة بالحاكم العسكري الدكتاتور حسين محمد إرشاد في عام 1990. وكان من نتيجة تلك الثورة الشعبية تأسيس حكومة غير حزبية مؤقتة برئاسة القاضي شهاب الدين أحمد وتعيينه رئيسا للبلاد، وقد استطاعت هذه الحكومة أن تهدي للشعب انتخابات حرة ونزيهة وشفافة ومقبولة لدى الجميع ليقوم حزب بنجلاديش الوطني بتشكيل الحكومة مع الحصول على الدعم الغير مشروط من الجماعة الإسلامية الذين دعموا الجكومة بـ18 نائبا برلمانيا
كان يتعين على الحكومة الحديثة أن تضيف نظام الحكومة الانتقالية المؤقتة إلى الدستور إلا أن المماطلة الحكومية في إضافتها للدستور دفعت الجماعة الإسلامية والأحزاب السياسية الأخرى إلى تقديم مشروع في البرلمان لمناقشة القضية لكن هذه المشاريع لم تر النور بسبب عدم المبالاة من الحكومة. بسبب هذا الموقف المغاير للحزب الوطني البنجلاديشي حصلت الأحزاب السياسية الأخرى على مساحة لتصعيد حدة الثورة ضد الحكومة وكانت الجماعة الإسلامية حليفا أساسيا في هذه الثورة الشعبية،الجماعة الإسلامية التي قدمت دعما غير مشروط للحزب الوطني البنجلاديشي لتشكيل الحكومة اضطرت إلى سحب البساط من تحت أقدام الحكومة نفسها بسبب موقفها المتخاذل،وبعد أن وصلت الأمور إلى ذروتها استحال على الحكومة أن تكمل مشوارها وفشلت في استكمال فترة ولايتها لمدة خمس سنوات ما دفع بالحكومة إلى الاعلان عن إجراء انتخابات برلمانية مبكرة،وفي 15 فبراير 1996 اجريت الانتخابات البرلمانية السادسة والتي قاطعها حزب رابطة عوامي وحزب جاتيا فارتي (JP) والجماعة الإسلامية ،بعد تلك الانتخابات الغير عادية شَكَّل الحزب البنجلاديشي الوطني الحكومة مرة أخرى. وفي غضون أسبوعين، اعتمدت هذه الحكومة نظام حكومة تصريف الاعمال وأدخلتها إلى الدستور وسلمت السلطة.
الانتخابات البرلمانية السابعة:
في 12 يونيو عام 1996،اجريت الانتخابات البرلمانية السابعة، خلال تلك الانتخابات،كان عبد الرحمن بيسواس رئيسا للبلاد،بينما كان رئيس الحكومة الانتقالية القاضي حبيب الرحمن.
عشية الانتخابات،ذهبت زعيمة حزب رابطة عوامي الشيخة حسينة إلى مكة لأداء مناسك العمرة. وعادت من العمرة وهي متحجبة وفي يدها التسبيح،وبهذه الصورة نزلت في الحملة الانتخابية،وقد اعتذرت من الشعب عن التجاوزات الماضية لحزبها وتوسلت للتصويت لصالح حزبها، في هذه الانتخابات، فاز حزب رابطة عوامي بـ 146 مقعدا،بينما حصل الحزب الوطني على 116 مقعدا،وحصل حزب جاتيا على 32 مقعدا،بينما حصلت الجماعة الإسلامية على ثلاثة مقاعد، والنواب الثلاثة المنتخبين للجماعة الإسلامية في هذه الانتخابات هم: العلامة دلاور حسين سعيدي والقاضي شمس الرحمن والسيد ميزان الرحمن شودري،وهذه كانت هي المشاركة الرابعة للجماعة الإسلامية في الانتخابات البرلمانية،وقد شكلت رابطة عوامي الحكومة بدعم من حزب جاتيا (JP) (ارشاد).
تشكيل التحالف الرباعي:
في 30 نوفمبر تشرين الثاني 1999.تم تشكيل تحالف سياسي رباعي مكون من حزب بنجلادش الوطني (BNP)،حزب اويكو جوت الإسلامي،وحزب جاتيا فارتي والجماعة الإسلامية واجتمعت هذه الأطراف الأربعة في شارع "مينتو" لحماية البلاد من طغيان حكومة رابطة عوامي. وبعد الانتهاء من تشكيل التحالف السياسي حث كبار القادة وزعماء الأحزاب المتحالفة الشعب إلى تصعيد حدة الثورة الشعبية ضد طغيان حزب رابطة عوامي.
الانتخابات البرلمانية الثامنة:
في 1 أكتوبر 2001، جرت الانتخابات البرلمانية الوطنية الثامنة في بنغلاديش. وخلال هذه الانتخابات،كان القاضي شهاب الدين أحمد رئيسا للبلاد،وكان القاضي لطيف الرحمن رئيس مستشاري الحكومة الانتقالية. وقبل أن تترك السلطة عينت رئيسة الوزراء الشيخ حسينة الموظفين الموالين لها في المناصب القيادية الحساسة في فترة الانتخابات مثل الإدارة الحكومية،والشرطة، والمفوضية العامة للانتخابات.
قبل انعقاد الانتخابات البرلمانية التاسعة بأيام معدودة سحب الجنرال حسين محمد إرشاد نفسه من التحالف الرباعي بشكل مفاجئ وغير متوقع إلا أن حزب جاتيا فارتي بقيادة ناجي الرحمن منجو بقي مع التحالف الرباعي.
في هذه الانتخابات التي كانت أكثر شفافا وحرة ونزيهة ومقبولة لدى الجميع من الانتخابات الاثنين الماضيةحصل حزب بنجلاديش الوطني على ـ193 مقعدا، وحصل حزب رابطة عوامي على 62 مقعدا، بينما حصلت الجماعة الاسلامية على 17 مقعدا. وحصلت الجماعات الأخرى على 4 مقاعد أخرى .
وتعد هذه هي المشاركة الخامسة للجماعة الإسلامية في الانتخابات البرلمانية.وقد حصلت الجماعة الإسلامية على حقيبتين وزاريتين وهي حقيبة وزارة الزراعة وكان وزيرها أمير الجماعة الإسلامية الشيخ مطيع الرحمن نظامي وحقيبة وزارة الشؤون الاجتماعية وكان وزيرها الأمين العام للجماعة الإسلامية الشيخ علي احسن محمد مجاهد.
بعد سقوطها المدوي في الانتخابات فقدت زعمية الحزب الشيخ حسينة عقليتها وصوابها. إذ أن جميع مخططاتها باءت بالفشل،ورفضت نتيجة الانتخابات واتهمت الرئيس، وكبير مستشاري الحكومة الانتقالية، والمفوضية العامة للانتخابات والإدارة الحكومية بأكملها بالعمل لصالح الأحزاب المتحالفة.
الجماعة الإسلامية: حزب مكافحة الجريمة والعنف
الجماعة الاسلامية حزب سياسي ديمقراطي معارض تماما للإرهاب والعنف،وهي منذ اليوم الأول من تأسيسها لم تشارك في اي انشطة تخريبية في الدولة ولم تدعمها أيضا والجماعة الإسلامية الحزب الوحيد الذي يمارس الديمقراطية في جميع مستوياتها. فكيف بحزب سياسي ديمقراطي يمكن أن يثق في المعايير غير الديمقراطية للشعب؟
إن الجماعة الإسلامية حزب سياسي تأسس بناء على أسس دينية وهذا يعني السلام؛ السلام للدفاع عن النفس والمجتمع والأمة، العالم، البشرية والكائنات الحية. إن الجماعة تقف ضد كل أنواع العنف والأعمال الوحشية،والتخريبية والأنشطة الإجرامية.
وصل حزب رابطة عوامي الى السلطة عبر انتخابات مثيرة للجدل ومشكوك فيها في عام 2009. وفور وصولها السلطة بدأت المؤامرات ضد الوطن والشعب.وقد عملت منذ وصولها على تقليص المساحات للممارسات الديمقراطية.ففي البداية استولت على الحقوق السياسية للجماعة الإسلامية من فرض حظر بشكل غير رسمي على الاجتماعات والبرامج السياسية للجماعة وأغلقت المكاتب المركزية والمحلية للجماعة في جميع أنحاء الدولة. وقامت تدريجيا بمنع الاجتماعات الداخلية للجماعة. والقت القبض على كبار زعماء الجماعة وزجت بهم فى السجن من خلال توجيه تهم باطلة بارتكابهم جرائم حرب مختلفة. وقد كان للحكومة خطط خفية لجر نشطاء ومنسوبي الجماعة الإسلامية إلى العنف لتسطيع أن تظهر للعالم أن الجماعة الإسلامية حزب إرهابي، وبهذه الطريقة أرادت أن تحصل على تأييد من المجتمع الدولي بحيث يمكن لها أن تحصل على شرعية قتل وسحق نشطاء الجماعة ومنسوبيها.ورغم ما واجهوا من عراقيل وعقبات إلا أن قادة الجماعة الإسلامية ونشطائها لم يرتكبوا اية جرائم او عنف .
في عام 2011، لم تكن الحكومة تسمح للجماعة الإسلامية أن تنظم ايّ برنامج سياسي.وفي أواخر عام 2011،نظمت الجماعة الإسلامية موكبا سياسيا في العاصمة إلا أنها تعرضت لاطلاق نار عشوائي من الشرطة ما أدى إلى إصابة العديد من زعماء الجماعة الكبار بجروح بليغة، حتى في ذلك اليوم اتبعت الجماعة الإسلامية سياسة اللاعنف،إذ لم يستخدم نشطاء الجماعة أي أسلحة في مواجهة تصرفات الشرطة الغير إنسانية.
في 4 فبراير 2013 نظمت الجماعة الإسلامية في منطقة "موتيجيل"النقطة التجارية لمدينة داكا اجتماعا حاشدا حضره الملايين من منسوبي ونشطاء الجماعة الإسلامية بفضل عدم عرقلة الشرطة للموكب السياسي الضخم ،في ذلك اليوم شاهد العالم أجمع كيف استقبل قادة ونشطاء الجماعة الإسلامية منسوبوا وكالات إنفاذ القانون،حيث استقبلهم بعصي الورود والزهور .
أعلن حزب رابطة عوامي في بيانها الانتخابي قبل انتخابات عام 2008، بأنه سيتم محاكمة المتورطين في الفظائع التي ارتكبت عام 1971. واعلنت عن صياغة قانون المحكمة الدولية لجرائم الحرب عام 1973،وقد تم إدراج 195مجرم حرب في قائمة المتهمين بارتكابهم جرائم حرب إلا أنه بموجب المعاهدة الثلاثية الموقعة بين باكستان وبنغلاديش والهند تم أطلاق سراحهم.
قامت حكومة رابطة عوامي بإجراء تعديل من وجهة نظر سياسية بحتة في قانون المحكمة الدولية لجرائم الحرب عام 1973؛ وكان الهدف الأساسي والرئيسي لهذا التعديل القضاء على الجماعة الاسلامية. وأنشأت المحاكم المحلية لمحاكمة من اسمتهم بمجرمي الحرب في المحكمة الدولية لجرائم الحرب في محاولة منها إلى القضاء على المنظمات الإسلامية في الدولة.
وقد واجهت المحكمة الدولية لجرائم الحرب انتقادات لاذعة من المنظمات الحقوقية الدولية والمجتمع الدولي بسبب النية السيئة للحكومة وضعف الإطار القانوني للمحكمة،وتشكيل المحاكم دون موافقة الأمم المتحدة،وإجراء تحقيق ذات دوافع سياسية،وتحامل فريق الادعاء والقضاة للمحكمتين. ومنع المحكمة الدولية لجرائم الحرب فريق الدفاع الدولي من الترافع في المحكمة، واختطاف شهود النفي من أمام بوابة المحكمة الدولية لجرائم الحرب والفضائح التي شهدتها المحكمة وهو ما وضع علامات استفهام كبيرة على العملية القضائية برمتها.
في 28 فبراير 2013،أصدرت المحكمة الدولية لجرائم الحرب المثيرة للجدل حكما بالإعدام على نائب أمير الجماعة الإسلامية العالم الجليل العلامة دلاور حسين سعيدي في قضية ملفقة ومفبركة وكاذبة،وما أن صدر الحكم التعسفي والجائر بحقه خرج آلاف المواطنين إلى الشوارع منددين بالحكم مطالبين باطلاق سراحه،وقد قامت الشرطة بفتح النار عشوائيا على المتظاهرين ما أدى إلى استشهاد اكثر من مائة شخص في يوم واحد في جميع أنحاء البلاد. وفي يومين،لقي نحو مئتين وخمسين شخصا مصرعهم واصيب آلاف آخرين معظمهم لم يكونوا نشطاء سياسيين بل كانوا من محبي العلامة دلاور حسين سعيدي ،وقد عرفوا أن حكومة رابطة عوامي تحاول قتله من دون سبب غير الإسلام.
حركة من أجل استعادة الديمقراطية
في عام 2009، قامت السلطات برفع دعاوي قضائية ملفقة ومفبركة ضد الآلاف من نشطاء ومنسوبي الجماعة الإسلامية والأحزاب السياسية المعارضة الأخرى تمهيدا لاستعادة نظام حكم الحزب الواحد في الدولة،ولهذا قامت بإلغاء نظام الحكومة الانتقالية من الدستور.
أجرت حكومة حزب رابطة عوامي الانتخابات البرلمانية العاشرة في 5 يناير 2014وابقت حزب بنجلاديش الوطني والأحزاب السياسية المعارضة الأخرى ومن بينها الجماعة الإسلامية خارج دائرة المنافسة ما أدى إلى فوز 153 مرشحا بالتزكية،وهذه الانتخابات لم يحصل على أية مصداقية لا في بنغلاديش ولا في خارجها ،وهو ما يعني عودة نظام حكم الحزب الواحد إلى البلاد
إن الحكومة قامت بسلب حرية التعبير عن الرأي وكممت افواه الإعلام،لكن المثير للضحك والدهشة والاستغراب هو أن الحكومة ادعت أن الأحزاب السياسية تتمتع بالحرية القصوى،لكن الواقع يقول عكس ذلك فالحكومة قامت بتقنين نشاطات الأحزاب السياسية في الدولة ووصلت الأمور إلى درجة أنها قامت بإغلاق مراكزها ومكاتبها،
في 5 يناير 2015،اعلنت الأحزاب السياسية المعارضة عن تنظيم تجمع سياسي حاشد في داكا لكن الحكومة لم تسمح للأحزاب السياسية المعارضة بتنظيم التجمع وقامت بإغلاق جميع الطرقات المؤدية إلى العاصمة وفرضت حظرا شاملا على تحركات المواصلات ووسائل النقل العامة،وفرضت الإقامة الجبرية على رئيسة الوزراء السابقة وزعيمة المعارضة البيجوم خالدة ضياء في مكتبها.
إن الجماعة الإسلامية ومنذ اليوم الأول من تأسيسها وهي تمارس الديمقراطية في داخلها كما ذكرفي وقت سابق. والجماعة تؤمن بأن السبيل الوحيد لإدارة البلاد هي الديمقراطية،وبما أن الحزب شارك في جميع الانتخابات البرلمانية والمحلية التي أجريت في الدولة وساهم بالتالي في سياسات البلادفإنها تثق أيضا بمبدأ سيادة القانون والشفافية والمساءلة. ومن أروع الأمثلة على ذلك نجاح أمير الجماعة الإسلامية الشيخ مطيع الرحمن نظامي في قيادة دفة وزارة الزراعة وبعدها وزارة الصناعة والأمين العام علي احسن محمد مجاهد في قيادة دفة وزارة الشؤون الاجتماعية بكل شفافية وبنزاهة لا يرقى إليها الشك