بقلم : مجدي مغيرة
من أخطائنا – نحن المصريين – أو بتعبير أدق خطايانا جهلُنا بحقيقة أوضاعنا .
لقد تم تجهيلنا بحقائق الحياة والتاريخ من ناحية ، وتضخيم الذات { الشوفونية – النرجسية } من ناحية أخرى حتى صرنا لا نرى غيرنا ممن هم حولنا إلا من منظور استعلائي أجوف دون أن ندري أن نظرة الآخرين لنا هي نظرة إشفاق في أحيان ، وأحيانا أخرى نظرة سخرية واحتقار ، ولا يدرك البعض تلك الحقيقة المُرَّة إلا بعد سنوات وسنوات .
فنحن نلعن الحقب التاريخية التي رفعت من شأننا وجعلت لنا كلمة وهيبة بين العالمين مثل زمن الخلافة الإسلامية الذي شوهناها في أفلامنا ومسلسلاتنا ورواياتنا وإعلامنا ، بينما نكيل المديح للحقب التي أذاقنا فيها الحكامُ مَرَارَ الظلم والقهر والاستبداد مثل حديثنا المستمر عن الفراعنة والإعلاء من شأنهم والحديث الدائم عن عبقريتهم .
ومثل حديثنا عن محمد علي باني الدولة الحديثة في مصر رغم أنه هدم الإنسان المصري وحطم شخصيته بدليل أن الإنجليز دخلوا مصر بسهولة عقب هزيمة جيش عرابي ، بينما كانت البلاد الأخرى تقاتل المحتلين بشراسة مثلما حدث في كثير من الدول العربية كالجزائر وليبيا وسوريا والعراق ... إلخ .
وكذلك الحديث الحماسي عن فترة عبد الناصر الذي أعاد توزيع أملاك أصحاب الإقطاعيات الزراعية وأصحاب المصانع والشركات الكبرى في البلاد ،رغم أن ذلك حدث بأسلوب أضر الاقتصاد ولم ينفعه ، ومازلنا نعاني بسبب ذلك حتى الآن ، ونردد أيضا أن عبد الناصر حارب إسرائيل ، رغم انكشاف الحقيقة المُرَّة القائلة بأن عبد الناصر قدم خدمات جليلة لإسرائيل ، بينما حوَّلَ مصر من دولة غنية إلى دولة معدمة ممزقة ذليلة ضعيفة .
وفي أيامنا هذه نستأسد على الإخوان المسلمين ونصفهم بالغباء وبالأنانية وبالتحجر وبالجمود ، بل ونشمت في قتلاهم ومعتقليهم ، ونتعامل مع ظلم النظام لهم كأن ذلك أمر بديهي وأن غير البديهي هو معاملتهم بالحسنى .
بينما إذا استطعت تجاوز ذلك الحاجز النفسي البغيض بينك وبين الإخوان ، واطلعت على تاريخهم وفكرهم وخدماتهم ، فلن تجد في كل ذلك إلا ما يستحق الإشادة والتقدير .
فقد قدم الإخوان للبلاد كثيرا من العلماء والمفكرين والباحثين المتميزين في مجالاتهم التي خدموا من خلالها البلاد والعباد .
ويكفيك أن تعلم أن الموسوعة العلمية العربية التي أصدرتها الهيئة العامة للاستعلامات المصرية في 1999م قد صنَّفت مرشدَ الإخوان الدكتور محمد بديع كواحد من "أعظم مائة عالم عربي" .
وأن الدكتور محمد مرسي الذي وصفه المصريون بالاستبن سخرية واستهزاء ، وادعوا – قبل أن يستمعوا إليه – أنه لا يستطيع أن يتحدث بجملة صحيحة تامة ، الدكتور محمد مرسي هذا أنتج خلال مشواره مع العمل الهندسي العديد من الأبحاث المتخصصة في المجالات الصناعية الكبرى في مصر ، ولديه أيضاً عشرات الأبحاث في “معالجة أسطح المعادن” الذي يُعد من المجالات العلمية الدقيقة ، التي شارك بها أثناء عمله في وكالة ناسا على تطوير محرك المكوك الفضائي .
وقل مثل ذلك عن الدكتور محمد سعد الكتاتني العالم في مجال أمراض النباتات ، وخيرت الشاطر رجل الأعمال المتميز ، وصاحب العقل العلمي الدقيق ، والدكتور خالد عودة عالم الجيولوجيا صاحب الأبحاث الدولية المتميزة والدكتور زغلول النجار العالم الجيولوجي المعروف ، وغيرهم وغيرهم عشرات ومئات من العلماء مما يمتلكه الإخوان من طاقات علمية ، في مختلف العلوم الشرعية والطبيعية والإنسانية .
وفي الوقت الذي ينال فيه الإخوان النقد اللاذع من كل من هب ودب تجد التعظيم والتبجيل لأنصاف المتعلمين ولأنصاف السياسيين ولأنصاف المثقفين ولأنصاف الموهوبين .
فإذا جئت لتناقش أحدهم مناقشة علمية هادئة يكون عمادها الدليل والبرهان والتجربة والأبحاث وأقوال العلماء ، وجدته ينظر إليك شذرا ، ويرد عليك باستهزاء ، ثم يبدأ في تشغيل اسطوانته المشروخة عن جهل الإخوان وغبائهم وأخطائهم القاتلة وانتهازيتهم ، فلا تملك عندها غير أن تحوقل وتدعو وتقول : لك الله يا مصر .