بقلم : مجدي مغيرة
على طريقة " هات لي صدقة وأنا سيدك " نجد البعض ينادي بضرورة تقديم تنازلات من الإخوان حتى يوافقوا على الاصطفاف معهم ضد الانقلاب العسكري .
وتتنوع هذه التنازلات إلى درجة قد تصل أحيانا إلى تفريغ جماعة الإخوان من فكر الإخوان ومنهج الإخوان وإنجازات الإخوان ، وتاريخ الإخوان ، وشعبية الإخوان ، ومشاريع الإخوان ، بل والتحكم في اختيار من يقود الإخوان .
فمن المنادين بالدين الجديد دين الاصطفاف من تراه يشترط على الإخوان ترك الساحة السياسية والاكتفاء بدعم الآخرين بالتصويت لهم في الانتخابات والتأييد والتشجيع لهم بالمظاهرات وتوريد الأنفار إذا تطلَّبَ الوضعُ الاستنفار .
وقد تملكني العجب من أحدهم وهو يتهم الإخوان بكل نقيصة لا لسبب سوى أنهم لم يختاروه مرشحا في نقابة مهنية ، وحينما سألته عن المطلوب من الإخوان كي يرضى أجاب بوقاحة عجيبة عن ضرورة امتناع الإخوان عن الترشح في الانتخابات والاكتفاء بتأييد أمثاله فيها.
ومن المنادين بالاصطفاف من يطالب الإخوان بالاعتذار عما ارتكبوه من أخطاء قاتلة دون أن يذكر ما هي تلك الأخطاء القاتلة ، وإن ذكر أمثلة ؛ فهي أكاذيب لا وجود لها إلا في خياله أو في الإعلام الأسود الذي لم يتورع عن نشر أكاذيب ومبالغات عن الإخوان تكفي لتدمير دولة وليس جماعة الإخوان فقط مثل أكذوبة أخونة الدولة ، وأكذوبة تفرد الإخوان بالقرار وامتناعهم عن إشراك الآخرين معهم ، وأكذوبة دكتاتورية الدكتور محمد مرسي ، وأكذوبة فشل حكومة الدكتور هشام قنديل ، وغيرها وغيرها من عشرات الأكاذيب التي ما زال البعض يلوكها بلسانه كأنها حقائق ساطعة ووقائع واقعة !!
ومثل هذه الشروط التعجيزية التي يقدمها البعضُ كي ينال الإخوانُ بركة رضاه ، إنما هي في حقيقتها ابتزاز واستغلال ظنا منه أن الإخوان يحتاجون أمثاله ، أو هي وسيلة للهروب من تبعات وتضحيات مواجهة العسكر بحجة أن الإخوان يريدون الاستحواذ على كل شيء ، ويرفضون التنازل عن أي شيء .
والاصطفاف بهذا المعنى الذي أرادوه هو قتل للروح الثورية ، وتضييع للحقوق الطبيعية التي لا يجوز لعاقل أن يتخلى عنها ، بل تلك المطالب هي قتل للديمقراطية التي ينادي بها هؤلاء الأدعياء ، إذْ من بدائِه الديمقراطية احترامُ إرادة الجماهير التي عبرت عن رأيها من خلال خمسة استحقاقات انتخابية شهد لها القاصي والداني بالنزاهة والشفافية.
فعودة الدكتور مرسي – حفظه الله – وإعادة دستور 2012م ، ومجلس الشورى الذي تم حلُّه عقب الانقلاب ، والقصاص للشهداء ، ومحاسبة المفسدين صارت - هذه كلها - حقوقا واجبة لا مطالب يمكن المساومة حولها .
وأجدني دائما - كلما قرأت لأحد هؤلاء التعجيزيين – أتذكر صنفا من الناس اشترطوا على رسول الله – صلى الله عليه وسلم – شروطا ، واقترحوا عليه اقتراحات ، فلما خالفها النبي نزولا على رأي الأغلبية غضبوا ، وانسحبوا ، واتهموا النبي بأنه خالفهم وأطاع غيرهم ، واعتذروا عن المشاركة في القتال بحجج واهية ، وكأن التاريخ يعيد نفسه ليؤكد حقيقة من حقائقه الواضحة وهي قوله تعالى : " وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَٰكِن كَرِهَ اللَّهُ انبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ " .