بقلم: حسن مراد
أحكم السفاح الانقلابي عبد الفتاح السيسي قبضته الأمنية علي البلاد،وبات يهدد بالويل والثبور كل صوت يعارضه ، بل أمعن في القتل الممنهج خارج نطاق القانون ، وأعطي إشارة البدء في تنفيذ مخطط التصفية الجسدية للمعارضين وعلي رأسهم قادة الإخوان المسلمين عقب مقتل النائب العام الانقلابي في تمثيلية وضيعة قام بالترتيب لها للخلاص من خصومه.
وفور بدء الإشارة قام أكابر المجرمين بتنفيذ مخططهم اللعين بتصفية ثلة من خيرة قادة الإخوان وهم يناقشون أوضاع أسر الشهداء والمعتقلين في مدينة السادس من أكتوبر بعد اعتقالهم وقتلهم بدم بارد.
هذه الإجراءات القمعية جعلت كثير من العاملين للدعوة والمؤيدين للشرعية يتساءلون عن المآل الذي تسير إليه البلاد في ظل تلك الإجراءات،واستبطئ الجميع الخلاص،وسرت في بعض النفوس روح اليأس والقنوط،بل ركن البعض إلي الراحة والدعة متذرعين بالملاحقة والمطاردة.
ماذا يريد السفاح :
يهدف المجرم السفاح من تلك الإجراءات توطيد أركان حكمه ، وتنفيذ الأجندة الصهيوأمريكية في القضاء علي الحركات الإسلامية وفي القلب منها جماعة الإخوان المسلمين والتي تمثل لهم عقبة كئودا لأطماعهم الاستعمارية.
كما يهدف من خلال ذلك أيضا تركيع الشعب المصري وإرهابه وإدخاله شرنقة الخوف، فيهتف له الجميع ، عاش الرئيس ... عاش الرئيس.
هل نجحت الإجراءات القمعية في صناعة مملكة الخوف:
الواقع يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن الإجراءات القمعية التي قام بها السفاح وأقر بارتكابها إقرارا جازما في حفل إفطار الهيئة الهندسية بالقوات المسلحة بقوله " مش عاوز أفكركم بما حدث في 3/7،8/7 ،27/7 ،14/8/2013".
لم تصنع مملكة الخوف لدي المصريين ، ولم تؤثر في البنية التحتية للثورة ، بل إنها صنعت مملكة الحرية ، وأدت إلي استمساك المصريون بحريتهم أكثر من أي وقت مضي ، بل تقلص عدد المؤيدين للانقلاب وراح من حول السيسي كثير من أنصاره ومؤيديه.
عوامل بقاء السفاح إلي الآن:
هناك عاملين أساسيين في بقاء ( السفاح ) عبدالفتاح السيسي إلي الآن يتمثلان فيما يأتي:
أولا : عامل داخلي:
يتمثل في تترس هذا الخائن القاتل في ذراعيه القويين الجيش والشرطة،وما يتبعهما من أجهزة معاونة ( مخابرات عامة وحربية وأمن دولة ) بعد أن نجح في تغيير عقيدتهما وتحويل بوصلة وجهتهما من الحفاظ علي الأمن الداخلي والخارجي إلي محاربة خصومه السياسيين وكبح جماح أي صوت يعارضه،ولا أدل علي ذلك من قيام جهاز الشئون المعنوية بعملية غسل الأدمغة للجنود والصف لتغيير العقيدة القتالية واختزالها في محاربة الشعب.
أما باقي عوامل بقائه الداخلية من أذرع إعلامية وقضائية ورجال أعمال وكنيسة،وإن كان لها بعض الدور في البقاء إلا أنها عوامل ارتكاز ثانوية هشة تتغير فور التخلص منه وإزاحته من المشهد.
أما عن الإعلام والقضاء ورجال الأعمال فهم ينسجون علي نسج مليكهم، ويحكمهم المصالح ، أما الكنيسة وإن كان صوتها الآن عاليا ،إلا أنهم أحرص الناس علي حياة كما وصفهم رب العزة تبارك وتعالي.
عامل خارجي:
ويتمثل في عدم قبول الغرب للتجربة الديمقراطية الوليدة في مصر والتي أتت بالإسلاميين إلي سدة الحكم ، وتعميق الخائن لهذا المفهوم من خلال وزارة خارجيته الانقلابية مع استخدام فزاعة الإرهاب وإلصاقها بالإسلاميين،فضلا عن تعهده للغرب وأمريكا علي وجه الخصوص بالحفاظ علي أمن إسرائيل ابنتهم المدللة في الشرق.
وهذا ما يفسر قيام هذا المجرم من إجراءات تعمل علي استئصال شأفة أهل سيناء وتجريف الأرض،حتى تكون لقمة سائغة لليهود.
عوامل مهمة لكسر هذا السفاح:
أولا : التعالي علي الجراح والآلام:
يجب أن يتعالي العاملون لدين الله علي جراحهم،ويلملموا شتاتهم ، فقد وصفت السيدة عائشة المسلمون بعد وفاة رسول الله كالغنم في الليلة المطيرة٬ حتى قال بعض المسلمين لأبي بكر: ارتدت العرب عن الإسلام٬ وظهرت الفتن في الجزيرة٬ وادعى أناس النبوة٬ واضطربت الأحوال...يا خليفة رسول الله:لا طاقة لك بحرب العرب جميعاً٬ إلزم بيتك٬ وأغلق بابك٬ واعبد ربك حتى يأتيك اليقين.
بيد أن خليفة رسول الله ثار كالموج الهادر في وجه عمر: ثكلتك أمك يا بن الخطاب٬ أجبار في الجاهلية خوار في الإسلام ؟.. لقد تَّم الوحي واكتمل٬ أينتقص الدين وأنا حي؟ والله لو منعوني عقالاً كانوا يؤدونه لرسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم عليه ما استمسك السيف بيدي..فكونوا أيها العاملون لدين الله كخليفة رسول الله صلي الله عليه وسلم.
ثانيا : الحفاظ علي الحراك الثوري في الشارع مهما كانت النتائج :
فقد أبهرت الثورة المصرية الجميع في الداخل والخارج في قدرتها علي الحشد واستمرارها طيلة عامين كاملين بلا كلل ولا ملل،أذهبت فيها النوم عن أعين الطغاة الظالمين ،وأفقدتهم السيطرة علي أعصابهم ، وما تلك الإجراءات القمعية التي يقومون بها إلا لعجزهم عن وأد صوت الثورة الهادر في الشوارع ، ولو فتحت الميادين لرأوا ما لم تره عين.
وقد اتفقت كلمة المحللين السياسيين والمراقبين للشأن المصري أن المعول عليه في سقوط هذا النظام هو حركة الشارع وصمود الثوار.
لذا لا ينبغي لأي نقطة حراك أن تتوقف مهما كانت الظروف والأحوال، فالمجرمون يتقدمون خطوة عندما يتراجع الثوار عنها.
ويجب علي الصف بكافة مستوياته الحفاظ علي هذا المستوي ، وأن يتواصي الجميع فيما بينهم بالصبر والاحتساب ، وعدم العجلة فإن الله تعالي لا يعجل بعجلة العبد.
ولا يفت في عضد الأخ ما يراه هنا وهناك من قتل وتعذيب وتشريد فإن الله تعالي يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس وهذا ما تعاهدنا عليه في أول الطريق وتغنينا به في وقت الرخاء " الله غايتنا والرسول قدوتنا والجهاد سبيلنا والموت في سبيل الله أسمي أمانينا.
سينكسر الانقلاب بإذن الله الكريم ، ولكن إياك أن تنكسر أنت .. فهذه سنة ماضية إلي يوم الدين " ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين * إنهم لهم المنصورون * وإن جندنا لهم الغالبون "
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين