أسامة سعد
 
قتلوك يادويدار... لأنك درت مع الإسلام حيث دار
صفحات من حياة الشهيد
 
*الصورة للشهيد بإذن الله أ. سيد دويدار 
 
يقول النبى _صلى الله عليه وسلم- فى الحديث الشريف الطويل " ألا إن رحى الإسلام دائرة فدوروا مع الإسلام حيث دار"
أخى الحبيب الشهيد \ السيد يوسف دويدار  فارقتنا وبقيت ذكراك الخالدة,لحظات عشناها, وكلمات قلناها, وليال فى سبيل الله بتناها, وخطوات على طريق الحق مشيناها , وهموم للدعوة حملناها, وتحديات واجهناها.
كنا معا وكنت قريبا منك غاية القرب,فوجدت فيك الهمة العالية والروح الهادية, والقلب الحنون, والعين الهتون,والعقل المتوثب والذكاء اللماح, واللسان الطلق, والبيان الآسر, والتفانى فى خدمة الآخرين.
لأنك- ياسيد- عشت بين أحضان دعوة رجالها أحسبهم- ولا أزكى على الله احدا-من عباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما.
نعم كنت معك وقريبا منك حين حملتنا أقدارنا إلى بلد عربى عشش فيه الإلحاد وفرخ ,فحورب الإسلام وأنشأت مدارس "النجمة الحمراء" لتدريس الإلحاد حتى فى المدارس العامة , وياويل من يصوم رمضان حيث كانوا يدورون على الطلاب فى الطابور بكأس الماء فى رمضان ومن لم يشرب يعاقب أشد العقاب.
فى هذا البلد المبتلى قتل العلماء وسحلوا فى الميادين وفى أفنية المدارس يؤمر الطلاب برجم العالم؟؟؟ حتى يموت وهم يهتفون" لارجعية ولاكهنوت ...اضرب اضرب حتى الموت"
فيلفظ هذا الفقيه حامل القرآن أنفاسه وسط هذا الهتاف الهادر , ولوحق الوجهاء وشيوخ القبائل ومن لهم الكلمة والإحترام من الشعب ليبقى الطاغية وحده مسموع الكلمة لاينصرف أحد إلى غيره.
كما منعوا أن يزيد الإسم فى الأوراق الرسمية على ثلاثة أسماء دون ذكر اسم العائلة أو القبيلة حتى لاتعرف الأجيال أجدادها ولا قبائلها ولاعوائلها... 
كما شاع الإلحاد والفساد فى المجتمع والجرأة على الله والشرع فلا تستغرب إذا سمعت من يسب رب العزة فى السوق أو الشارع العام, وكان سفلة الناس يأتون فى رمضان جوار المساجد خاصة يأكلون ويشربون نكاية فى المصلين...
 ناهيك عن مصنع الخمر فى العاصمة وأكشاك الخمر على النواصى... وترى القوم حول هذه الأكشاك آخر النهار صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية, فهذا جالس وحوله أنهار المجارى طافحة ,وآخر مستلق فى الخرائب وبين النفايات والقمامة... هذا والله ما رأيناه بأعيننا وقلوبنا تتفطر حزنا على هذا الشعب الذى اغتال الإلحاد فطرته.
وحين وصلنا هذه البلاد ومعنا سيد دويدار وإخوانه وجدنا الناس فى شوق لاهف إلى سماع كلمة الخير فرحنا معا نتلمس الفطرة الجريحة بكلام الله نداويها وبسنة الرسول نحييها, ووجدنا من الناس استجابة وحبا وتقديرا , غير أن نظام هذه الدولة لم يرقه هذا السلوك فاعتقلنا فى هذه البلاد مرتين.
والذى آلمنا كثيرا وجود نماذج شائهة للإسلام أطلقوا اللحى وقصروا الثياب وتعمموا عمائم بيضاء أو سوداء وراحوا يشوشون على الناس بألسنتهم وخاصة العلماء..هذا فاسق,هذا مارق,هذا زنديق,هذا مبتدع, وهذا ليس من اهل السنة والجماعة وليس من الفرقة الناجية
كان أبناء هذا البلد الطيبون يقولون لنا هؤلاء هم كوادر الحزب الشيوعى, نحن نعرفهم هم السكارى والمخمورون والزناة واللصوص يؤدون فصول مسرحية التى أمروا بها من الحزب فلم نصدقهم... حتى إذا ما انكسر جيش الإلحاد فى هذه البلاد هجر هذا الفصيل المساجد وقعدوا على قوارع الطرق وفى المقاهى والنوادى والكافتيريات فهل هذا مايراد لمصر ؟!!!
كان دورك ونحن معك ياسيد- رأب الصدع وجمع الشمل ومداوة الجراح النفسية والعلل الإجتماعية والمشاكل العقيدية بدواء القرآن وسير العدنان... كنا دعاة خير ورسل وئام وسلام.. وذوا مادل عليه  الإمام البنا حين قال" أنتم روح جديد يسرى فى هذه الأمة فيحييه بالقرآن وصوت داو يردد دعوة الرحمن .."
ودارت بنا الأيام وطوتنا الأحداث ولم تطو هذه الذكريات حتى سمعت بنبأ استشهادك وإخوانك – ياسيد- فذكرت سريعا قوله تعالى " ويتخذ منكم شهداء" وذكرت قول خالد"فلا نامت أعين الجبناء"...
نجوت ونجونا معك ياسيد من الموت المحقق حين أحاطنا جنود هذا النظام ببنادقهم وأنزلوا الأجزاء وصعد القناصة فوق مبانى المكاتب الإدارية بمركز الشرطة التى احتجزونا فيه ومعنا النساء والأطفال ينتظرون إشارة الإجهاز على " مصريين" لاتهمة لهم إلا حمل القرآن وتحفيظه لأبناء هذا الشعب...
نجوت ونجونا معك حين خرجوا علينا فى الطريق الصحراوى وصوبوا بنادقهم فى نوافذ السيارات التى نستقلها وقال أحدهم " انزلوا لنرشكم" نعم لن يرشنا بالماء ونحن فى صحراءوإنما طلب منا أن نصطف ليرشنا بالسلاح الرشاش الذى بيده.
لم يشأ الله أن نموت وصرفهم الله عنا آنذاك وعشت بعدها واحدا وعشرين عاما تؤدى دورك نحو دينك وبلدك , لم يقتلك الغرباء  وإنما قتلك من أهلك وعشيرتك الأشقياء ...فإلى الله المشتكى.
اختار والدك إسم " السيد" لتكون سيدا فى الدنيا وفى الآخرة مع سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب بإذن الله.
هنيئا لك الشهادة ياحبيبى
هنيئا لك صحبة الصالحين ومقام المتقين..
رفع الله ذكرك فى عليين...
وصدق الله العظيم " ولاتحسبن الذين قتلوا فى سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون"