خميس النقيب
فيوضات من الرحمن لامة الايمان في شهر رمضان، صيام وقيام، صدقات ونفقات، بر الايتام وصلة الارحام، تلاوة القران وبلوغ الاحسان " وهل جزاء الاحسان الا الاحسان " الرحمن ، في المقابل منح لا تعد ولاتحصي !! جنة مفتحة الابواب، ليلة القدر خير من الف شهر، محو السيئات واجابة الدعوات " واذا سالك عبادي عني فاني قريب اجيب دعوة الداع اذا دعان " البقرة ، كل هذه النفحات وكل هذه الرحمات لمن تعرض لها، لمن بذل لنيلها، لمن احسن استقبالها فاخلص النية وصحح العبادة واكمل العقيدة ..!! من وفق لعبادته لله واسلم قلبه لمولاه واجمل الانقياد له في الحياة واستعد بايمانه وتقواه ليشمله يوم النجاة، " يوم لاينفع مال ولا بنون الا من اتي الله بقلب سليم "
رمضان بالنسبة للمسلم محطة يتزود منها بالإيمان الذي يعينه في رحلته إلى الله. وفي السنة النبوية آداب عظيمة في استقبال هذا الشهر، وكيفية التعامل معه، والاستفادة من أوقاته الثمينة. ، لكن واقع الناس يتباين في الاستعداد لشهر رمضان الكريم ، فمنهم من يفرح بحلوله ويستعد له بالأعمال الصالحات، ومنهم من يستعد له بأصناف المأكولات، والسهر أمام الفضائيات!! فانتبه ايها المسلم لتكون من الرابحين في رمضان ..!!
من يوفق لينال كل هذه المنح .. ؟!!
الذي جاءه رمضان فوجده قد صام إيمانا واحتسابا ، وقام إيمانا واحتسابا ، وتحري ليلة القدر فقامها أيضا إيمانا واحتسابا . (يفرح الصائم يوم القيامة بإعطاء الرب إياه ثواب صومه بلا حساب صحيح ابن خزيمة
الذي جاءه رمضان فوجده لينا في طاعة الله ، مطواعا لأمر الله ، محبا لرسول الله ، عاملا بمنهج الله ، إذا قرئ عليه القران سمع وأنصت ، وإذا نودي بالإيمان ، أمن ولبي " رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا " ( أل عمران 193).
الذي جاءه رمضان فوجده قد أكرم ضيافته ، وأحسن وفادته ،فراح يقدر منزلته ، ويستشعر مكانته ، ويحصل أجره ..!
الذي جاءه رمضان فوجده قد جعل يديه ممرا لعطاء الله ، راح ينفق بالليل والنهار سرا وعلانية ، بكرة وعشية..!
الذي جاءه رمضان فوجده جوادا كريما ، اطعم أفواها ،وكسي أجسادا ، ورحم أيتاما ، ووصل أرحاما ..!!
الذي جاءه رمضان فوجده قد نصر مظلوما وفك اسيرا وفرج مكروبا واعان مدينا ويسر معسورا ..!!
" من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ،ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة ،ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة ،والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه ،ومن سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة ،وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا حفتهم الملائكة ونزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وذكرهم الله فيمن عنده ومن أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه " رواه مسلم .
الذي جاءه رمضان فوجده يهتم بأمر المسلمين ، يصلح بين المتخاصمين ، ويضع عن كاهل المستضعفين ،ويدعوا للمحاصرين .
الذي جاءه رمضان فوجده وقافا عند حدود الله لا يتعداها ، ولا ينساها ، إنما يحفظها ويرعاها .
الذي جاءه رمضان فوجده أحسن إلي والديه ، طائعا لهما في غير معصية ، بارا و رحيما بهما ..!!
الذي جاءه رمضان فوجده يعلم ما عليه من واجبات فلم يقصر فيها ، وما له من حقوق فلم يأخذ أكثر منها .!!
الذي جاءه رمضان فوجده يقرا القران بتدبر وتفكر ، ويصلي بخشوع وخضوع ، ويعمل لدينه بقصد حسن وفهم جميل .!!
الذي جاءه رمضان فوجده يحافظ علي صلاة الجماعة ، وخاصة صلاة الفجر التي تشهدها الملائكة و تصغرها الدنيا وما فيها .. (ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها ) صححه الألباني .
( يفرح الرب تعالى بمشي عبده إلى المسجد متوضيا ) صحيح ابن خزيمة
الذي جاءه رمضان فوجده يفهم انه لا قيمة إلا بالإيمان ، ولا نجاة إلا بالتقوى ، ولا فوز إلا بالطاعة ، ولا ينال الدرجات العلا إلا رجل مجاهد ينصر العقيدة ،ويجابه الباطل ويحمي الحق وينحاز للصدق " يا ايها الذين امنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين " الاحزاب
الذي جاءه رمضان فوجده يفتتح يومه ( أصبحنا علي فطرة الإسلام ، وكلمة الإخلاص، وعلي دين نبينا محمد صلي الله عليه وسلم وعلي ملة أبينا إبراهيم وما كان من المشركين ) صحيح ثم يستظل بنور الحق فلا يسمع إلا نباه ، ولا يصحب إلا أهله ، ولا يمضي إلا في طريقه ولا يعمل إلا له ، ويظل كذلك حتى يأتيه اليقين ، فيستمع يوم الدين ، بشري رب العالمين "قَالَ اللّهُ هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ " (المائدة 119 ).
الرابحون في رمضان يفرحون بقدوم رمضان كما يفرحون بلقاء الاحباب بعد طوول غياب !! المؤمن يستقبل رمضان بفرحة غامرة كالذي شردت عنه دابته في فلاة وعليها الطعام والماء ثم فجاة وجدها امام نا ظريه فقال من فرط فرحته : اللهم انت عبدي وانا ربك ..!! فقبله الله وفرح به وغفر له ..!!
الرابح في رمضان هو الذي ثبت علي طاعته لله واستقام في طريقه لله فما بدل ولا غير ..!! قال - عز وجل - لنبيه - صلى الله عليه وسلم -: "واعبد ربك حتى يأتيك اليقين" وقال - سبحانه - قبل عن عيسى - عليه السلام -: "وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حياً"..
وذكر لبعض السلف أناسا يجتهدون في رمضان، ثم يتركون ذلك بعده، فقال: بئس القوم لا يعرفون الله - تعالى -إلا في رمضان!!
سياتي رمضان برحماته ونفحاته، بعطاياه وهداياه ، وسينقضي رمضان بأيامه ولياليه ودقائقه وثوانيه، ولئن كان ذلك الشهر موسماً عظيماً من مواسم الخير والطاعة، فليتزود المؤمن منه لما بعده لانه حتما سينتقل من بيت كبيروفرش وثير ومال كثير الي حفرة هي قبر صغير وزاد قليل، سينتقل من عزوة واولاد الي وحشة ما بعدها وحشة، فليعمل العبد لمعاده كما يعمل لمعاشه، وليعمل لغده كما يعمل ليومه، وليعمل لاخرته كما يعمل لدنياه، الرابحون في رمضان يجتهدون لينالوا الجنة فيدخلوها من باب الريان وينادي عليهم " كلوا واشربوا هنيئا لكم بما اسلفتم في الايام الخالية ..!!
اللهم بلغنا رمضان وتقبل منا الصيام والقيام وادخلنا الجنة بسلام ..