عزت النمر :
 
حديث البعض عن الشعب المصري .. فيه غمط لحقوق كثيرة , ويجافي الحقائق التاريخية لحركة الشعوب , وقد يكون فيه من العاطفة تحت ضغط الألم أكثر ما فيه من الواقعية والحقيقة..

أعتقد أننا ينبغي أن ندرس الواقع بحرفية وعقلانية , ومن ثم نبني رؤيتنا وحركتنا على هذة الدراسة بدلاً من أن نستسهل القاء اللوم على شعبنا , وأعتقد كذلك انه يلزمنا أن نبحث عن كنزنا المفقود ورصيد ثورتنا في هذا الشعب , وأن نقر ونعترف أنه حجر الزاوية ومحط الأمل في التغيير القادم , ان أحسنا التعامل معه وادارته.

يسهل على الكثير منا ان يُحصي ويعدِّد أخطاء كثيرة للشعب المصري في القديم والحديث , لا بأس .. أخطأ الشعب , ومن منا لم يخطئ ؟! . وكيف لا نقدم لهذا الشعب عذر بل ألف عذر وقد غصت الفترة السابقة بأخطاء وخطايا من نخبته جميعها ومصادر توجيهه بلا استثناء؟!.

ألسنا نحن جميعاً من أقنعنا الشعب بنزاهة القضاء ؟ ألسنا من صدعنا رؤوسه بشرف العسكرية ؟  وأسرفنا في محاباة مؤسسات كثيرة باعتبارها منا ونحن منها ؟!.. ألسنا من زعمنا أن التاريخ لن يرجع الى الوراء وأن زمن الانقلابات العسكرية ولى الى غير رجعة؟ .. كم في هذا الباب من متسع..

ليس الحوار لاجترار قديم فات وقته , ولكننا نسعى الى جديد واعي نكتشف فيه مراكز قوتنا , وفي القلب منها الشعب المصري الذي هو طريقنا للتغيير القادم والنصر العزيز والحرية الكاملة..

سيقول قائل هناك نماذج فجة وشريحة من الشعب المصري يرتديها كل مستبد وتسعى وارء كل ناعق , وأقول .. نعم هذا صحيح وأبعد من ذلك والأمثله كثير..

لكن نريد ان نميز بين الشعب المصري الذي نريده ونستهدفه وننتظره , وبين كتله صلبة منه داعمة للانقلاب من الساقطين والمنحرفين وأصحاب المصالح والطائفيين وكارهي الدين.. 

لنسعى إذاً للأولين ونتجاهل الآخرين. 

ثمة حقيقتان باديتان لابد من تقريرهما ومن الواجب أن نتوقف عندهما وأن نعمل بهما وعليهما.. 

الأولى أنه لا يوجد عاقل ينتظر أن يتحرك كل الشعب .. أي شعب ..

والثانية أن الانقلاب ونظامه ومفردات حكمه ووجوه رموزه موجودة هنا لا هناك ..

غباء النظام .. رموزه الكريهة .. فسدة مبارك .. مظاهر الفشل المتكرر في كل اتجاه .. في الداخل والخارج .. 

الحياة التي أصبحت صعبة .. الأسعار .. الكهرباء .. الجاز والغاز .. الصحة والتعليم ..الأمن ...كل شيء ..

فشل الانقلاب وسوءاته وبلاويه التي تتساقط على رؤوس الناس كل يوم بل كل لحظة .. 

ثم بعد ذلك .. ألسنا نبصر مخزوناً من الغضب ــ وان كان مكتوماً ــ يزيد وتتسع رقعته وتزيد مساحته ويضم كل يوم شرائح من الشعب جديدة ؟.

نعم .. مساحات الغضب عند الأكثرية يحتويها فضاءات من الخوف فضفاضه .. ولكن لا بأس..

أليس يلزمنا أن نرصد هذا ونحسن قراءته ونسعى للتعامل معه والاستفادة به توجيهه والبناء عليه واستثماره وترقب ثمرته ؟.

علينا في هذه المرحلة أن نقبل عذر الخائفين .. فالدماء كثرت والسجون امتلأت ومازالت الذئاب ترقص على الأشلاء والضحايا ..

إنه لا ينتصب اليوم واقفاً إلا من كان له ظهر من عقيدة ثابتة أو رجولة طاغية أو شجاعة نادرة أو خلق كريم فذ .

أما هؤلاء الطيبين .. فلا يجب أبداً .. أن نحاكمهم .. أو أن نفقد الأمل فيهم .. أو أن نُفْقِدَهم الثقة في أنفسهم ..

وليكن حوارنا معهم حوار ارشاد وتربية لا حوار اتهام ومعايرة , لنبدأ من الآن في خطاب راق يبث الأمل ويقيم الأود ويستدعى الطاقة ووالهمة , ويثبت العزم .. 

ليكن خطابنا .. سنُطب المريض بدوائنا ونُؤمن الخائف في رحابنا ونتلوا على الدنيا كتاب جهادنا.. أليست تلك أخلاق دعوتنا ؟!.

اذا أحسنا في هذا الباب وقدرناه قدره ونجحنا فيه , فانتظروا وأبشروا ولو بعد حين .. 

حركة عنيفة .. هوجة .. انتفاضة .. ثورة .. سمها ماشئت ..

انتظروا حينئذ أملاً عليكم أن تصنعوه , وأبشروا بمارد عليكم أن تعينوه وتدعموه .. انه عملاقكم المنتظر.. 

إنه الشعب المصري .. العظيم 
 
https://www.facebook.com/ezzat.elnemr.9